سينما

سيف الأمير: كيف تحصل على الجنسية النمساوية في بيت السناري بالسيدة زينب!؟


سيف الأمير

في أمسية ثقافية مميزة، برعاية السيد “جورج بوستينجر” السفير النمساوي في مصر، والسيدة “دانيلا هبرتا” نائبة السفير، ومدير المركز الثقافي النمساوي، وتحت إشراف “كارولين فونبانك” نائب مدير المركز، اِستضاف بيت السناري الأثري بالقاهرة في السيدة زينب عرضاً خاصاً للفيلم الوثائقي Far from Being Lipizzans (2025) بتنظيم من السفارة النمساوية، متمثلة بالمركز الثقافي النمساوي، في إطار فعالياته لتعزيز الحوار الثقافي بين النمسا ومصر.
الفيلم، الذي أخرجته “أولغا كوسانوفيتش”، يُعَدُّ عملاً شخصياً ساخراً، يستعرض أزمة الهوية والاِنتماء في أوروبا المعاصرة، من خلال تجربة المخرجة في سعيها للحصول على الجنسية النمساوية.

فيلم Far from Being Lipizzans ليس مجرد سرد لتجربة بيروقراطية، بل هو تفكيك ساخر لمفهوم “المواطنة” في أوروبا؛ حيث تتقاطع السياسة مع التاريخ، والهوية مع الجغرافيا.

تستعرض “كوسانوفيتش”، وهي من أصول صربية، رحلتها في “محاولة إثبات “الانتماء للنمسا، لتكتشف أن المعايير الرسمية لا تعترف بالروابط الثقافية، أو الإنسانية، بل تُفَضِّلُ “الدم النقي” ،
و”الولاء الوراثي”.

الفيلم يستخدم أسلوباً بصرياً بسيطاً، لكنه فعَّال، مع مونتاج ذكي يربط بين مشاهد أرشيفية، ولقاءات شخصية، وتعليقات ساخرة، ما يمنحه طابعاً نقدياً وإنسانياً في آنٍ واحد.
يُقَدِّم الفيلم طرحاً جريئاً لقضية الهوية الأوروبية من منظور ذاتي، بعيداً عن التنميط السياسي، من خلال أسلوب سرد ساخر وإنساني، يجعل الفيلم قريباً من الجمهور رغم تعقيد موضوعه، في إطار إخراج بصري متقن، يعكس التوتر بين الحلم والواقع، والاِنتماء والرفض.

ولكن أحياناً الإيقاع البطيء في بعض المقاطع، قد يُضعف التركيز لدى المشاهد، والطرح النخبوي نسبياً قد يُصَعِّبُ على بعض المشاهدين غير المطلعين على السياق الأوروبي، اِستيعاب كل ما قد أتى في الفيلم.

وقد أضفى اختيار بيت السناري، أحد المعالم التراثية في القاهرة، على العرض طابعاً تاريخياً وإنسانياً، خاصة في ظل حضور جمهور متنوع من طلاب ومثقفين وسينمائيين.

وتناول النقاش، الذي أعقب العرض أوجه التشابه بين أزمة الهوية في أوروبا، وتجارب الاِنتماء في العالم العربي، وأراء بعض المشاهدين من مختلف الجنسيات، خاصة المصريين والنمساويين، والتي أتت أغلبها مندهشة من أسباب صعوبة الحصول على الجنسية النمساوية، حتى لهؤلاء المولودين في النمسا، وللذين يعيشون فيها على مَرِّ سنوات طويلة من جنسيات أخرى، مثل الصربيين والألمان والسودانيين والإيطاليين وغيرهم.

كانت الملاحظات من المشاهدين ذكية ومتنوعة، مع تفاعل وحُسْنِ تنظيمٍ ممن أداروا الندوة، ومن مقدمته “ألكسندرا”، مما جعل الفعالية أكثر من مجرد عرض سينمائي، بل منصة حوار ثقافي.
إن فيلم Far from Being Lipizzans هو فيلم وثائقي ذكي وإنساني، يطرح أسئلة عميقة، حول معنى الاِنتماء في عالم يزداد انغلاقاً.

أما عرضه في بيت السناري، بتنظيم من المركز الثقافي النمساوي، فقد شكّل لحظة تلاقٍ بين التجربة الأوروبية، والوعي المصري، في سياق ثقافي غني ومفتوح على الحوار.


★كاتب صحفي ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى