إذاعة وتليفزيون

عادل العوفي: هل ولَّى عصر مسلسلات  الـ30 حلقة؟

عادل العوفي★

كثر في السنوات الاخيرة  القيل والقال حول  ظاهرة  “المط، والتطويل”، التي أضحت تطارد المسلسلات العربية، وظل النقاد يرددونها مع كل تقييم وحصاد؛ لتتجه أصابع الاتهام للجهة المسؤولة عن هذه “العاهة “، التي تصيب أعمالاً بأفكار جيدة في مقتل، بين من يضع الكُتَّاب، أمام فوهة المدفع، وبين من  يرى أن شركات الإنتاج، والفضائيات المحكومة بدورها بآلة إعلانية، تفرض شروطها كما تريد على الساحة؛ وهنا يطرح السؤال العريض إياه: هل من الضروري أن تستنزف الأفكار في 30 حلقة تحديداً؟

هذا العام يبدو أن تغيراً كبيراً، قد طرأ على “المزاج العام” بعد مؤشرات “خجولة” الموسم الماضي، وأيضاً في غمرة تجارب مهمة جاءت عن طريق المنصات، التي حركت المياه الراكدة، وبسبب نجاح أعمالها القصيرة طوال العام، أعادت عقارب التفكير لدى القنوات التلفزيونية، بضرورة “التنازل” قليلاً، وبالتالي مجاراة العصر، ومتغيراته الجديدة؛ والنتيجة أننا أمام أكثر من 16 مسلسلاً بـ 15 حلقة، نذكر منها: “تحت الوصاية” و”كشف مستعجل”، “علاقة مشروعة” و “جت سليمة” و “الصفارة” و “مذكرات زوج” و “عودة البارون” و “رشيد” و تلت التلاتة” و “الهرشة السابعة” و “بطن الحوت”  و “كامل العدد” و “تغيير جو” و  “رسالة الإمام” و “أخيراً”، بالإضافة إلى مسلسل “الكتيبة 101″ المكون من 20 حلقة ” و “حرب” صاحب الـ 10 حلقات.

مشهد من مسلسل رأفت الهجان

هذا الكم الهائل من المسلسلات يمكن اعتباره “ثورة جديدة” هزت أركان الدراما العربية عامة، مما ينبئ بأن مسلسلات الـ 30 حلقة تلفظ أنفاسها الأخيرة، وقد يكون الموسم الحالي بمثابة المسمار الأخير الذي يدق في نعشها،  لكن قبل أن نكمل سرد المعطيات الحالية، لنعد لنقطة مهمة، تكمن في كون “العراب  الأول” لدراما الـ 30حلقة، هو الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، صاحب الروائع الخالدة الراسخة في الأذهان؛ والملفت أن أعماله كانت تتسم بخطوط درامية متماسكة، وبعيدة عن الملل، والمط، والتطويل، ولعله رفع السقف عالياً، وورط القادمين بعده.

مشهد من مسلسل الشهد والدموع

وهناك ملاحظة ملحة أخرى في هذا الصدد، مفادها أن اغلب كلاسيكيات الدراما المصرية على سبيل المثال، لم تصل للثلاثين حلقة أساساً؛ على سبيل المثال نستحضر مسلسل “رأفت الهجان” في أجزائه الثلاثة وأيضاً “ليالي الحلمية” الذي لم يتجاوز الجزء الأول منه 18 حلقة، ووصل الثاني لـ 25 حلقة؛ ونفس الأمر ينطبق على مسلسل “الشهد والدموع”، والجزء الأول من “المال والبنون”، وكلها أعمال حفرت في وجدان، وذاكرة المشاهد العربي من المحيط الى الخليج.

المؤكد إذا كان عصر الـ 30 حلقة سينتهي، وإشكال الفراغ الذي تشتكي منه بعض المحطات، في النصف الثاني من رمضان مثلاً، لم يعد قائماً على الإطلاق، والدليل أننا هذا الموسم لاحظنا كيف استفادت القنوات من وجود هذا الرقم الكبير من مسلسلات الـ 15 حلقة، حيث احتفظت “بأوراق مهمة ” كي تكمل بها النصف الثاني من السباق الرمضاني  على غرار مسلسلات “تحت الوصاية” لمنى زكي و “تغيير جو” لمنة شلبي و “كشف مستعجل” لمصطفى خاطر، ومحمد عبد الرحمن و “جت سليمة” لدنيا سمير غانم؛ وكلها أسماء لامعة غطت على نهاية مشوار مسلسلات ناجحة أخرى، مثل “الصفارة” لأحمد أمين و “الهرشة السابعة” لأمينة خليل، وغيرها؛ والسؤال المطروح هنا: كم سيكون العدد المتاح للموسم الرمضاني القادم يا ترى، لاسيما بعد الأصداء الإيجابية الكبيرة حالياً؟ وهل استسلمت القنوات التلفزيونية، ورفعت الراية البيضاء كلياً، بناء على المعطيات الآنية، معترفة بسلطة المنصات، وعصرها القادم لاكتساح الأخضر واليابس؟.

ـــــــــــــــــــــــــــ

★ كاتب وصحفي ــ المغــرب

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى