مشاركات شبابية

عبد الملك الذويب: للأذان مقامات.. وخشوع

عبد الملك الذويب★

“المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة”، هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم في فضل المؤذن، وهذا دليل على عِظم ومكانة الأذان في ديننا الإسلامي، حيث ترجع عِظمة قيمة الأذان لأسباب عدة؛ أبرزها المناداة للصلاة، والتي هي بالطبع عمود الدين.

ويحمل المؤذن على عاتقه مسؤولية كبيرة، تجاه الإسلام والمسلمين، فكما هو مسؤول عن مناداة المصلين إلى الصلاة، هو مسؤول عن تعريفهم بأوقات الصلاة.

مقام الصبا للفجر

لكل أذان من الصلوات الخمس مقام خاص بها، ففي آذان الفجر يتم استخدام مقام “الصبا”، وهذا المقام يمتاز بالهدوء والخشوع، المناسب للأجواء الروحانية المرتبطة بوقت الصلاة، حيث يحرك المشاعر، خاصة حين تقرأ فيه جملة “الصلاة خير من النوم”، وهو أفضل مقام صوتي يستطيع القارئ أن يعبر من خلاله عن تفاعله مع الآيات، عن طريق استخدام الجواب والقرار، وقيل أيضا إنه مقام شرقي يلامس الروح.

ومن الجدير بالذكر، أن اللفظ الزائد في أذان الفجر، وهو (الصلاة خير من النوم)، له حكاية، أصلها أن بلالاً رضي الله عنه، أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه بصلاة الفجر، فقيل هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم في أذان الفجر، فثبت الأمر على ذلك.

الرست للظهر

أما أذان الظهر فيكون على مقام “الرست”، إنه مقام يبعث على السعادة والرضا، فكلمة الرست تعني المستقيم الحقيقي، ويعتبر هذا المقام أكثر المقامات التي تعبر عن الشخصية المستقيمة، ويُعد من المقامات المفضلة لتلاوة الأذان لما فيه من وقار وجدية.

وللعصر الحجاز  

في حين أن أذان العصر يكون عادة على مقام “الحجاز”، هو من المقامات الشرقية القديمة، حيث تعود أصوله التاريخية إلى أرض الحجاز، يُستعمل في أغلب الدول العربية، ويمتاز بالجانب العاطفي، حيث إن الاستماع له يؤدي إلى الكثير من المشاعر الجياشة.

السيكا للمغرب

أما أذان المغرب فيأتي على ” مقام السيكا “، الذي يعبر عن الفرح والانبساط، ويدل على المودة والمحبة، واليسر والمغفرة، وكل هذه المشاعر تتناسب مع طبيعة آذان المغرب، الذي يمتاز بسرعة الوقت وقصره.

مقام البيات للعشاء

وأخيراً أذان العشاء الذي يكون على مقام “البيات”، ويعرف هذا المقام بالسهل الممتنع، والهدوء، لذلك فهو يؤدي إلى الخشوع، ويقال إن هدوء هذا المقام يتناسب وسكون الليل، حيث يتجه الناس للراحة من أعمالهم آخر اليوم، بعد التعب الشديد والإرهاق طوال اليوم، ويعتبر مقام (البيات) المقام الأكثر انتشاراً من بين جميع المقامات الأخرى.

لا يصح بغير العربية

ومما لا شك فيه، أن هذه المقامات تعرّف المسلمين بأوقات الصلاة كما ذكرنا آنفاً، إلا أن كثيراً من الدول الإسلامية لا تعطي لهذه المقامات حقها، والبعض يحول الأذان لغير الناطقين باللغة العربية، الذين يتعثرون في اللفظ أثناء الأذان، وهذه ظاهرة سلبية، تقلل من قيمة الأذان بين المسلمين، وهذا ليس تقليلاً من تلك الفئة، لكن كما هو معلوم، بأن الأذان لا يصح بغير اللغة العربية السليمة، وهذا ينتج من عدة أسباب منها التكاسل من المسؤولين عن الأذان، سواءً مؤذنون أو أئمة، أو تقاعس بعض المسؤولين المعنيين بشؤون المساجد، وهو أمر نتمنى على وزارة الأوقاف أن تهتم به، لأن الأذان يترك الكثير من الأثر الطيب في نفوس البشر، فإذا كان صوت المؤذن مؤثراً، سيتعمق هذا الأثر.

ـــــــــــــــــــــــــ

★طالب في قسم النقد والأدب المسرحي ــ الكويــت

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى