إذاعة وتليفزيونمشاركات شبابية

ريناد عماد:”صوت وصورة”.. قوة الكتابة.. عبقرية الإخراج ٠٠وسلاسة الأداء.

ريناد عماد★

منذ بداية عرضه حظى مسلسل (صوت وصورة) بمتابعة الجماهير والنقاد على حد سواء، فالمسلسل يعكس التطور المذهل للصناعة التلفزيونية المصرية ويقدم نموذجًا رائعًا للدراما الاجتماعية المعاصرة.

يعالج “صوت وصورة” قضايا مثيرة ومحفزة للتفكير من خلال شخصيات معقدة وأحداث مثيرة، تدور حول شخصية “رضوى”، التي تجسد معاناة المرأة الضعيفة أمام قوى الظلم والتحرش، حيث يلقي الذكاء الاصطناعي بظلاله على العمل بطريقة غامضة ومثيرة.

تتراكم الأدلة ضد “رضوى”، مع توفر لقطات الفيديو لجريمة القتل، وتبدو كل الأشياء واضحة وضوح الشمس، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي إلى الصورة، كعنصر يقلب الموازين رأسًا على عقب. بفضل تقنياته المتطورة، حيث يبدأ في كشف الألغاز وإثبات براءة “رضوى” في جريمة القتل.


تشويه الحقائق؟.!
المسلسل يعالج ببراعة أزمة وسائل التواصل الاجتماعي ومساوئها، ويركز على كيفية تأثير هذه الوسائل على حياة الأفراد والمجتمع بشكلٍ عام، وكيف يمكن أن تشوه الحقيقة وترتكب الظلم بواساطتها، ويكشف عن الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في تضليل الواقع وتشويه الحقيقة.
تأخذنا الأحداث إلى منعطفات مثيرة عندما يتطوع المحامي لطفي عبود (صدقي صخر) للدفاع عن “رضوى”، بمساعدة صديقه العبقري وافي معتمد الذي يجسده دوره( عمرو وهبة) ، الخبير في مجال وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي.
سيناريو متقن
مسلسل “صوت وصورة” قصة ذكية ومعقدة تركز على قضايا اجتماعية وإنسانية هامة، مع تصاعد التشويق والتوتر مع كل حلقة، مما يجعله واحدًا من أبرز الأعمال التلفزيونية في الوقت الحالي.
أحد أبرز العوامل التي تجعل من مسلسل “صوت وصورة” متميزًا هو السيناريو المتقن والمعقد الذي كتبه «محمد سليمان عبد المالك» ، كونه يتناول المسلسل قضية مهمة تتعلق بالتحرش والانتقام، ويفعل ذلك بأسلوب حادٍ وواقعي.
يتباين السيناريو بين الأحداث الجارية والعودة في الزمن لكشف تفاصيل مختلفة. هذا الأسلوب الروائي يحافظ على توتر المشاهدة ويثير استفسارات الجمهور بشكل مستمر.
أداء متميز:
دور الممثلين في مسلسل “صوت وصورة” هو عامل رئيسي لنجاح العمل. يقدم الممثلون أداءً متميزًا وعميقًا يلقى إعجاب الجمهور ويجعل الشخصيات تبدو واقعية ومعقدة.
تألق في الأدوار :
لأن العمل الفني يعتمد في جزء كبير منه على أداء الممثل الذي يمثل الصورة الأخيرة التي يقابلها المشاهد، دعونا نلقي الضوء على أداء الممثلين في هذا المسلسل وذلك كالتالي:
حنان مطاوع (رضوى): تلعب دور الفتاة المتحرش بها والمتهمة بجريمة القتل.
حنان مطاوع تقدم أداءً متألقًا ينقل عمق شخصية رضوى وصراعها. تظهر قوة وإصرار الشخصية في الدفاع عن حقوقها، وفي الوقت نفسه تجسد الجوانب الهشة والضعف في شخصيتها.


مراد مكرم (الدكتور عصام): يلعب دور الطبيب المشهور الذي تقصده رضوى ويحاول التحرش بها. أداء مراد مكرم يظهر قدرته على تقديم أدوار معقدة ومتعددة الأبعاد، بتمكنه من تجسيد شخصية عصام ببراعة وجعل المشاهدين يكرهونه وفي نفس الوقت يشعرون بالاشمئزاز منه.
-نجلاء بدر (نرمين): تقدم نجلاء بدر أداء مذهلًا في دور نرمين، زوجة عصام. بحيث تنتقل بين القوة والهشاشة بطريقة مذهلة، وتجسد شخصية معقدة تتعرض لصدمات متعددة بسبب زوجها.
الممثلة نجلاء بدر قدمت أداءً مذهلًا في مسلسل “صوت وصورة”، حيث تمكنت ببراعة من تقمص دورها وجعلت الشخصية تبدو واقعية ومعقدة،  تم نقلها للشاشة بطريقة مميزة وقوية، مما أثار إعجاب الجمهور وجعلهم يشيرون إليها بإعجاب كبير.


صدقي صخر (لطفي عبود): يلعب دور المحامي الذي يقرر الدفاع عن رضوى. صخر يقدم أداءً رائعًا، من خلال شخصية المحامي الذي يتميز بمستوى عالٍ من الثقة والمهارة في أداء أدواره، فظهر بكاريزما ملفتة وحضور قوي على الشاشة، ولديه قدرة استثنائية على تقمص الشخصية بشكلٍ احترافي ومنظم،  يبدو وكأنه يتحكم في الشخصية التي يجسدها بسلاسة واقتدار، يجذب انتباه الجمهور بشكل غير عادي ويخترق الكاميرا بثقة ملحوظة. ببساطة، أنه من بين الممثلين الذين يجعلونك تندمج تمامًا في القصة وتنسى أنك تشاهد عملًا تلفزيونيًا.


عمرو وهبة (وافي معتمد): يجسد دور شخصية طيبة ومميزة بطريقة مختلفة.
(وافي) عبقري في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مما يمنحه دورًا مهمًا في كشف الحقائق وحل الألغاز، إلى جانب ذلك، يمتاز بروحه المرحة والكوميدية، مما يُضيف للمسلسل جوًا من التسلية والضحك.‎
وليد فواز (عبدالغني): يشهد المسلسل رجوع الفنان الرائع وليد فواز بعد غياب ،  الذي قدّم أداءً متميزًا في أعمال سابقة كـ “السبع وصايا” و”٣٠ يوم” و”من ضهر راجل” تألق في مسلسل( صوت وصورة) بفن قوي وأداء استثنائي يُحاكي قصة الضعف والتحديات، كما يعيد فواز تعريف مفهوم الأداء الاستثنائي من خلال دوره المذهل في هذا المسلسل، بتقنياته الفنية الرائعة وتفانيه في تجسيد شخصية “عبد الغني”، هنا نحن نشهد فنانًا يتقن فن التمثيل بكل معانيه، وفي هذا المسلسل، يظهر فواز بشخصية الضحية المقهور المغلوب على أمره ، زوج متخلي عن زوجته، يواجه التحديات والصعوبات في الحياة الزوجية، يقدم أداءً يتجلى فيه الضعف والقوة، حيث يُظهر عبد الغني جوانب الشخص الذي يتنازل عن حقوقه من أجل الهدوء والسكينة، وفي الوقت نفسه يحمل أعباءً كبيرة، ولكن ما يبرز في أداء فواز هو القدرة على نقل المشاعر بشكلٍ حقيقي ومؤثر،كما يستخدم تغيير نبرة صوته، وتعابير وجهه، وحتى حركات جسده ليعبر عن الصراعات الداخلية لشخصية عبد الغني. هذا الاستمرار في إثراء الدور بالعمق يمكننا من فهم تحولات الشخصية والتفاعل معها بشكل أفضل مما نجح في تحقيق اتصالًا فريدًا مع الجمهور.

بشكلٍ عام، يعتبر أداء الممثلين في “صوت وصورة” متميزًا ومؤثرًا، حيث نجحوا في تجسيد الشخصيات بأسلوب يجعل المشاهدين يتفاعلون مع القصة ويعيشون معاناة وصراعات الشخصيات، فأسهم هذا الأداء المميز في نجاح المسلسل.
قضية حساسة؟!
“صوت وصورة” يتعامل بشكل مهم مع قضية التحرش وما يرافقها من تحديات اجتماعية، حيث يسلط الضوء على التحرش من زوايا متعددة ويظهر كيف يؤثر على الضحايا والمجتمع بشكل عام، فالمسلسل ينقل ببراعة رسالة توعية حول هذه القضية الحساسة.


عبقرية المخرج في فن التفاصيل:
من الجدير بالذكر أن إخراج مسلسل “صوت وصورة” . فالمخرج «محمود عبد التواب» قدّم العمل بطريقة مميز ة، حيث استطاع أن يخلق توترًا وتشويقًا في كل مشهد، فبدا السيناريو والإخراج بشكلٍ متجانس لينقلا القصة بأكثر الطرق إقناعًا.
حيث يتألق المخرج عبدالتواب وفريق التصوير في المسلسل بإتقان استخدام اللقطات القريبة، مما يجعل المشاهد قادرًا على فهم عمق المشاعر والأحداث دون الحاجة إلى الحديث. حيث يبرع عبد التواب في تسليط الضوء على اضطرابات وقلق وكذب في الشخصيات بشكل مميز، بعبقريته الأبداعية، حيث يُظهر بخبرته الواضحة التناقضات والصراعات بين الشخصيات من خلال تشويش وطمس وتظليل وجهها بطريقة فنية رائعة. وبتفريغ الوجه إلى نصين، حيث يعكس الوجه المشوش المظلومية، في حين يكشف الوجه الواضح عن الحقيقة أو التظاهر بالبراءة ببراعة فائقة.
تقنيات المخرج تتجلى في توجيه الانتباه وخلق التشويق، مما يضفي عمقًا إضافيًا على السيناريو الذي كتبه «محمد سليمان عبدالمالك» وهنا يظهر للمشاهد الجمال الحقيقي في استخدام السينما كفن، حيث يجمع بين الصورة، الإضاءة، الموسيقى، والصوت بتناغمٍ فني في لحظة من العبقرية، وحبكة تتعمد التضليل والتشويش على الجمهور بتقديم العديد من الجوانب للجريمة، مما يجعل العمل أكثر تعقيدًا وإثارة.


انتظار بفارغ الصبر
يستمر مسلسل “صوت وصورة” في تقديم المزيد من المفاجآت والتطورات المثيرة للمشاهدين، فقد كشفت الحلقات السابقة عن تورط نجلاء بدر بشخصيتها “نيرمين” في قضية مقتل دكتور عصام، وقام بتجسيدها الفنان «مراد مكرم»، هذا التطور المثير يجعل المشاهدين ينتظرون الحلقات القادمة بفارغ الصبر لمعرفة مزيد من التفاصيل والمفاجآت في القصة.
رسالة اجتماعية هامة
“صوت وصورة” ليس مجرد مسلسل تلفزيوني عادي، بل هو رحلة استكشافية درامية تثير العقول وتشحذ التفكير، من خلال سيناريو متقن وأداء ممثلين رائعين، ينجح المسلسل في تقديم رسالة اجتماعية هامة وإعادة توجيه الأضواء نحو قضايا مُلحة في المجتمع المصري والعربي.


طالبة بقسم الدراما والنقد – جامعة عين شمس -مصر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى