ريم ياسين: لماذا حصد “غرفة مغلقة” كل هذه الجوائز ؟!
ريم ياسين ★
لم يكن غريبًا أن يحصد عرض (غرفة مغلقة) لفرقة (مودلياني) على كل هذه الجوائز التي اتفقت لجنة تحكيم (مهرجان آفاق المسرحي العربي) في دورته التاسعة على منحها للعرض حيث اقتنص العرض :جوائز أفضل ديكور، أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل إضاءة، أفضل استعراضات، وشهادة تميز في التأليف.
كما جاء في نتائج المهرجان الذي حمل اسم الفنان الراحل كرم مطاوع، واختتم موسمه لهذا العام في احتفالٍ أُقيم في مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية.
العرض المسرحي( غرفة مغلقة) تأليف روماني جميل، وإخراج كرولس ناجي ، تضمن عناصر مسرحية جذبت أنظار الجمهور، حيث تدور أحداث العرض، حول فنان تشكيلي له العديد من اللوحات، والتماثيل المنحوتة، التي تُعبر عن حالته النفسية والاجتماعية ، ولم تقتصر فرشاته فقط، على الرسم والتلوين، بل رسمت له عالمه الآخر داخل ذهنه، والذي بدأ هذا الخيال، يراه هو فقط بعينيه المجردة.
لا سبيل للخلاص!
يبدأ العرض برقصة صامتة، لفريق العمل حول البطل “نائل”، في حركات دائرية مرتدين اللون الأسود، ويجذب كلٌّ منهم البطل من ناحية، للتعبير عن قوة أفكاره في الزمن الماضي، ومحاولة للاستحواذ على قدرة إدراكه للحاضر، وتركيزه في الواقع، ويتضح من حركاته التعبيرية، أنه يريد الهروب منها، ولكنه لا يرى أي منفذ، أو سبيل الخلاص، وبالفعل تنتصر عليه أفكاره، ويتضح ذلك من خلال عدة تعبيرات للشخصية، وتأثير الجو العام عليها ، حيث بدت عليه العزلة، وعدم الاهتمام بالشكل الخارجي، فقد ظهر بشعرٍ وذقن غير مهندم وأبيض، للدلالة أنه أفنى عمره داخل غرفته المغلقة، وأن شكله لا يليق بفنانٍ تشكيلي، وبملابس غير منسقة، تظهر عليها بقايا الألوان، بالإضافة للجسم الهزيل، والبشرة الصفراء، للدلالة على إهماله لصحته، كلُ هذه العناصر الخارجية، نتيجة لعدة عوامل نفسية، مثل التعلق المرضي بالماضي، مما وَلَّدَ لديه مشكلة الفقد بشكلٍ عام، وأيضًا تعليق مشاكله على “شماعة” الآخرين، وتقمص دور الضحية، مما سبب تَخَلِّي كل من أحبهم عنه، وبالتالي أدَّى إلى غرقه في وحدته، ندرك ذلك من مواجهته لبعض شخصيات المسرحية بهذه الصفات، ومن خلال حواره مع “فادي وهيب”، تبين لنا صفة التحدث عن الإنسانية والطموح، ولكنه مازال يقف عند نقطة الصفر، وهذه الصفات الكامنة فيه، أثرت على علاقاته الاجتماعية، فكان نائل من طبقة فقيرة، لعدم استغلاله لموهبته الفنية في رفع مستوى معيشته، وتبين من قطع الديكور بساطة أثاث بيته،وشخصيته السيكوباتية مما أثر على علاقته الأسرية بزوجته، وطفله، وترك أي علاقة عاطفية ، فظلت كل هذه المواقف التي يغير من سياقها في عقله، هي ملجأه الوحيد.
براعة
العرض أثبت براعة الممثل الذي قام بدور شخصية الرسام، حيث لاحظنا كل هذه العناصر التي ذكرناها في أدائه للدور، وإظهار هذه المشاعر المتراوحة، بين عدم الثقة والعزلة، ففي معظم المشاهد كان يميل للانكماش كما في مشهده مع والدته، وانهياره من مواجهة الحقيقة، بالجلوس على الأرض، مع سد أذنيه، كما كان دائمًا يركز على فكرة انحناء الظهر، لإبراز الإحباط، والحزن الذي يتعايش معه، ويأبى الفرار منه في عالمه الذهني، وإبراز فكرة الخلاص التي تراوده باستمرار، من خلال عقيدته الدينية، التي أثرت عليه بشكل كبير في فنونه، وخاصة في اللوحة في خلفية المسرح، حيث تبرز صورة السيد المسيح.
حوار تقليدي!
الحوار في هذا العرض، حوار تكرر في العديد من المسرحيات، حوار مليء “بالكليشيهات” أي أنه لا يوجد نوع من التجديد في كتابة الحوار ، لإبراز الفكرة الرئيسية، بالإضافة إلى أن المزج الحادث بين العربية الفصحى تارة واللهجة العامية تارة أخرى وخاصة اللهجة اللبنانية التي لم يكن لها مبرر ، والعربية الفصحى تارة أخرى مما تسبب فى التشتت لعدد من المتلقين في صالة العرض، ولكن لا ننكر أن الحوار احتوى على جمل، تُعَبِّرُ عن عدد من المواقف الإنسانية، التي لمست قلوب المتفرجين ، ومن الملاحظ أن بطل المسرحية “نائل سراج” في نهاية عدة من المشاهد، كان يزيد من حدة نبرة الصوت في أثناء إلقاء الحوار، مما أحدث صعوبة في استيعاب الكلمات ، ولكن هذا لا يمنع أنه في مشاهد أخرى، استطاع إيصال هذه الحالة المضطربة والمسيطرة عليه، للجمهور.
بائعة الخبر موهوبة
من خلال الحوار بدأ التعرف على الشخصيات بشقيها الرئيسي، والثانوي، والتعبير عن كيانها القائم في المسرحية، حيث تخلل الحوار فكرة ” كسر الحائط الرابع” مع الجمهور، وتم ملاحظة ذلك من خلال تفاعل الممثلين مع الجمهور، فمعظم الوقت كانت توجه الشخصيات الرئيسية الحوار، للجمهور، وكأنهم من مشاركي العرض، وأكثر من قام بهذه الخاصية، “بائعة العيش”، التي دخلت من باب المسرح مناديةً بأعلى صوتها، عن بضاعتها من خبز طازج، حيث قامت بتوزيعه على الجمهور، في جو كوميدي استطاع أن يُهَدِّىء قليلًا من حدة المسرحية، بإضافتها نوع من البهجة، والتسلية في ظل أجواء التوتر السائدة في العرض ، حيث ظهرت في ملابس “شعبية ” مع ربطة الرأس، وحملها لصندوق الخبز، للدلالة على الشقاء، الذي تتعرض له طوال اليوم، لذلك قامت بإعطاء نائل الصندوق بمجرد وصولها منزله، وكأنها وجدت أخيرًا من يستطيع رفع الحمل عنها، لنتبين أيضًا من خلال حديثها قدرتها البسيطة جدًا في التعليم،لِانبهارها في اللوحات، والتماثيل الموجودة، لمجرد جمال شكلها الخارجي، وعدم فهم المغزى من هذا الفن، و أيضًا عدم معرفتها لهذه الأغنية التي تتكون عندها من نغمات تدندن بها، دون معرفة من يغنيها، بالنسبة لها كانت ألحان تزيل بها همومها، في هذا اليوم الشاق، وتقي بها وقت اليوم الطويل ، أيضًا توضح أنها من الأرياف، للتمسك بتقاليده، واستبيان ذلك من فكرة رفضها الشديد، أن تُعَرِّفَ نائل باسمها، وأن يناديها فقط بـ “بائعة الخبز” ، كما أن اختيارها بهذه الهيئة ذكاء من المخرج، وضح ذلك حين أفادت أنها لديها الكثير من الأبناء، وأنها من طبقة فقيرة؛ لذلك تحتل هي وأسرتها الشارع كاملًا، من خلال بيعهم لسلع مختلفة، لتوفير قوت يومهم ، كان تسكينها هنا، واستخدام هذه الأغنية؛ لتبيين صفة التعلق في دوامة الماضي لدى نائل، و هي نفس الأغنية، التي كانت تدفئة قلبه من حبيبته،واصفةعدم الاهتمام بالحياة ومسؤولياتها؛ لذلك أعطاها كل ما يملك من نقود، لتغني له فقط، ما يعطيه الهدوء من الأصوات التي تدور في رأسه، كما أن حركة بائعة الخبز كانت سريعة متناسبة مع دورها، حيث كانت تسير مستقيمة الظهر، لإبراز عزة نفسها، ورفضها الشفقة، من خلال تركها لباقي الخبز، بعد أن أخذت المال، و رفض طلب نائل في أخذه بعد دفع ثمنه، وتأكدت موهبة الممثلة في القيام بشخصيتين لاتشبهان بعضهما إطلاقًا، فالأولى الشخصية المرحة التي تبعث السرور “بائعة الخبز”، ولا تكف عن الكلام، والثانية متمثلة في دور “والدته”، ذات الوجه العابس، والفم الممتنع عن الحديث؛ لكتم ما تحمله من هموم وأحزان ، كل ذلك اتضح لنا من خلال تعابير وجهها فقط .
إتقان الشخصية
يجب تسليط الضوء على شخصية “صاحب المبخر” لما أبدعه في تأدية دوره في كيفية الانتقال من الكوميدي، في بداية المسرحية، ثم التراجيدي، وكيفية إتقان الشخصية في الجانبين بشكل احترافي، ومن وجهة نظري، أنه يميل إلى خلق هذه الشخصية الهزلية، صاحبة البخور والغناء والضحك والسخرية، من شخصية نائل، لإخفاء ما يُكِنُّه من مشاعر الفقد لحبيبته، وأنه أيضًا يحاول الهروب من هذا الواقع، ولكن هذه المرة ليس بالخيال الذهني، وإنما بتقمص شخصية، تناقض بطبيعتها الساخرة، من الحياة ، ففي الأولى ظهر بجلباب، رابطًا لخصره بطريقة كوميدية، كثير الحركة والتمايل، ثرثار إلى حد ما، يحاول التدخل في كل ما يخص نائل، وظهر أنه من الطبقة الفقيرة، فلا يملك سوى صوته الرنان، ومبخرته نفاذة الرائحة، ولكن هذه الشخصية، ساعدت على إظهار صفات الغضب والبغض عند نائل، فهذه الشخصية الفكاهية ، تتعارض مع عواطف الكآبة والحزن المحيطة به، أما الثانية فهي تظهر بالشكل العادي التقليدي، في الحياة اليومية، ولكن بمكنونات مختلفة، فتحول هنا للجانب الحقيقي الممتلئ بذكريات الماضي، والمسرحية بشكلٍ عام، تركز على فكرة مشاعر الذات الإنسانية، وكيفية التحول من السعادة لهذه الشخصية البائسة، لمجرد سماع كلمات، تذكر العقل بما يخفيه، وظهر ذلك عندما اتهم نائل” صاحب المبخر ” باللامبالاة، فهذا المشهد كان بمثابة انفجار هذه الشخصية، و تبين لنا أن نائل لا يقبل بالنقد السلبي، لأنه هنا توافق معه، ورغب في سماع كلماته، التي تتجاوب مع سمات شخصيته الرافضة، للواقع.
سيطرة العنصر النسائي
اِحتوى العرض على العديد من الممثلات الشابات التي انفردت كل واحدة منهن بدورها في إيصال حالة المشاعر والحب الذي استحوذ على البطل وكان من الأسباب الرئيسية، في ذهاب عقله للخيال، في فترات متفرقة كلما جذبت واحدة ذهنه، نحوها، فمنهن من تجذبه برقة صوتها في الغناء، وملامحها الجذابة، وكأنه مغيب كلما سمعها، أو رآها، ولكنه أنهى هذه القصة في عقله، حين تذكر أنها مَن تركته، ليتخلص من فكرة التأنيب، وليستكمل دور الضحية، المحيط به بجوانب منزله، ويخزن كل ذلك، داخل رائحة وشاحها .
ومنهن من تجذبه بحركاتها المتمايلة، من مكان لمكان، بمصاحبة بأغنية خاصة ترتبط بدخولها، وإن فرقتها حدود البلاد، والمسافات، وعادات الأهالي، التي هي بمثابة قيد يكبل رغبتهم في العيش سويًا، لينتهي الحل بزواجه بأخرى، وإنجابه لطفل، ولكن خياله المستحوذ عليه، لم يجعله يستمر في حياه أسرية طبيعية، وأكثر ما أثر عليه، واقتص جانبًا منه، وفاة والدته، وتركه وحيداً، وهنا تبدا نقطة ربط الأحداث، و الإجابة على الأسئلة المطروحة في العرض.
فهذا الجانب يطرح بشكلٍ واضح، عنصر الوحدة والفقد المستمر، في أشكاله المختلفة، والذي كان سببًا مهمًا في السيناريوهات، التي كتبها الرسام في عقله التي يجد بها سبيل الراحة من الأصوات، التي تتكرر باستمرار داخل ذهنه.
شخصية سوداء؟
قدَّم “فادي وهيب” شخصية، كأنها ثلاثة شخصيات في شخصية واحدة، ظهر لشخصية نائل غير المحبة له، كأنه شريط سينمائي، يعيد له كل أفعاله، وأخطائه مع الأشخاص حوله، وهنا ظهرت حالة من عكس الأدوار من المظلوم للظالم، وفكرة الانتقال بين الماضي والحاضر، بحيث أبرزت جوانب من طبيعة نائل، فاتضح أنه كان يرى الأمور من ثقب لوحته، ولا يحاول التغيير من حاله البائس، وطباعه المحطمة، كأنه ضمير بصوتٍ داخلي؛ لإيقاظه من غفلته، وإعادة النظر لقيمة الناس ، وظهر بشخصية أخيه الأكبر، الناصح له، الآتي لزيارته ويعبث بأشيائه، ويذكره بوالدته، وماذا فعل منذ الصغر، وأخيرًا ظهر كأنه هو نفسه نائل؛ ليكرس هذا الصراع النفسي القائم بداخله، ويجعل بينه وبين ذاته فجوة، بحيث لا يستطيع الوصول إليها؛ لتحقيق السلام النفسي ظهر ذلك في الشخصيات الثلاثة بنفس الثقة في الكلام، كأنه لم يُخطىء حرفًا، أو غفل عن حقيقته لدى نائل، والسير في خطوط مستقيمة، على خشبة المسرح، وظهوره في المقدمة، في معظم المشاهد، دليل على قوة مركزه وفكره، جعل نائل في الأسفل، وهو ممشوق القامة ،وكلماته سقطت على نائل سقوط الصاعقة، لما تحمله من قوة في تعبيرها، ومواجهة الحقيقة؛ لتبين أنه من طبقة ثرية، فملابسه متناسقة ومرتبة، وحذاؤه يميل للمعان، مما يفيد أنه شخصية تميل لحب الذات، والاهتمام بالشكل الخارجي على عكس شخصية نائل، وارتداؤه وارتباطه باللون الأسود، لأنه يثير عند نائل مشاعر الخوف والمكر والخديعة، لمعتقداته المنعزلة.
ظهوره مهم جدًا؛ لتوضيح الجوانب الخفية من شخصية نائل، وحل عقدة المسرحية، بإعطاء المفاتيح، التي تؤدي لمعرفة لماذا ظهر نائل في هذه الهيئة؟ ، بجانب أنها شخصية أثارت العقول، فهل هو ضميره، أم أخوه، أم هو نائل نفسه؟
إبداع السينوغرافيا
من المتعارف عليه أن الديكور والإضاءة، جزء لا يتجزأ من نجاح أي عرض مسرحي، و هنا برعت فرقة موديلياني في تحقيق هذا النجاح.
حين أبدع مصمم الديكور” ريمون سليمان” في رسم اللوحات المعلقة أعلى المسرح والموجودة على الخشبة، لأنه أعطى تمهيدًا أومفتاحًا للمشاهد عن الشخصية، قبل بداية العرض ، ومع استمرار العرض يتضح لنا أن ما يعيشه “نائل”، هو الذي يرسمه في لوحاته، فكانت اللوحات الثلاث المعلقة، كلًا منها تعبر عن حدث، وقع له في الماضي، كما برع في تجسيد هذه اللوحة، على شخصية الممثل القائم بالدور، سواء الأم التي تحمل صغيرها، وبالفعل تجسد هذا المشهد على خشبة المسرح، لتسليط الضوء على أحد جوانب الشخصية.
أما اللوحة التي توجد يمين المسرح، فقد كانت تعبر عن الوحدة، التي تعاني منها الشخصية، وهي عبارة عن منضدة، وكرسي فارغ وممرات متتالية، لا مخرج لها، لتعبر عن اللانهاية، من أنه سيصبح ويموت بمفرده، وعبرت كذلك عن فكر، فقد كان أول حب له، من خلال وضع كرسيًّا أمام الكرسي الموجود في اللوحة، و بمجرد أنها ذهبت، ذهبت معها كل آماله ورجع وحيدًا وهو ما تعبر عنه اللوحة، بشكلٍ متطابق.
في حين أن اللوحة الموجودة في الخلف تظهر السيد المسيح، كأنه يرسخ فكرة الخلاص من خلال تمجيد المعتقدات الدينية في الآخرة، والسمو و السلام النفسي، لأنه رُسِمَ رافعًا يديه، مرتديًا الأبيض، للدلالة على الطهارة والسلام .
كما أن وجود عدد من أنصاف التماثيل المنحوتة، كل جزء منها في ناحية، يرسخ فكرة التشتت الحادث للممثل وصعوبة تجميع ذاته، كأنها أشلاء مترامية، أما أغصان الشجر الخالية من الأوراق التي ظهرت كأخشاب متلاصقة، فدللت على أن الربيع لم يزهر في قلبه من كثرة عقبات حياته.
كما كان للألوان أثرها على عقل المتلقي، وعنصر أساسي في إثارة حاسة البصر، خاصة حين تمتزج مع الضوء، حيث قدَّم لنا “شادي نادر” تنوعًا فريدًا في الإضاءة، وكل لون كان مناسبًا للحالة الدرامية القائمة على المسرح، بحيث يبدأ العرض باللون الأزرق، لإيجاد مساحة أن العرض، يتضمن الأجواء الخيالية، والعاطفية، ومشاعر الخوف، أما عن الأصفر الذي استخدم في حالات رؤية الشخصية لمن يحبهم، وتنشيط خلايا الفكر، لذلك سلَّط عليهم الأصفر، أنه يراهم كضوء شمس، ينير ما بداخله من ظلمة، وأيضًا يعبر عن مشاعر الغيرة، والجبن داخل الشخصية، وأضاف أيضًا اللون الأحمر في مشاهد قبل النهاية، لإظهار بعض الصفات العدوانية لنائل، لإيضاح الكثير من صفاته و تركيزه على لوحة السيد المسيح، للدلالة على غضب السيد المسيح من هذه التصرفات، أو الإنذار والتحذير.
تضمن العرض موسيقى متنوعة، تُعبِّر عن الحالات العاطفية في خلق حالة من التوتر والقلق للجمهور في مجاراة الجو العام، وقد نجحت في مواقعها، كما عَبَّرت أغنية أم كلثوم “هذه ليلتي” عن الاكتئاب والاحباط، ومشاعر انتظار نهاية الوجود، لذلك جاءت، في مشهد تكور نائل على سريره، ملقي بيديه، في خيبة أمل .
ولكن يُعاب هنا في مشهد النهاية، رفع مستوى الصوت إلى الحد الذي قد يؤذي مسامع المتلقين؛ لذلك ولكل ما أشرنا إليه ، من تنوع في العناصر الدرامية من شخصيات، وسينوغرافيا، وفكرة الرئيسية،أنصفت لجنة التحكيم عرض (غرفة مغلقة)،حين منحته عدة جوائز في مهرجان آفاق المسرحي العربي، حيث استطاع هذا العرض أن يعبر بكل مهارة عن حالات الإنسان الضائع بين أفكاره التي يعتقد فيها أنه مهمشٌ دائمًا، بالتزامن مع فكرة إنكار الذات، والهروب من الواقع، مع إخلاء المسؤولية الإنسانية، من حقوق الآخرين، الذين تربطه معهم علاقات اجتماعية وعاطفية، بحيث انطبق عليه ماقاله الروائي والكاتب الكبير، نجيب محفوظ :”أجد مالا أبحث عنه، وأبحث عن ما لا أجد”
★طالبة بقسم الدراما والنقد -مصر.