منتهى عيسى: حين تنطق السلالم

منتهى عيسى★

لوحة السُلم (stair case) للفنان الأمريكي جون سنغر سارغنت، رَسَم سارغنت هذه اللوحة لِدَرَجِ أحد الأديرة، أثناء زيارته لإيطاليا مسقط رأسه عام 1878، وكشفت عن بدايات اهتمامه بالضوء وسقوطه على الأسطح.

ولد الفنان سارغنت عام 1856في فلورنسا، ونبغ في رسم البورتريهات، باستخدام ضربات فرشاة نابضة بالحياة، وإيجاد طرق غير تقليدية في تنفيذ لوحاته، تنم عن توافق بين الوعي الجمالي، والقدرة على تطويع الشكل واللون والإيقاع، للوصول إلى قيم جمالية دائمة التدفق.

في عام 1885. بدأ سارغنت صداقته مع الِانطباعيِّ كلود مونيه، وكانت سبباً في تغيير مساره نحو رسم الطبيعة في الهواء الطلق، والتقاط مشاهد للأشكال المعمارية، والضوء والظل.

في هذه اللوحة نجد تركيبة أنيقة ورائعة، وتُعَدُّ العمل الأكثر تجرداً ودقة في رمزيته، وهي عبارة عن سلالم طويلة تبدأ من قاعدة اللوحة، حيث يقف الرائي، ويجعله الفنان يتطلع الى أعلى، حيث تضيق الدرجات الحجرية شيئاً فشيئاً، لتصل في نهايتها إلى فسحة من أوراق خضراء متشابكة، ربما هي كرمة مستلقية على عريشتها، تتخللها نتف من سماء داكنة الزُرقة.

تم كسر رتابة الخطين المتوازيين عمودياً أولاً، بخطوط أسطح الدرجات السفلى، ثم بالعمودين في نهاية السلم، التي أعطت توازناً بديعاً بين أسفل اللوحة وأعلاها، وخلق انطباعاً لذيذاً، بأنك تقف عند أسفل الدرج، تَشُدك رغبة لا تُقاوَم في الصعود (وهنا نجد الرمزية التي توحي لبعد من انفعالات نفسية راغبة في التحرر والِانفلات إلى حيث مصدر الضوء)

هنا الفنان ببراعته الفذة يتلاعب باللون، فنجد اللوحة غارقة فعلياً في الضوء الأبيض، من تدرجاته الدافئة، وصولاً إلى برودة الأزرق والبنفسجي المنسكب بعذوبة على الجدران الموازية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

★ فنانة تشكيلة، وقاصَّة ــ العــراق