تشكيل

حنين سالمة: معرض “نبض الحديد” لأنور الكندري يَشْرَعُ أبوابه للجمهور.

حنين ناصر سالمة
يولد الإبداع الفني من عمق الإحساس وصدق التجربة؛ فالفن لا ينبت في أرضٍ قاحلة، بل يتفجّر حين يمتزج الوجع بالحلم، والعقل بالعاطفة، ليخلق شكلاً جديداً من أشكال الجمال.

هذا ما جسّده الفنان أنور الكندري في افتتاح معرضه “نبض الحديد”، الذي أقيم في الكويت، في التاسع من نوفمبر الجاري، في قاعة متحف الفن الحديث في شرق، برعاية سفير كوريا الشمالية في الكويت، السيد “جو ميونغ تشول”، الذي عُرف بدعمه وتشجيعه للفن والإبداع.

أنامل أنور الكندري تأسر الروح والعقل

منذ لحظة دخولك المعرض، تشعر أنك أسيرٌ لأعمال فنية تَمسّ الروح والعقل معاً؛ فأنور الكندري خرج من صندوقه الإبداعي ليمنحنا فضاءً واسعاً من الخيال والرؤية الفنية المتفرّدة.

الضاحك الباكي

تجد نفسك عالقاً بين جمال الفكرة ودقّة التنفيذ، إذ إن لكل عمل من أعماله حكاية تستمد روحها من الماضي والحاضر، وتمتزج بمحاكاة بديعة للطبيعة والإنسان.
ولم يُغفِلِ الفنانُ الجانبَ الإنساني الذي يطغى على شخصيته، فقدَّم أعمالاً مؤثرة تُعَبِّر عن معاناة البشر، كان أبرزها لوحة “طفل غزة” التي صوّرت براءة الطفولة وسط قسوة الحرب، ولوحة “الأسير” التي تفتح أمام المشاهد أبواب التأويل بين أسير الحرب، وأسير الذات والروح.

طفل من غزة

الأسير

كما تناول الجانب الغريزي للإنسان، من خلال أعمال تُجسّد غريزتي الأمومة والأبوة، وأهمية الاحتضان، إلى جانب لوحته “أم الأيتام” التي حملت رسالة إنسانية تُذكّرنا بمسؤوليتنا تجاه الأطفال، الذين فَقَدوا السند والرعاية.

الأمومة

الأبوة

ولم تخلُ أعماله من البعد التاريخي، فقد عرض قِطَعاً تُجسّد البنادق والأسلحة المستخدمة في الحرب العالمية الثانية الأمريكية والألمانية، إلى جانب العود الشرقي، وتاج الأباتشي، والبوم، ليحكيَ عبرها قصصاً من ذاكرة التاريخ بأسلوب فني بديع.

البوم

كما أبدع في تجسيد عناصر الطبيعة بلوحات مذهلة مثل السلحفاة، العقرب، حصان البحر، الكوبرا، الفراشة، وقاع البحر، ليمنحنا رحلة بصرية تمزج بين دقة التفاصيل وجمال الخيال.

الفراشة

ولم يغب عن ذهنه الحِسُّ المرهف وهيمنة العاطفة على الروح الإنسانية، فعَبَّر عنها بلوحات مثل “الرقصة” و”لعبة بنات”؛ حيث تتجلى المشاعر في حركتها وسكونها.

الرقصة

كما قدّم أعمالاً فنية مبتكرة، صاغها من أدوات ومُعَدَّات يومية كـ الصنبور، المطحنة، الموس، والنرد، محوّلاً الأشياء الاعتيادية إلى رموز جمالية نابضة بالحياة.
إنَّ ما قدّمه الفنان أنور الكندري في معرضه “نبض الحديد” هو رحلة غنية بالمواضيع المتنوعة والجماليات المتعددة، وما ورد في هذا المقال ليس إلا لمحة بسيطة مما يزخر به المعرض من أعمال وحكايات فنية، تستحق التأمل والقراءة البصرية العميقة.

موس

مطحنة

يستمر المعرض  على مدار خمسة أيام، حتى 13 نوفمبر 2025، ليتيح لعشاق الفن فرصة اكتشاف الإبداع، الذي أبحر فيه الفنان أنور الكندري.


★ناقدة ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى