محمد الشحات: هل يحق لنتفليكس تزييف التاريخ؟
محمد الشحات★
تحت شعار المحتوى المختلف والمتنوع، تقوم “نتفلكس” شركة البث الأمريكية المعروفة، بإنتاج أعمال مثل “سترينجر ثينغز” و”دير ديفيل”، لكنها اليوم تبدو مهووسة بتغيير تاريخ الحضارة المصرية القديمة.
ففي الفترة الأخيرة، أصدرت الشركة عدة أفلام ومسلسلات، تحاول فيها نسب تلك الحضارة إلى الأفرقة، وهذا يمثل نوعًا من التناقض مع التاريخ المعروف، والمسجل منذ الآف السنين.
فيلم “الملكة كليوباترا” مثال على ذلك، فهو يميل إلى تكريس نظرة إفريقية، على حساب الأسس السابقة للحضارة المصرية القديمة.
يعمل الفيلم على إلقاء الضوء على جوانب محددة من حياة ملكة من أهم ملوك الحضارة المصرية، ولكنه يستخدم تصوراً مشوهاً، يفتقر للمصداقية التاريخية.
فشركة “نتفليكس” تبدو واثقة من قدراتها على إعادة كتابة التاريخ، والترويج لِلِاتجاه الجديد الذي تريده.
هناك عدة عوامل يجب أن تؤخذ في الِاعتبار في هذا السياق، فالحرية في تناول الحقائق التاريخية، ليست حرية مطلقة، والتأثير الذي تحاول “نتفليكس” أن تسبغه على الثقافة والتاريخ، يجب ألا يكون بأي شكل من الأشكال تعديًا على الحقائق، والإرث التاريخي.
فمن الأسوأ ربط الحضارة المصرية بشكل خاطئ بالأفرقة بأسلوب استغلالي، فلكل حضارة هويتها وتاريخها، الذي لا يصح نسبه لحضارة أخرى، أو العبث به بأي شكل من الأشكال، حتى لو كان لأي حضارة من الحضارات القديمة اختلاط بالثقافات الأخرى، لكن لكل حضارة هويتها، وتاريخها، وانجازاتها، التي لا يمكن العبث بها، أو نسبها لأخرى، فالتاريخ لا يمكن تغييره بهذه السهولة.
الموضوع ليس له أي علاقة بالتمييز ضد أشخاص بسبب لون بشرتهم، أو العرق الذي ينتمون إليه، ومع ذلك، فإن مبدأ عدم العنصرية تجاه البشرة السمراء، لا يعني أن يتم إلغاء حضارات الشعوب الأخرى، فالعالم مليء بالثقافات والتنوع، لذلك وجب على البشر، أن يتعلموا تقدير الثقافات وتنوعها.
في النهاية، يجب الإشادة بإرث الماضي بشكل صحيح ودقيق، وأن نحترم الحقائق التاريخية، وعدم التخبط في تقديم وفهم الصورة الكاملة، للحضارة المصرية القديمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
★ كاتب ــ مصــر