ميرولا رضا: “البيمارستان” حيث الكل يحتاج إلى دواء..حتى الأطباء ؟!
ميرولا رضا*
لماذا سُمي العرض بالبيمارستان؟!
البيمارستان كلمة فارسية الأصل، و تعني “مستشفى” ، و كانت تستخدم في العصور الوسطى، دوراً للعلاج، و كانت أيضاً معاهد لتدريس الطب.
يعبر العرض عن المستشفى، الذي ينعكس معناها على “الكنيسة” حيث إنها مفتوحة دائماً، و متاحة للجميع طوال الوقت، و يظهر ذلك، من خلال أحداث العرض، عندما قال أحد الممثلين: (هي المفروض انها ورشة تمثيل، بس تقدر تقول انها مستشفى، و تقدر تعتبر المخرج، و مساعد المخرج، دول، هما الدكاترة، لكن في نفس الوقت مرضى) و هذا يوضح أن جميعنا نحتاج دائماً للعلاج، حتى الطبيب القائم على معالجة المرضى.
إذن ماذا تحتاج طموحاتك، لكي لا تبوء بالفشل؟
يبقى نجاحك في تحقيق طموحاتك، رهيناً بعدم الانجراف والإصغاء، لمحطمي آمالك، سواء المادية، أو المعنوية ، و هذه كانت، رسالة العرض المسرحي “البيمارستان” المقتبس من مسرحية “ساحر الحياة” للمؤلف محمود جمال حديني ، الذي يقدمه فريق مسرح كنيسة مارجرجس، مطرانية الجيزة على مسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية بالعباسية، إخراج “بولا سامي”، و إعداد “ماركو نبيل”.
يصفق الحضور بإعجاب ، يتفاعل الجالسون مع رفع الستارة، مع نزول تسجيل صوتي يقول: ( دقائق، و يبدأ العرض المسرحي البيمارستان، برجاءٍ غلقُ الهواتف، والتزامُ الصمت، وعدمُ التصوير بالفلاش نهائياً. نتمني لكم مشاهدة ماتعة).
المسرح داخل المسرح،
كان لمخرج المسرحية، دور كبير مهم، و مميز إخراجياً، حيث استعمل ببراعة، تقنية “المسرح داخل المسرح” فانقلب الممثلون إلى مشاهدين للآخَر، وهو يقدم مونولوجاً فردياً ، فيكونون جمهوره، و يصبح الجمهور الجالس في المسرح، جمهور الجمهور ، ونرى ذلك في المسرحية، حيث تدور أحداث المسرحية، حول فريق مسرح في ورشة تمثيل، يعرض مسرحية موازية، بداخل المسرحية الأساسية ، و أثناء عرضها، أخطأ أحد أفراد الفريق، ثم تَدَخّل المخرج لإعادة المشهد، و تمت إعادته عدة مرات، و بعدة أشكال (خليجي،أطفال،انجليزي) و بعد تواصلي مع المخرج قال: إن الهدف من تلك المسرحية الموازية، لأجل الضحك وكسر الملل ، أما المسرحية الأساسية، فكانت تعرض مشاكل، وعُقد كل شخص في حياته (الذي لم يجد نفسه، و الذي يهرب منها،الهروب من الوحدة و الملل،الخوف من المستقبل، و الظلم و الفقد،الذي لديه عقد من التنمر،الشباب الذي يواجه مشكلة مصاريف الزواج،
الصديقتان اللتان يكون بينهما سوء تفاهم، بنت ليس لديها أصدقاء…).
وكما ذكرنا فيما مضى، الدور المهم والمميز للمخرج، نذكر الآن دوره في الأداء التمثيلي، حيث ظهر في مشهد ببداية المسرحية، بانفعال شديد على فريق العرض، لعدم تركيزهم على توجيهاته في البروفة.
وكان لشخصية مساعد المخرج”أندرو جورج” دور كبير في تسليط الضوء على الشخصيات، التي تقوم بتنفيذ أوامر الشخص الأعلى منها، دون التفكير في الأمر، حيث ظهر ذلك في مشاهد عديدة، منها مشهد إعادة كلمات المخرج، و مشهد آخر، تعليق رأي المخرج على الممثل الجديد، حتى و إن كان عكس رأيه.
وقد ظهرت أداءات مميزة، و مختلفة، مثل أداء كل من (أبرام أيمن-مارلي سامح-مايكل ثروت-ماريز مفيد-مريم هشام-فادي محسن-ريمون مدحت-مونيكا سعيد-مينا سعيد) بإتقان في التمثيل، و بالتحكم في الانفعال، و بصدق المشاعر، برغم اختلاف شخصياتهم في التمثيل، إذا كان جماعياً، أو أداءً فردياً ، و قد نجحوا، في توصيل المعنى المراد .
و لعبت الموسيقى دوراً مهماً في العرض، خصوصاً أثناء تقديم المونولوجات، حيث ساهمت في التأثير على المشاهدين، و جعلتهم يندمجون مع العرض.
و رغم بساطة الملابس، إلا أنها لعبت دوراً مهماً، في توضيح المعنى، حيث أظهرت الفترة الزمنية ، و بارتداء كل ممثل لوناً مختلفاً، عن الآخر، كان ذلك يعبر عن أن كل واحد له شخصية مختلفة، و مميزة عن الآخر.
و قد نجح العرض، برغم قلة الإمكانيات (السينوغرافيا) و هذا يرجع لأداء الممثلين، و سرعة إيقاعهم والتزامهم، بأماكن دخولهم، و خروجهم، و حركتهم على المسرح، مما جعل العرض متكاملاً، و بالرغم من كثرة عدد الممثلين، إلا أنه لم يكن هناك بطل للعرض، بل كان العرض بطولة مشتركة، و قد ظهر ذلك على لسان المخرج في آخر مشهد، عندما قال: (البطل جوة كل الموجودين..
البطل..هو كل الموجودين).
البيمارستان: إخراج: بولا سامي ، وإعداد : ماركو نبيل ، مخرج منفذ: أندرو جورج، و ماركو نبيل ، مساعد مخرج: أبانوب لطيف بحر ، أداء و تمرين صوتي: صافي صفوت ، تصميم و ديكور: ميريت ماجد ، ملابس: ماريا أشرف ، مكياج: آيتن سمير ، إضاءة: ماركو نبيل ، تصوير:إدارة مسرح الأنبا رويس.
* طالبة في قسم الدراما والنقد المسرحي- مصر