محمد القلاف: فواصل رمضان من الإنتاج إلى الإبداع
محمد علي القلاف★
للتلفزيون أهمية كبيرة في الأوساط العائلية، فهو مرآة تنقل لنا كل ما يجري في العالم، بتنوعاته الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والدينية، والدرامية … إلخ، وعلى الرغم من ظهور السوشيال ميديا، التي سحبت البساط من التلفزيون في المشاهدة والمتابعة، إلا أن التلفزيون يظل موجوداً، ويصل إلى قمته، عند حلول شهر رمضان المبارك.
فقبل قدوم الشهر الفضيل تتنافس المسلسلات، والإعلانات، والبرامج التلفزيونية من تثقيفية، وفكرية في تقديم منتجاتها، والتسويق لها للمجتمع والعالم، بشكل عام، وطرح بضاعتها، أو أفكارها، ومعتقداتها لِتُكَوِّنَ علاقة حميمية بين البرامج والمُشاهد.
أغلب المتابعين نجدهم يصبون جل اهتمامهم في متابعة المسلسلات، ومعرفة قصصها منذ بداية الشهر إلى النهاية، مثلما يتابع النخبة من المهتمين والمتخصصين، البرامج الثقافية، أو الحوارية لمعرفة المستجدات، والتزود بالمعلومات.
ما يلفت النظر تلك الفواصل الرمضانية، التي يمكن اعتبارها مهلة تلفزيونية، أو المهلة الإعلامية، أو الاستراحة المخصصة للبرامج، أو الأخبار، بحيث تمنح العاملين، والمذيعين بشكل خاص نوعاً من الراحة مع كل إعلان، أو تكون وسيلة لتبيان هوية المحطة المطلوبة في كل فترة، من دون أن تؤثر، أو تكون سبباً في إضاعة وقت الجمهور، وقطع الحدث الذي يتابعونه.
هذه المهلة، أو الفاصل عادة ما تستخدم في البرامج الحية، والرياضية، أو أي برنامج عام، أما المسلسلات، فهي جزء من المناسبة الرمضانية في تسويق بضاعة المنتجات، إضافة إلى أن الفواصل لها دور في إبراز أفكارها للمجتمع.
من متابعتي للفواصل، وجدت تطوراً جميلاً في بعض القنوات، التي تابعتها، ورأيت أن الذين أقاموا هذه الفواصل، لم يكونوا فقط تقليديين، إنما أخرجوا أفكاراً فيها، وجعلوا المتلقين يفكرون، ويستمتعون فيها، أستعرض لكم نماذج منها وهي:
الفاصل الأول: فواصل رمضان في قناة أبو ظبي الإمارات ٢٠١٢
الفكرة صورة حية تنتقل من الزمن القديم إلى الحديث، فالأم تعد الطعام قبل الفطور، وابنتها تساعدها، وأعطت إيحاء آخر أن البنت الصغيرة اليوم، سوف تكون كبيرة بالغد، وتأتي ابنتها، وتساعدها، وهذا ما تفتقده بعض الأسر بسبب متغيرات الحياة.
رابط الفاصل:
الفاصل الثاني: فواصل رمضان ٢٠١٦ في تلفزيون قطر
فيها تذكير بالعادات، والتقاليد الاجتماعية في الشهر الفضيل، مثل تبادل الأطعمة، التي يفترض أن تكون مستمرة، كونها فقدت هذه الأيام، من تطور الحياة، وتسارعها.
رابط الفاصل:
https://twitter.com/QatarTelevision/status/750271203701616641?t=fOSdwM5B1_SEdLnX6m0IUg&s=19
الفاصل الثالث: فاصل رمضان ٢٠٢٢ في تلفزيون الكويت
الذي كان من الفواصل المميزة، فقد أبدع صانعه في الدمج بين القديم والحديث من رموز التمثيل (الفن)، وكأننا لا نشاهد فاصلاً، إنما مسلسلاً تلفزيونياً مميزاً، وفكرة إبداعية جميلة، هذا الفاصل لامس شعور، ووجدان المشاهدين، وذَكَّرَهم بالماضي الجميل، والمشاهد التي خلدها التاريخ، علاوة على تذكيرنا بالممثلين، منهم من توفاه الله، ومنهم مازال بيننا أطال الله بعمره، لذا نجد هذه الفكرة، قد جعلت من المتلقي ـ أي المتابع ـ ينتظرها، ولا يمل من مشاهدتها.
رابط الفاصل:
في هذه السنة ٢٠٢٣ تكرر هذا الفاصل في تلفزيون الكويت، وبنفس الطريقة، وهي الدمج بين القديم والحالي، وهذا الفاصل يمثل تاريخ الأعمال الرمضانية، لكن هذا التكرار رغم جماله، أصبح مكرراً، وخاصة من حيث الفكرة، مما أفقده بريقه القديم، فالمتلقي الحديث لا يحب التكرار، إنما التجديد، فمجال الإبداع لا يرتبط بطريقة واحدة، إنما بعدة طرائق، لذا نجد الذين قدموا هذا العمل، استعجلوا في إعادة تقديمه للجمهور مرة أخرى، صحيح أن الفكرة، قد تحمل تقديراً للشخصيات الموجودة، ولكن هذا لا يبرر التقليد المكرر.
الفاصل أصبح له اهتمام وتحدٍ كبير، بل غدا منافساً للمسلسلات، والبرامج التلفزيونية، حيث أصبح له جمهوره، ومتابعيه، إذا أحسنت القنوات استغلاله بشكل جيد، بحيث لا يصبح وسيلة مملة لكثرة استخدامها، أو تكرارها، أو حتى ربطها فقط بـ (الإعلان للبضاعة الاستهلاكية).
★ ناقد ــ الكويــت
