مارينا صفوت : ” فيها إيه يعني” ..هل أتى الماضي متاخراً ؟


مارينا صفوت★
تقول غادة السمان:
“الحب القديم لا يموت، إنه ينام في القلب، وعندما يعود صاحبه يفتح عينيه بهدوء.”
تكمن الفكرة الأساسية للفيلم فى هذه المقولة ؛ حيث يعيش صلاح “ماجد الكدواني” مع ابنته ندى ” أسماء جلال ” ، ويتفتح أمامه مسار حب قديم، لم يكتمل قديماً بسبب سفره للعمل، وتتوهج مشاعره ومشاعر حبيبته السابقة ليلى “غادة عادل ” مرة أخرى ، وتجمعهم مواقف تجمع بين الرومانسية والكوميدية ، فنرى تساؤلات حول علاقات الحب السابقة التي اندثرت مع الزمن ، هل يمكن أن يأتي لها يوم وتعود ! و هل توجد دائماً فرصة ثانية ؟
قام الفنان ماجد الكدواني بأداء مليئ بالصدق والدفء كعادته ويكون هو الاختيار الأمثل لأي شخصية تحمل بداخلها أحاسيس قوية ومليئة بالصدق الأبوي ، لكن هذا ما جعله ينحصر نوعاً ما في تقديم أدوار الأب البسيط المليئ بالتردد والخوف من مواجهة أحبائه كما رأينا على سبيل الذكر مسلسل “موضوع عائلي ” فإذا نظرنا بشيء من المقارنة سنلاحظ أن الشخصيتين أقرب إلى بعضهم البعض لحد كبير ولديهما نفس ثنائية حب الابنة والخوف من مواجهتها بالحقيقة في نفس الوقت وهذا ما يدعونا للتساؤل هل سيحصره المخرجون في تلك الأدوار، أم تعود أدواره للتنوع وتبتعد عن ذلك النمط؟
و تم رسم شخصية ندى بشيء من الدِّقة، بأنها تريد كل شيء مثالياً، ونرى ذلك منذ أول لقطة في الفيلم؛ حيث تسعى لكل ما هو صحي كالطعام الصحي، وممارسة الرياضة، وتُجْبِرُ أفراد العائلة معها على تلك العادات، وهذا يضفي الكوميديا على الموقف الدرامي؛ حيث إنهم يختبئون ليأكلوا الوجبات السريعة، والتى بطبيعة الحال تكون مُحرَّمة داخل المنزل، مما يزيد من فهاكة الموقف ، لكن بعد ذلك ندرك الدوافع الدفينة وراء حرصها الزائد على هذه العادات الصحية، وهو فقدان والدتها فى سن مبكرة، وهو ما يجعلها دائماً تخشى فقدان أي شخص آخر من العائلة، فتتخد من العادات الصحية وقاية لهم .
و قد تم رسم شخصيه علاء ” مصطفى غريب ” بشيء من السطحية فلا نجد له أهدافاً قوية ودوافع مؤثرة، ولكن تم الاعتماد عليه كعنصر كوميدي للفيلم بشكل كبير، وهو حقَّق ذلك الهدف بشكل وافٍ.
عند النظر إلى الحبكة، نرى أنها في البداية تثير بعض التساؤلات البسيطة، لكننا سرعان ما نجد لها إجابة، فالحبكة كانت بسيطة واضحة و تقليدية، لدرجة أن من السهل توقُّع ما سيحدث، وهذا ما جعل الفيلم يفتقد للأحداث المفاجئة، والتحول غير المتوقع فى الحبكة، وكان الإيقاع بطيئاً أحياناً؛ لأنه يعتمد على المشاعر والحوارات الطويلة، و هذا يُنتج نوعاً من الملل عند المُشاهِد.
ولأن الدراما تخضع لمبدأ السبب والنتيجة؛ فقد كان من الأفضل إعطاء تمهيد لبعض الأشياء؛ حتى تكون مبررة عند حدوثها، مثل إعطاء أي تلميح عن مرض نجية والدة ليلى “ميمى جمال” بالسكري؛ ليكون من المنطقي سقوطها في أي لحظة خلال الفيلم،
أو حبها للألعاب الإلكترونية؛ ليجعل من موقف “صلاح” مبرراً عند أخدها لهذا المكان فور خروجها من المستشفى، وهذا لا يتعارض مع الأحداث المفاجئة، فهناك فرق بين الأحداث المفاجئة وغير المنطقي حدوثها، ولم يتم التمهيد لها .

و تم استخدام الشقة كرمز للذاكرة والماضي؛ حيث إنها كانت شقة “صلاح” لمدة طويلة من عمره، واستخدام الألوان والإضاءات فيها بطريقه دافئة تجعله يشعر بالحنين، ويتذكر ما مضى ، فكانت الألوان تتأرجح بين البني والبيج والإضاءات الصفراء الدافئة؛ لتعطي الإحساس بالشيء العتيق الدافئ، والكامنجا أيضاً كرمز للرومانسية و الحب، واستخدم السفر كمعادل الفراق وانتهاء العلاقات.
و عززت الموسيقى من الإحساس فى الموقف الدرامي مثل الموسيقى المبهجة عند التقاء “صلاح بليلى” بعد سنوات ، و الموسيقى المعبرة عن الحالات الشعورية الحزينة فى لحظات الخلاف أو معرفة الحقائق
فنحن أمام فيلم كوميدي سلس به ممثلون محبوبون من شريحة كبيرة من الجمهور، وبه تساولات وفكر جديد حول القضايا اليومية، والعلاقات بتكرار جملة (فيها إيه يعني! ).
فيها إيه يعني ” فيلم مصري كوميدي رومانسي، بدأ عرض الفيلم في دور السينما ١ أكتوبر ٢٠٢٥ ، مدة العرض (140) دقيقة ، بطولة ( ماجد الكدواني ، غاده عادل ، أسماء جلال ، مصطفى غريب ، ريتال عبد العزيز ) من إخراج (عمر رشدي حامد ) ومن تأليف(مصطفى عباس، محمد أشرف، وليد المغازي)
★ناقدة ـ مصر.




