تشكيل

آسيل الشوبكي : قراءة في أعمال الفنان التشكيلي  “فاتح المدرس “.


أسيل أحمد الشوبكي

يعد الفنان التشكيلي فاتح المدرس أحدأعلام ورواد الفن التشكيلي السوري الحديث، إذ شكلت مسيرته الإبداعية أرشيفًا كاملًا يزخر بالقيم الفلسفية والمعاني الإنسانية التي جسدتها أعماله على مر السنوات، حيث عبرت عن هموم الإنسان وعلاقته بأرضه، كما عكست رؤاه الذاتية وعمق فكره وعبرت عن طفولته وتجاربه المتنوعة.

ويحتل المدرس مكانة مرموقة في ميدان التشكيل، حيث أضاف إلى الساحة العربية تجارب جديدة نبعت عن ثقافته الفنية التي اكتسبها خلال دراسته في الأكاديميات الفنية في روما والتي مزجها مع موهبته التي برزت في مراحل طفولته المبكرة من ناحية، ومع خرباته الفنية المتصلة بمجتمعه من ناحية أخرى ليمثل أحد قادة الحركة الفنية الحديثة في سورية.
ويتجلى في إحساسه الفني ميله إلى السريالية التي تأثر بها كثيرًا في مراحل متفرقة من مسيرته التشكيلية، كما تميز بأسلوب فريد للتعبير عن التراث السوري وتجارب حياة الريف والاضطرابات التي شهدها مجتمعه بأسلوب حداثي ربط بين الأصالة والتجديد بأدوات فنية مبتكرة، مما جعل أعماله تحظى بصيت كبير محليًا وعالميًا، كما ترك أثرًا بالغاً لدى الفنانين الذين عاصروه وعقبوه.
اشتهر المدرس بأفكاره الفلسفية ومقالاته بالنقد الأدبي، وكان ينشر بين ثنايا المجلات جهودًا نقدية متنوعة، وقد عكست أعماله التغيرات الاجتماعية والسياسية كأزمة الإقطاع الزراعي في سورية والحرب الأهلية في لبنان، وصور المتاعب الإنسانية والمآسي والصعوبات التي واجهها أفراد مجتمعه، حيث رسم شخوصًا تفعم بالجدية والرزانة معبرًا عنها بأسلوبه الفريد الذي يتميز بالرؤوس المربعة التي تحاكي التماثيل التراثية كالآشورية والتدمرية والأيقونات المسيحية بألوان ترابية مع ضربات فرشاة مركبة وسميكة مستخدمًا الرمل في معظم أعماله. (أتاسي، ي.ت).
واظب المدرس على ممارسة فنه حتى وفاته، وشهدت مسيرته نشاطًا فنيًا كبيرًا من حيث المشاركة بالمعارض العالمية والمحلية، كما أقيمت باسمه مجموعة من النشاطات الفنية التي احتفت بقيمته الإبداعية، ليشكل محطة حضارية في تاريخ الفن التشكيلي العربي والعالمي.

أولًا: السيرة الذاتية.
بالقرب من حلب، في قرية حريتان، كان عام 1922 عندما وُلِدَ، وتُوُفي عام 1999، كان فنانًا تشكيليًّا، وقاصًّا وشاعرًا، عاش طفولته المختارة المُحاطة بالحرمان ، واكتُشِفت مهارته الكبيرة في الرّسم بعدما التحق بالمدرسة الشريف بيرقدار ثم أمضى بعض الوقت في حلب بالتعليّم الفنّي مع اساتذة الرّسم والنحت، وذهب إلى لبنان لإكمال دراسته للآداب الإنكليزية، وتابع الدراسة في “أكاديمية الفنون الجميلة” في باريس.، حصل على درجة الدكتوراه عام 1972 وعُيّن أستاذاً في كلية الدراسات العليا للفنون الجميلة بدمشق عام 1977، بعد كتابة كتاب ”ملخصات تاريخ الفن“، انتقل لدراسة الفن في أكاديمية روما عام 1956، حيث اختار مرسم الرسام الإيطالي جنتيليني الذي ترك تأثيراً واضحاً على منهج فاتح المدرس.
وفي عام 1961، عاد إلى كلية الفنون الجميلة في عام 1961 واتخذ له مرسمًا في وسط دمشق. كان لوصوله تأثير خاص على طلابه الذين اعتبروه فجر عصر جديد في الفن السوري. أنتج مرسمه آلاف اللوحات الزيتية والمائية، الكبيرة والصغيرة، التي صوّرت المساحة بين التجريد والتشكيل، (جدل، 2023)
المدرس هو أيقونة سورية وعلامة من علامات الحضارة السورية وأحد أبرز الفنانين التشكيليين السوريين في القرن العشرين. يقول الفنان التشكيلي سرور علوان إن فان جوخ وفاتح المدرس هما الفنانان الوحيدان اللذان رسما مئات الأعمال بعد رحيلهما. (eiasada، 2023).
ويعد المدرس من القلة الذين تباع لوحاتهم في المزادات العالمية بأسعار باهظة، كان أحد الأعضاء المؤسسين لنقابة الفنانين التشكيليين السوريين في عام 1967، وشغل بعد ذلك منصب رئيسها لمدة 11 عاماً. التف حوله العديد من الفنانين الشباب وطلاب المدارس الفنية وكان تأثيره عليهم كبيراً. فقد دفعهم إلى حرية الإبداع، وساهم في دراسة التراث المحلي والتراث الإبداعي وغالباً ما كان يساهم في مشاركة تجاربهم في الندوات التي كانت تنظم بمناسبة المعارض.
ويقال إن المدرس الذي أقام علاقات وثيقة مع كبار المثقفين والأدباء السوريين والعرب أمثال عبد الرحمن منيف وأدونيس ومحمد مراس قد أهدى لوحاته لأصدقائه طوال حياته، مما جعله أكثر الرسامين الذين أهدى لهم لوحات فنية غزيرة الإنتاج. (العرب، 2021)
منذ عام 1947 وحتى عام 1997، أقام عشرات المعارض الفردية في سوريا والبلدان العربية والعواصم الأوروبية والأمريكية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، كما شارك بانتظام في معارض رسمية وجماعية، وحاز على العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية، إن لوحات فاتح المدرس هي ترجمة واقعية لكل ما اكتسبه طوال حياته، وكلها مشبعة بالعواطف الجياشة، سواء أكانت هذه العواطف هي ملامح الريف التي رآها أو صورة أمه. وتتراكم الصور في كل لوحة وكأنه يغزل كلمات أسطورة شرقية، ومن أشهر اللوحات التي تحمل توقيعه: ”كفر جنة“، ”تدمر“، ”العشاء السري والصديق محمد معفر“، ”عشاق القمر“، ”أطفال فلسطين“، وهكذا. وأهم ما يميز لوحات المدرس أنها تجريدية وتصويرية لا تخرج عن الروح الشرقية (جدل 2023).

كانت والدة فاتح معلمة في شمال سوريا فقدت والدها عندما كان فاتح في الثانية من عمره، لذلك لم تفهم قيمه وقوته. وكما يقول: ”كانت أمها كل شيء، كانت أمًا عميقة وأمًا تحب كل شيء، تعيش شبابها بحزم تحت المطر والثلج، تحمي وترعى وتعيش من أجل أولادها“. لقد صوّر فاتح أمه تصويراً واقعياً في البداية، لكنها في النهاية دخلت في أجوائه في السهول الحزينة والرائعة مع أشجار الجبال في الخلفية ورائحة الأرض الندية من هناك. (درويش، 2006)
وعلى الرغم من دراسته في أكاديمية غربية، إلا أن روح الرسم لديه لا يزال لها عبق أصيل. لا بد أن ثمرة طفولته المعذبة والتزامه بالرسم والتعبير، واجتهاده في صقل موهبته والتعلم من ثقافة الآخرين، قال عنه أدونيس: ‘لم أحضر يوماً في حضرته إلا وتعلمت شيئاً جديداً من فاتح المدرس. وقال عنه غازي الخالدي: ‘إنه يفتح العينين ويجعلك تشعر بأن الحياة تستحق العيش’. (جدل، 2023)”.
شكّل مرسم المدرس على مدى عقود من الزمن جواً خاصاً جداً من حيث حضوره الفني والإبداعي من خلال اللقاءات والحوارات التي تجمع اليومي في أمسيات فلسفية عطرة. وقد جمع الاستوديو طوال هذه السنوات أسماء لامعة ساهمت في مجالات ثقافية مختلفة في النهضة السورية الحديثة والمعاصرة في عصر الانفتاح والتقدم والحرية وتفاعل الأفكار وأحلام الفلسفات الكبرى والفوارق الطبقية بين البشر واعتراف الزوار عن قرب بتحقيق العدالة الاجتماعية، وجلسات على حائط الاستوديو القريب من الموقع صورة للفيلسوف الوجودي جان بول سارتر وأستاذه، حيث يحمل الفيلسوف لوحة للمعلم. (درويش، 2006)
وبالإضافة إلى لوحاته، كتب المدرس أيضاً الكثير من المؤلفات، منها مجموعة قصصية بعنوان (عود النعنع). وتعكس هذه المجموعة القصصية أسلوب الفنان وكلماته المرتبة بشكل جميل، وكذلك العلاقة بين اللون والتذوق الفني كما يراها المصور؛ ففي مجموعاته القصصية يجمع المدرس بين التصوير الفوتوغرافي والأدب.
ويصف عبد الهادي الشمعة مواهب المدرس الإبداعية المتنوعة فيقول: ”كان قاصاً وشاعراً وفيلسوفاً ورساماً. أما في القصة، فقد كان له أسلوب ساخر شديد السخرية (الكوميديا السوداء)، وقد تلون بألوان لوحاته. أما المدرس الشاعر فقد ابتكر ما يسمى بالرسم بالشعر، وهو ما تبناه فيما بعد فنانون كبار مثل عمر حمدي ويوسف عبد الباقي: عمر حمدي ويوسف عبد الرازق“. (الفارس، 2021)
يتجلى حسه الشكلي في أعماله الأدبية. فقد ركز على اللون الأحمر بكل درجاته ودمجه مع ألوان الجنة القديمة لبناء المكان سردياً، واستخدم اللون الأحمر بتنوعه وتدرجه من الوردي إلى الغامق كعنصر إيقاع قائم على التنوع والتباين بين الثقيل والخفيف، مستخدماً اللون كمسار سردي لبناء مكان معروف وجعله ضرورة وإطارًا. (هويدي، 1981).
ومن أبرز مؤلفاته:
ـ ديوان شعر، مع شريف خزندار- بالعربية والفرنسية 1962.
ـ تاريخ الفنون في اليمن قبل الميلاد- دراسة.
دراسات في النقد الفني المعاصر- دراسة- حلب 1954.
ـ ديوان ”الزمن الشيء” مع الزميل حسين راجي 1985
ـ مجموعة محاضرات عن فلسفة الفنون ونظرياته عام 600 ق. م.
أعمال تشكيليه ودراسة دمشق باريس 1994 لفاتح المدرس مع دراسة عن الكلمة. الصورة. بالتعاون مع معهد العالم العربي باريس. (دليل اتحاد الكتاب العرب، 2021).
ثانيًا: أسلوبه الفني في الأعمال التشكيلية
أخذت تجربة المدرس عدة منعطفات وانعطافات، لكنها لم تبتعد أبداً عن المحور الرئيسي لشخصيته وأسلوبه الذي قام على نوع من التعبيرية الاختزالية في الشكل واللون، وارتبط ارتباطاً وثيقاً بشعلة الحياة وتجددها المستمر. وبقيت الوحدة العامة التي جمعت تجربته، وهي وحدة انبثقت من تشنجات الإنسان الذي يعيش وينتج الفن. ما يختلف هو الطريقة التي يتم بها تناول هذه الوحدة. أي الصيغ والهياكل والتقنيات للتعبير عنها. لم يكن الموضوع في تجربة المدرس أكثر من الأرض والشجر والإنسان. (شاهين، 2008)
يمتلك فاتح المدرس فلسفة جمالية منحته فهماً وأسلوباً في الحياة يربط بين قراءة الفن والخيال الاجتماعي معاً، ويخلق لغة تستمد من سيرته الذاتية تارة ومن مخيلته تارة أخرى. وتتحول اللحظة في أنامله إلى قيمة نظرية بالابتعاد عن القيم الموروثة وفتح نافذة على مفهوم جمالي فلسفي. وهو في الوقت نفسه يرفع من مستوى العمل إلى مستوى فلسفي قيمي، فيقرّب المتلقي من مقولات وصيغ جديدة، مع تمسكه الشديد بلحظة الخلق، دافعاً المتلقي إلى كسر حاجز التوقع.. (eiasada، 2023)
لكي نستكشف فاتح المدرس ونتعرف عليه جيداً، علينا أن نتعامل معه كوحدة واحدة وننظر إليه كوحدة واحدة. وذلك لأن حياته لا تقل أهمية عن فنه، فكتاباته موازية للوحاته، وحواراته تكشف الكثير مما لا ترويه لوحاته. (جمارنة، 2000)
تتسم أعمال فاتح المدرس بنوع من السريالية المدرسية فيما يتعلق باللاوعي، واستخدام الصدفة واللامنطقية في توزيع الأشخاص، والتركيز الدائم على الانطلاق من الصفر. إنه يمرر الأشكال على السرير من أجل استبعادها من العالم التشريحي والمنظور التقليدي. إنه يفعل ذلك لأنها تخضع لقوانين إرادة البناء، بحيث يصبح الكل وحدة حية ذات شمولية عضوية، خطوطه السوداء التي غالباً ما يتركها على الأرض بفعل مرور القدر. (دحدوح، 2006).
تعتمد أعمال المدرس على الطبيعة وتصور تضاريسها بديناميكية عالية. لقد واجه المشهد البصري بحرية تامة، وكأنه يودع المنحدرات والهضاب والوديان، حتى أصبح الفنان جزءاً من المشهد ومتفاعلاً معه. وكأن المدرس أراد أن يحتفي بالألوان بالمكان الذي عاش فيه وعرف مناخه. غلب على أعماله ضباب هائم من اللونين الرمادي والأزرق احتفاءً بالمكان. تسيطر الألوان الرمادية والزرقاء مع ذلك الضباب الهائم والغيوم الضبابية للاحتفاء بالمكان. وتشهد على ذلك أعماله التي لا تمثل شيئاً إلا وتؤسس لشيء ما وتشكل شيئاً عظيماً. واستمرت هذه الأعمال الباقية على قيد الحياة تعني أكثر مما كانت تعنيه، واستمرت في تشكيل أكثر مما يمكن أن تعنيه، وذلك لأن تجربة هذا الفنان رائدة بالمعنى الحقيقي للكلمة. (شمعون، 2006).
والحقيقة أن رسم المدرس لعشرات اللوحات المستوحاة من العلاقة بين الإنسان والأرض يكشف لنا أن الحس الدرامي لهذا الرسام الذي جعل من الأرض والإنسان متنفساً لتحققه لم يكتف بربط الذاتي بالعام من خلال موضوعات محددة، بل جعل من مختلف القضايا الاجتماعية والوطنية أساساً لتعبيره الفني ويكشف عن تفانيه في معالجة هذه القضايا، وتظهر الترجمة التشكيلية لهذه القضايا بعفوية تشدنا إلى أعماله عن الأرض والإنسان، وتكشف في النهاية عن صدق الرسام وقدرته الكبيرة على التعبير عن نفسه بروح واحدة لا مثيل لها في الفن السوري المعاصر وفيما يلي بعض من أهم جوانب أعمال الفنان. (صفيه، 1981).
تعكس معظم لوحات الفنان فاتح المدرس ذاكرته البصرية للأرض السورية وتضاريسها، وتظهر انجذابه الطبيعي للألوان والأرض والضوء والجغرافيا والناس في هذه الأرض، بعد أن أمضى طفولته في ريف شمال سوريا، أقنعته رحلاته حول العالم أن سوريا تتميز، باستثناء شمال الأردن وجنوب تركيا وأجزاء من اليونان، بمجموعة ألوان طبيعية لا مثيل لها في أي مكان آخر في العالم، وهذه العلاقة الدقيقة بين ضوء الشمس والأرض وحركة الإنسان بينهما هي روح الشعر في الذاكرة الإنسانية. وللتعبير عن هذه الحالة، استخدم المدرس أشكالاً وأساليب فنية متنوعة، ولكنها لم تخرج عن الأصول التي ولدت وتشكلت منها. (شاهين، 2008)
تتفرد أعمال المدرس بعبقريتها وحداثتها وتنوعها الأسلوبي، وقد جمع بين مختلف المدارس الفنية (الواقعية والتعبيرية والرمزية والسريالية والتجريدية) لتنوير أذهان الكثير من الفنانين التشكيليين العرب والتحرر من قيود الفن النمطي فتح آفاقاً خيالية وترك بصمة واضحة في تجربة من تأثروا بمدرسته وأشاروا إلى أفكاره الفنية الإبداعية. كان أول من أدخل التجريدية والسريالية إلى الفن السوري من خلال لوحاته، ومزج بين الواقعية والرمزية والأسطورية في أعماله، خالقاً رؤية ونهجاً جديداً في مسار الفن التشكيلي السوري والعربي.
وعلاوة على ذلك، كانت له فلسفة خاصة في فهم الجماليات، تجسدت في ذكائه الخارق في استخدام اللون والخط والمؤثرات البصرية. فقد كان اللون بالنسبة له مثل الكتابة: كان يفهم لغته ويتحدث إليه ويستمع إليه ويتفاعل معه. وقد منحته هذه العلاقة قدرة تعبيرية خاصة، فبدت خطوط لوحاته رشيقة ومتناغمة، وكأنها في حوار مع بعضها البعض، بينما تتكثف الأفكار وتشكل فضاءً شاسعاً من الأطياف والمشاهد والتراكيب التي تفيض بعشرات الانطباعات والانفعالات الجمالية، مقدمةً دراما حسية وجدانية. عالم ثري من التداخل بين التاريخ والجغرافيا والأساطير والأحلام الإنسانية والتأملات والقصص المتداخلة بين الوجه والطبيعة في هندسة لونية شاعرية، أحدث ثورة حقيقية في المفهوم العام للتشكيل. (فياض، 2023).
وقد أثبت أسلوب الرسم التلقائي السريالي وهو عبارة عن تدوين بخط اليد لتدفق الخيال أنه أداة مفيدة لتسجيل صور اللاوعي، كان الرسامون يمارسون الرسم التلقائي وهم جالسون في نفس الزاوية في مقهى برازيل، يدونون القصص والقصائد السريالية ويدخنون السجائر حتى يختلط رماد السجائر بالحبر، في أولى محاولاته في الرسم التلقائي، جرّب المدرس الشمع واستخدم قابليته للإيحاء كجزء من سباق للهروب من زمن اللاوعي، ونشر الشمع على السطح مكوّناً طبقة سميكة لزجة وترك التراكيب التي أنشأها بالصدفة عن طريق تداخل الكتل على الكتل. 1953 عمل بعنوان هالة، استخدم الشمع الأسود لخلق صورة بشعة، شكل امرأة ذات رقبة طويلة وخطوط مشوهة وغير مكتملة المعالم والبنية شكلها الفنان بتكوين مروع من الخطوط السريعة والحادة والسميكة، مع أشكال كبيرة وغنية في المادة الشمعية، تبرز المرأة العمياء باستثناء شقين داكنين يبدو أنهما موقع عينيها، من خلف ضبابية كشكل مظلم مهدد ومظلم، ينفجر وينضح بالظلال والظلال، يمكن التعرف عليه جزئياً وربما ليس مادياً بالكامل، ويحل محجر العين الأسود الكئيب على اليسار محل العين، نذير شؤم على حدود قدراتها وقدراتها وعلى الرؤية البشرية، غير أن الزمن ومروره كان محوريًا في ممارسة المدرس للرسم التلقائي.(دانتون، 2021).
ثالثًا: تجربة فاتح المدرس الأدبية.
في عام 1954، نشر دراسة في ثلاثة أجزاء تحدد تاريخ الفن، بما في ذلك دراسة عن النقد الفني المعاصر، ودراسة عن تاريخ الفن اليمني قبل عام 600 قبل الميلاد، وفي أعماله الإبداعية، نشر مجموعتين شعريتين، كان الديوان الشعري الأول هو ”القمر الشرقي على شاطئ الغرب“ الذي اشترك في كتابته مع شريف كازندار ونشره في دمشق عام 1962 (باللغتين العربية والفرنسية، مع رسومات الفاتح الذي قدم للشعر المرئي)؛ أما الديوان الثاني فكان ”شيء من الزمن“ الذي اشترك في كتابته مع حسين الرازي ونشرته دار الثقافة في دمشق عام 1990، وصدرت المجموعة القصصية الوحيدة الفريدة ”عود النعناعة“ عام 1981، وصدرت طبعة ثانية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 1986.(عبو، 2022)
كتب المدرس الشعر السريالي متأثراً بصديقه الشاعر الحلبي أورهان ميسل رائد الشعر السريالي في سوريا، فكتب الشعر السريالي الذي خرج عن الاتجاهات الشعرية السائدة في ذلك الوقت وقدم خيالاً بصرياً حسياً كثف الصور الشعرية وأعطاها بعداً جمالياً وبلاغياً مختلفاً. وقد ساعدته موهبته الشعرية على المزج بين الشعر والرسم وأسس مدرسة في الرسم تضمنت الشعر، وقد تبنى هذه المدرسة فنانون كبار من بعده مثل عمر حمدي ويوسف عبدلكي، في عام 1962، نشر المدرس قصيدته الأولى ”الأميرة“ في مجلة ”القيارة“ التي كانت تصدر في اللاذقية. وفي العام نفسه، نشر ديوانه الأول ”القمر الشرقي على الشاطئ الغربي“ بالتعاون مع الشاعر شريف كازندار. ثم في عام 1985، نشر ديواناً مع حسين الرازي بعنوان ”شيء من الزمن“.(فياض، 2023)
قال عنه الأديب الكبير عبد الرحمن منيف: ”في القصة القصيرة، كما في الفنون التشكيلية، فاتح المدرس أحد الرواد والمعلمين،كيف تتحول القصة القصيرة إلى ملحمة، إلى نشيد؟ كيف تتحول القصة القصيرة باقتصادها اللامتناهي إلى عالم واسع؟ هذا هو جوهر الفن، وهذا ما يتحدث عنه فاتح المدرس بأشكال متعددة وبطرق متعددة“. (عبو، 2022)
ومن نماذج أعماله الشعرية: (الأوس، ب.ت)
في الصباح الباكر يزحف الضوء
من فضلك ارسم صوتي
على جبل دمشق، قاسيون
وقفت استريح، وعلى بعد خطوات حط غراب قال: من فضلك ارسم صوتي
في الصباح الباكر يزحف الضوء
ترتجف الأعشاب خوفاً،
وتبادر لرسم ظلالها بالأسود،
هذا الغراب اللطيف
طار للحظة ثم حط متعثراً
وقال لي بأدب جم من فضلك
ارسم هذه الكلمة ونقر حصاة.
سألني الغراب أين أجد المؤذن؟
فقلت له: ماذا تريد منه؟
اسمع أنه يقول الحقيقة
إنها أطيب من الجبن
الساعة السابعة مساءً،
يهرول المساء مسرعاً، قف للحظة قلت له: إلى أين؟
قال هل أنت أطرش؟ الأموات بدأوا بالغناء
قطرة دمع بلورية على،
خد طفل، دخلت الدمعة
إنها قبلة من ضياء بلا ظلال،
هيروشيما، ناغازاكي،
البوسنة… طفل الحجارة.
وخلال دقائق تعرفت
على وجوه جميع القتلة،
فأغلقت كتاب التاريخ
فاهتز نشواناً.. إنه من لحم!
فاتح المدرس (1995)
وتعبّر مقولات المدرس عن توجهاته الفنية ورؤاه التي تحمل فكرًا فنيًا متمردًا على السائد، باحثًا عن الإبداع، حيث يقول: (يعقوب، 2011)

“بكل بساطة أنا رسام سوري عربي حديث، أرفض الأخذ بالمفاهيم المستوردة أو مسبقة الصنع.. بكل بساطة أنا شاهد على جمال الأرض والإنسان، كما أنا شاهد على أحزان عصري”-“إنني مواطن يشعر بمسؤولية البناء مع كل دقة من قلبي، وغرامي بالفنون يمثل وجودي، الفن يجعل الحياة محتملة ويعطر الوجود بعطر إنساني دائم الإثارة”

“ثبت لي من خلال الرسم والكتابة أن أصدق الصور وأدقها هي التي تُرسَم بريشة طفل، ليس لكونه بدائياً، إنما بوصفه متكاملاً، يحمل الغد القادم، إن أجمل أعمالي هي التي تحمل ملاحظات طفولتي وانطباعاتي”

-“ارسم من الذاكرة، والذاكرة تُقَرِّب البعيد، وتُبْعِد القريب، ففيها، للون ثقله، وللحزن وزنه”-“أرسم لأُدرِك من أنا »، ويضيف في موقع آخر: « أرسم لأتعرف إلى الموجودات، فالفنان لا يكرر ولا يقلد بل يُنشئ، إنشاؤه عالم مبتكر بموجوداته وإيحاءاته وصوره، هو غير العالم الذي يعيش فيه وإياه، أو هو في الوقت ذاته شخصي، وإقليمي، وقومي وإنساني”

“إن الصورة التي تفرض ذاتها عليَّ ـ وهي في الحقيقة رؤية ـ تستحيل في كياني إلى حالات غريزية ـ حيوانية ـ، وفي اللوحة بقعاً متعددة الألوان، والأشكال، قد لا تمت بصلة إلى الحدث الذي أملاه ولا إلى الفكرة التي استدعتها”.

“إن آخر ما يموت في غابة الدهشة هو اللون”.

رابعًا: الأنشطة والمشاركات

.1922- ولد في مدينة حلب.درس في المدارس التجهيزية في حلب، وفي الكلية الأمريكية في (عاليه) _ 1958، درس الفنون واللغة الإنكليزية في المدارس الثانوية في حلب، وشارك في معرض الفنانين العرب في (بيت مري). 1947

المعرض الأول للفنانين التشكيليين العرب السوريين في مدرسة التجهيز، بدمشق.

_ 1950 نظم المعرض الأول لأعماله في نادي اللواء بحلب.

_ 1952 شارك في معرض مركز الصداقة في (نيويورك).

المعرض الثاني لأعماله في مركز (لوند) في السويد.

_ 1952 نالت لوحته (كفر جنة) جائزة المعرض الثالث للفنون التشكيلية في المتحف الوطني بدمشق.

جائزة استحقاق من المعرض الدولي في جامعة كليفلاند- فلوريدا.

الجائزة الأولى من وزارة المعارف السورية.

حاز على جائزة كرومباكر في جامعة كليفلاند فلوريدا الولايات المتحدة.

_ 1955 معرض شخصي في نيويورك. 

ـ1957 معرض الفنانين العرب (روما)

._ 1959 معرض شخصي في غاليري شيكي في روما، اقتنى جان بول سارتر3 لوحات منه.

_ 1960 المعرض الثالث في صالة (هسلر) في ميونيخ بألمانيا.

ـالجائزة الأولى من أكاديمية الفنون الجميلة بروما.

_ 1960 ممثل القطر العربي السوري مع زميله لؤي كيالي في بينالي البندقية. (جناح الجمهورية العربية المتحدة).

_ 1961 أصبح معيداً في كلية الفنون الجميلة بدمشق، برزت محاولاته لابتكار أسلوب شخصي خاص.

ـالمعرض السادس في صالة الفن الحديث العالمي- بدمشق.

_ 1962 المعرض السابع في صالة (غاليري ون) في بيروت.

ـ الميدالية الذهبية لمجلس الشيوخ الإيطالي.

ـ ديوان شعر مع زميله خزندار باللغتين العربية والفرنسية (القمر الشرقي على شاطئ الغرب).

_ 1963 اقتنى الدكتور فالترشيل رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية مجموعة له .

ـالمعرض الثامن في صالة (غاليري ون) في بيروت.

ـشارك في بنيالي (سان باولو) في (البرازيل!)- ميدالية شرف.

ـالمعرض المتجول لفناني الدول العربية في أمريكا اللاتينية.

ـمعرض مشترك شتوتغارت (ألمانيا الاتحادية) أقامه الناقد الألماني الدكتور (براك- ميرو- شنيدر- زادكين- ارب- بيكاسو- بومايستر).

ـ 1964 الجناح السوري في معرض (نيويورك).

_ 1965 المعرض السوري في بيروت (سوق سرسق).

ـالمعرض العربي السوري في (موسكو).

ـالمعرض العربي السوري في (واشنطن).

_ 1967 المعرض العربي المعاصر في (لندن).

ـ المعرض التاسع في (باريس).

ـكاليري كونتاكت في (بيروت).

المعرض العربي السوري في (تونس).

_ 1968 بنيالي الإسكندرية لفناني دول البحر المتوسط.

_ 1970 معرض تحية إلى مالزو بدمشق (أديب فرنسي).

_ 1973 معرض شخصي في مونتريال كندا.

_ 1976 أهدت وزارة الثقافة لوحة من أعماله للسيد الدكتور فالترشيل رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية.

معرض في مدينة حلب مع زميله لؤي كيالي.

_ 1977 معرض الفن التشكيلي العربي السوري في (عمان).

أستاذ الدراسات العليا في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق.

معرض الفن التشكيلي العربي السوري في (الكويت).

معرض الفن التشكيلي العربي في (الرباط) المغرب.

بنيالي سان باولو جائزة وسام شرف.

أهدت وزارة الثقافة لوحة من أعماله للسيد جاك شيراك رئيس وزراء فرنسا السابق.

عضو مؤسس في اتحاد الفنانين التشكيليين العرب.

عضو مؤسس في نقابة الفنون الجميلة في سوريا ثم رئيساً لها 11 عاماً.

جائزة الشراع الذهبي من معرض الكويت الخامس للفنانين التشكيليين العرب.

معرض خاص في باريس في جاليري بريجيت شحادة.

_ 1978 المعرض الحادي عشر في بون.

معرض بون حيث استقبله الدكتور فالترشيل رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية.

_ 1980 شارك في معرض القصر الكبير في باريس للفن العربي السوري.

معرض الدول العربية في (بون) وفرانكفورت._ 1980مجموعة قصص \”عود النعنع \”

.المعرض الثاني عشر في (دمشق) المركز الفرنسي.

_ 1982 المعرض العربي- السوري في (تونس) و (الجزائر).

المعرض العربي السوري في (صوفيا).

_ 1983 معرض الفن التشكيلي العربي السوري في (باريس).

ـمعرض (كان سورمير) في (فرنسا).

ـمعرض الفن التشكيلي السوري في برلين الشرقية.

_ 1984 المعرض الثالث عشر في (دمشق) المركز الثقافي البلغاري.

المعرض المتجول في دول أمريكا اللاتينية.

_ 1984المعرض الرابع عشر في (دمشق) المركز الثقافي البلغاري.

ـأصدر ديوان (الزمن الشيء) مع صديقه حسين راجي.

_ 1986 جائزة الدولة.

_ 1986-1991 شارك في جميع المعارض الرسمية ولوحاته موزعة في سوريا والعالم وعلى العديد من الأفراد.

_ 1992جائزة الدولة التقديرية للفنون- الأردن.

_ 1993 معرض شخصي لأعماله في (واشنطن) الولايات المتحدة.

_ 1994 معرض شخصي واشنطن.

ـمعرض إستيعادي مع طبع كتاب وفيلم من معهد العالم العربي- باريس. * تكريم من عمان.

_ 1996 معرض إستيعادي بيروت.

ـ تكريم من الكويت.

_ 1997 معرض إستيعادي في دبي.

ـوشارك الفنان من عام 1952 في عدة معارض في واشنطن أمريكا اللاتينية، روما، باريس، لندن، وعدة دول أوروبية أخرى.

_ 1999 توفي في دمشق. (فنون، 2014).

خامسًا: لوحة كفر جنة.

تعتبر لوحة “كفر جنة” لفاتح المدرس واحدة من أبرز الأعمال الفنية في الحركة التشكيلية السورية الحديثة. تتميز هذه اللوحة بجمالياتها البصرية وقوتها التعبيرية، وهي من أشهر اللوحات التي شارك بها في المعرض السنوي الثالث في المتحف الوطني بدمشق (1952)، بقياس (50-70) سم بالألوان الزيتية على القماش، وقد حازت على الجائزة الأولى في المعرض، وأصبحت فيما بعد من مقتنيات المتحف الوطني في دمشق.
سميت اللوحة على اسم قرية صغيرة وجميلة في ريف مدينة حلب، تمثل منظرًا طبيعيًا، ريفيًا مختزنًا بذاكرة الفنان، وتتوسط اللوحة امرأة تحمل طبقًا من القش متجهة إلى عملها في الحقل، ولا تظهر في اللوحة معالم الوجه والجسد إذ امتزجت مع ضربات الريشة العرضة وتماهت مع الألوان المحيطة في الطبيعة، كما تعكس بعمق روح المكان والإنسان السوري. في هذا التحليل، سنقوم بتعميق البحث في مختلف جوانب اللوحة، من الناحية الفنية والرمزية والتاريخية، وذلك بهدف فهم أبعادها الفنية والمعاني التي تحملها.

تحليل اللوحة:

التركيب: يعتمد تركيب اللوحة على خطوط قطرية قوية، تبدأ من الشجرة الضخمة في الجانب الأيمن وتنتهي بالمرأة في الجانب الأيسر. هذا التركيب يخلق إحساسًا بالحركة والتوازن، ويوجه نظر المشاهد نحو العمق.

الألوان: تسود الألوان الدافئة في اللوحة، مثل الأخضر والأصفر والبني، مما يعكس دفء الأرض وحرارة الشمس. هذه الألوان تخلق جوًا من الألفة والراحة، وتضفي على اللوحة طابعًا واقعيًا.

الضوء والظل: يلعب الضوء دورًا هامًا في إبراز تفاصيل اللوحة، حيث يخلق تباينات قوية بين الأضواء والظلال. هذا التباين يزيد من العمق المكاني ويضفي على اللوحة حيوية.

الخطوط: تتميز الخطوط في اللوحة ببساطتها وقوتها. فهي تعبر عن حركة الرياح، وتضفي على اللوحة إحساسًا بالحيوية.

السطح: يتميز سطح اللوحة بقوام خشن، مما يعكس طبيعة المادة التي رسمت عليها. هذا القوام يضيف إلى اللوحة عمقًا بصريًا.

التحليل الرمزي.

المرأة: تمثل المرأة في اللوحة محورًا هامًا. فهي تحمل على رأسها سلة من المحاصيل، مما يرمز إلى دورها كمعيلة ومزودة للحياة. كما يمكن تفسيرها على أنها رمز للأرض والأمومة، وهي عناصر أساسية في الثقافة السورية.

الشجرة: تعد الشجرة رمزًا قويًا في العديد من الثقافات. في هذه اللوحة، تمثل الشجرة ارتباط الإنسان بالأرض، وقوته وصلابته في مواجهة تحديات الحياة.

اللون الأخضر: يرمز اللون الأخضر إلى الحياة والنمو والأمل. وهو اللون السائد في اللوحة، مما يعكس التفاؤل والإيمان بالحياة.

الفضاء المفتوح: يعبر الفضاء المفتوح في اللوحة عن الحرية والاتساع، وهو يعكس روح الشعب السوري الطموح.

السياق التاريخي: تم رسم لوحة “كفر جنة” في بداية الخمسينيات من القرن العشرين، وهي فترة شهدت تغيرات اجتماعية وسياسية كبيرة في سوريا. تعكس اللوحة روح تلك الفترة، حيث تمجيد الريف والقيم التقليدية.

التأثيرات الفنية: تأثر فاتح المدرس بالعديد من التيارات الفنية، مثل الانطباعية والتجريدية. وقد استطاع أن يمزج بين هذه التيارات لتكوين أسلوب فني خاص به.

الأهمية الفنية: تعتبر لوحة “كفر جنة” نقطة تحول في تاريخ الفن التشكيلي السوري، حيث مثلت بداية مرحلة جديدة من الحداثة الفنية في سوريا.

تعتبر لوحة “كفر جنة” لفاتح المدرس تحفة فنية فريدة من نوعها، تجمع بين الجماليات البصرية والقوة التعبيرية. فهي تعكس بعمق روح المكان والإنسان السوري، وتعتبر شاهداً على تطور الفن التشكيلي في سوريا. من خلال تحليل مختلف جوانب اللوحة، يمكننا أن نستخلص أن فاتح المدرس كان فنانًا مميزا ورائدا، استطاع أن يخلق عملاً فنياً خالدًا.

سادسًا: الأعمال الورقية.

يتحرر المدرس في اللوحة التالية من قيود الأكاديمية المفروضة وينطلق باتجاه بواكير الطفولة، مليئًا بالدهشة، مجانسًا المواد والألوان، فاتحًا الرؤى إلى أقاصيها التعبيرية وبثلاثة ألوان اذا اعتبرناهم أو باللون الرئيسي مع وجود الاسود المعمم على أرضية العنصر ومضافا عليه الأبيض والأحمر القاني يعبر به عن الشدة .

فاتح المدرس، بدون عنوان، ألوان مائية على ورق، ٣٦ *٢٦ سم، 1973

في اللوحة التالية اسكتش الوجه بالحبر بمجموعة خطوط مقتضبة تارة حرة ومستقيمة وتارة ملتوية يتشكل الوجه بتعابير حزينة ومتسائلة .

فاتح المدرِّس، “هالة”، 1953. شمع أسود على ورق. الأبعاد غير معروفة. عمل ضائع. يظهر العمل مطبوعاً في مقالة سليم عبدالحق.

لوحة بالشمع الأسود يستخدم المدرس تقنية المساحة والخط باقتدار لوجه يلخص به ظلال فجوة العين ومساحة الشعر ويطاول العنق لكي يميل الرأس باتجاه فجوة دائرية .

فاتح المدرس، بدون عنوان، حبر على ورق، ٣٠ * ٣٠ سم، 1990

يستخدم المدرس في اللوحة التالية تقنية التشبع باللون ضمن مساحة العنصر الافتراضي، لمجموعة عناصر أشبه بالكائنات المائية السابحة في الفراغ .

فاتح المدرس، بدون عنوان، أكريليك على ورق، ٦٩ * ٣٠ سم، بدون تاريخ

الخاتمة:
اتسمت تجربة الفنان فاتح المدرس الفنية بالخروج عن السائد في المنحى العام لنتاجه الفني، إذ يظهر سعيه لتأدية رسالة الفنان بالتعبير عن وجدانه الذاتي وعن الهم الاجتماعي، من خلال التفرد بالأسلوب وتقديم الجديد الذي يخلق لدى المتلقي طابع الدهشة، كما أوضحت أعماله مدى ارتباطه ببيئته، وتأثره بعناصرها، حيث احتلت الطبيعة مساحات واسعة من نتاجه الفني، كما كان لوالدته أيضًا نصيبًا بها، وانطوت تجربة المدرس على شيء من الحزن الذي يغلف الوجوه، وهو حزن ريفي يظهر من خلال الألوان والعناصر التي تمتزج مع الألوان لتغيب ملامحها في عالم الطبيعة، إذ عاش مغامرات فنية مستمرة، بحثًا عن الجمال محاولًا بناءه بلغته التشكيلية الخاصة، اعتمد بها على التجريد والاختزال من غير أن يغرق في الواقعية، متمسكًا بالهم الإنساني ومعبرًا عنه.

المراجع:
جدل. (2023). سيرة الفنان فاتح المدرس، 13ديسمبر، https://2u.pw/cp5hqual.
Eaisada، قيصر التشكيل السوري وكسر حواجز العزلة في دوائرها الزمنية، http://eiasada.net
درويش، عصام. (2006). فاتح المدرس، مجلة ثقافات، ع 17.
الفارس، فوز. (2021) فاتح المدرس الفنان والأديب وصانع الهوية السورية، https://2u.pw/HI0fdhuM.
اتحاد الكتاب العرب، دليل الأعضاء. (2021)، فاتح المدرس، تشرين الأول، https://2u.pw/0Z9fVKec.
العرب. (2021). فاتح المدرس بوابة الفن التشكيلي السوري إلى العالمية، https://2u.pw/vbvwBRs9.
جمارنة، نضال. (2000). فاتح المدرس والأبعاد اللونية اللامتناهية، مجلة التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، ع177.
دحدوح، فائق. (2000). فاتح المدرس عالم يتعانق فيه أبولو وديونيزوس، مجلة ثقافات، ع17.
شمعون، عبد الرؤوف. (2006). فاتح المدرس الفنان الذي قال لا، مجلة ثقافات، ع 17.
هويدي، محمد عبد المحسن. (1981). تجارب أدبية فاتح المدرس كاتب قصة، الموقف الأدبي، اتحاد الكتاب العرب، ع 119.
صفيه، خليل. (1981). مقدمة للدخول في عالم فاتح المدرس التشكيلي، ع 120.
أتاسي. (ب.ت) فاتح المدرس، مؤسسة أتاسي للفنون والثقافة، https://2u.pw/SsWzMrMM
شاهين، محمد. (2008). فاتح المدرس تآلف الفن والحياة، مجلة العربي، ع 600.
فياض، عامر. (2023). آخر ما يموت في غابة الدهشة هو اللون، صالون سوريا، https://2u.pw/rvP9gs0e.
فنون. (2014). فاتح المدرس رائد الفن التشكيلي السوري، https://2u.pw/FcZoDHNC
يعقوب، أوس. (2011). الفنان فاتح المدرس ظل الغياب، ديوان العرب، https://2u.pw/LgC2TKds.
دانتون، أمبرا. (2023). التلاعب مع الزمن أعمال فاتح المدرس الورقية والتأريخ السوري بين الحداثة والمعاصرة، تر: باسل جبيلي، مؤسسة أتاسي للفنون والثقافة.
عبو، جوني. (2022). مئة عام على ولادة الفنان السوري فاتح المدرس، جريدة الناس نيوز الإلكترونية، https://2u.pw/apIl8exF
الأوس. (ب.ت). من قصائد فاتح المدرس الأخيرة، جريدة اكتشف سورية، الأوس للنشر.


★باحثة في مجال التصميم والتواصل البصري.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى