سينما

محمد فهمي:حسن يوسف .. ما بين مسجد مصطفى محمود، وزهرة وأزواجها.

محمد فهمي ★


رحل عن عالمنا الفنان القدير “حسن يوسف”، وقبل أن نخوض في مسيرته المليئة بالأعمال المتنوعة؛ بداية من الأعمال السينمائية الشبابية إلى الاعتزال، ثم العودة بالأعمال الدينية،  ثم الأعمال المتحفظة؛ والتي تليق بمرحلته العمرية الأخيرة، وقناعاته مؤخراً.
وقبل رحيل الفنان “حسن يوسف”، حدثنا أحد أصدقائنا عن الفنان “حسن يوسف”، والغريبة أنه لم يذكر أعماله، أو جوائزه، أو ما إلى ذلك؛  لكنه تحدث عن موقف شخصي مع الراحل “حسن يوسف”، حينما كان يقابله بشكل شبه يومي في مسجد “مصطفى محمود”، وبالتحديد في وقت صلاة العشاء؛ في الفترة التي اعتزل فيها الراحل التمثيل نهائياً، وكان متواجد دائماً في الصفوف الأولى، وبعد الانتهاء من الصلاة كان يلتف حوله المصلون لتحيته، وكان “حسن يوسف”، يسعد كثيراً حينما يجد المصلين يلقون عليه التحية، وبالأخص جيل الشباب؛ الذين لم يعاصروا ذروة النجاح. للفنان “حسن يوسف”، في السينما.

  زمن الشقاوة الجميل

سيظل زمن الفن الجميل، هو الأمتع لنا في كل مراحله الفنية، وعلاقتنا القائمة حتى الآن مع فناني تلك المرحلة حتى بعد رحيلهم عن عالمنا، في فترة شبابهم كان يقدمون فناً خالصاً لا يخدش الحياء، وإنما كانت أعمالاً متنوعة تجمع بين الكوميديا، والرومانسية الجميلة، فالبعض قد يختلف مع جودة هذه الأعمال من ناحية الكتابة، وركاكة القصص، وأنها قصص مكررة، وعلى الرغم من ذلك قدموا أعمالاً  ستظل خالدة في ذاكرة السينما المصرية.

فكان من ضمن هذا الجيل، الراحل “حسن يوسف”، الذي قدم أعمالاَ فنية جماعية مع الراحلين محمد عوض، ويوسف فخر الدين، وأحمد رمزي، وسعاد حسني، ونادية لطفي، ولبلبة، وكمال الشناوي، وغيرهم من أبناء جيله.


تمتع “حسن يوسف”، بشعبية كبيرة من محبيه في مصر، والوطن العربي؛ وتعود تلك المحبة لعدة أسباب؛ منها أسلوب تمثيله الشبابي؛ حيث كان قريباً للغاية من أسلوب الشباب في تلك الفترة، والتلقائية والبساطة في أسلوبه، الكوميديا الخفيفة البعيدة كل البعد عن الابتذال، وخدش الحياء، وأيضاً القصص الرومانسية التي كان يقدمها مع زملائه وزميلاته من أبناء جيله، فكان الطاهي الماهر الذي يقدم الوجبة الشهية الدسمة بين الكوميديا، والحب، ولحظات الأكشن الممزوجة بالإيفيهات؛ فكان خير ضيف في الثالثة عصراً عندما كنا لا نحمل هماً.

شمس البارودي، حب عمره

بدأت قصة حب الراحل “حسن يوسف”، والفنانة المعتزلة “شمس البارودي”، في فترة الستينيات، وكانت علاقة عمل قبل أن تتطور إلى علاقة عاطفية؛ التي دفعت الثنائي للزواج عام 1972.
وكما يقول المثل الشعبي “ما محبة الا بعد عداوة” فكما حكى الراحل “حسن يوسف”، عن بداية تعارفه بالفنانة “شمس البارودي”، في أحد الأفلام، وحدثت مشادة تليفونية بينهما؛ نتيجة لتأخر”شمس”، عن ميعاد التصوير؛ ولكن بعد تلك المشادة، بدأت تتحسن العلاقة حتى سافرا معاً إلى “سوريا” لتصوير فيلم “رحلة حب”؛ ولتواجد عائلتها رفقتها ؛ كان ضيفاً دائماً على عزومات عائلتها بعد تعرفهم عليه ، وحبهم له.

وكان أكثر ما يعجب الفنان “حسن يوسف”، في زوجته هو حبها للأجواء الأسرية، فقد كانت لا تفارق أسرتها حتى بعد دخولها عالم الفن، وتزوج منها بعد انفصالها عن الأمير”خالد بن سعود” بعامين، وأنجبا أربعة أبناء، ناريمان، ومحمود، وعمر، وعبدالله.
وحرص الثنائي على إبعاد حياتهما الشخصية عن الأضواء والشهرة؛ ملتزمين بأدوارهما كأبوين لأبنائهم ، وكانت “شمس البارودي”، داعمة للراحل في سنوات حياته الأخيرة خاصة بعد الابتعاد عن الفن، واشتركا في عدة أعمال منها : الجبان والحب، ورحلة حب، والمجرم، واتنين على الطريق، والطيور المهاجرة، ومراهقة من الأرياف، والخائنة.

الاعتزال

أهم قرار في مسيرة الراحل “حسن يوسف”، هو الاعتزال، فبدأ القرار يتشكل بداخله بعد أن قررت الفنانة المعتزلة “شمس البارودي”، اعتزال الفن، وذلك بعد انتهائها من تصوير فيلم “اثنين على الطريق”، وبعدها أدت العمرة، وارتدت الحجاب، ولم تخلعه إلى يومنا هذا.
وكان لهذا القرار، تأثير على “حسن يوسف”، ففكر هو الآخر بالابتعاد عن الفن، والتوجه لعمل أي مشروع، فذهب إلى الشيخ “محمد متولي الشعراوي”، فنصحه بتقديم أعمال تحث الشباب على الأخلاق الحميدة، فقدم أعمالاً دينية منها: مسلسل ابن ماجه، والإمام المراغي، وأنوارالحكمة، وقضاة عظماء، وإمام الدعاة ؛ الذي كان أكثر تلك المسلسلات نجاحاً، وشعبية، ومضمون المسلسل كان قصة حياة الشيخ “محمد متولي الشعراوي”.

وبعد فترة من الابتعاد عاد إلى تقديم أعمالٍ فنية هادفة، تليق بالمشاهدين، وتليق بمكانته، ومرحلته العمرية،  فقدم  في (2005) مع الفنانة “نجوى إبراهيم”، مسلسل “عواصف النساء” ثم قدم في (2010) رفقة الفنانة “غادة عبد الرازق” مسلسل “زهرة وأزواجها الخمسة”؛ الذي  تعرض فيه للنقد والهجوم عليه ؛ على الرغم أنه عملٌ  خفيفٌ، ولاقى نجاحاً كبيراً في مصر، والوطن العربي.

وكان من المقرر عودته في مسلسل “بيت السيدة” في (2023)؛ ولكن تم تأجيله لعدة أسباب؛ ولكن السبب الأخير؛ هو بمثابة الإعتزال النهائي.
عاش الفنان “حسن يوسف”، أياماً ثقالاَ؛ وبالأخص بعد وفاة ابنه “عبد الله” غرقاً ؛ فخيم الحزن على العائلة بأكملها، وسبَّب صدمة للراحل، وأكدت الفنانة المعتزلة “شمس البارودي”، أن “حسن” اعتزل الفن نهائياَ، ولن يتراجع عن قراره أبداً.
وهذا ما حدث بالفعل، فاستمر اعتزال الراحل “حسن يوسف”، حتى وفاته في صباح يوم الثلاثاء (29)أكتوبر (2024) ؛ ليرحل تاركاً خلفه مسيرة فنية ناجحة، مليئة بالأعمال السينمائية، والتليفزيونية في تاريخ مصر، والعالم العربي.


★ كاتب ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى