موسيقي

بدر الأستاد:هل يمكن أن يصل المقلد إلى الأصل ..ماذا عن” كارلا”، و”مي” إذن ؟!


بدر الأستاد ★

لا نستطيع أن ننكر بأن رأي الجمهور سلاح ذو حدين، إما أن يرتفع بالفنان إلى الأعلى، وإما أن يُنهي مسيرته، ويقذف بها إلى مقبرة الفنانين المنسيين!
هذا بالفعل ما فكرت فيه، وأنا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي في أحد الأيام، حين شدني صوت فنانة شابة تُدعى “كارلا شمعون” وهي تغني أغنية “أنا لحبيبي” للسيدة فيروز.
لا أنكر بتاتاً أن صوتها أعجبني، وعشت معه لحظات جميلة، منسجماً مع صوتها؛ الذي أخذني إلى عالم بعيد عن بشاعة الواقع، لكن ما إن انتهى المقطع الذي مر سريعاً، حتى شعرت بالفضول الذي يتملكني أحيانا لقراءة التعليقات، فكانت معظم التعليقات تشيد بجمال صوتها، ومنسجمة معها، وتشير إلى الشبه الكبير بين صوت كارلا، وأرزة لبنان السيدة فيروز، حتى جاء ذلك التعليق الذي يبدو أنه كان يرغب بأن يمجد صوت كارلا شمعون، إلا أنه في الواقع قتلها معنوياً، حين كتب: “مش معقول بالعة فيروز بلع”!
حين قرأت هذا التعليق، شعرت وكأن ضوضاء الحياة التي هربت منها عبر صوت كارلا، قد ابتلعتني، واستيقظت من  ذلك الانسجام الذي عايشته بفضل قدراتها الصوتية المميزة؛ ليتحول الأمر إلى مجرد قدرات (تقليدية) عالية جداً.

لا أقصد هنا بأنني تأثرت بالتعليق؛ بل كان بالنسبة لي لحظة إعادة اكتشاف لمستوى تقييمي، وتساءلت: كيف أعجب بصوت مُقلد لا أصيل!؟ حينها عدت أتصفح حساب الفنانة كارلا شمعون، فلاحظت بأنها تغني بِحس، وصوت فيروز، فأكملت البحث عن مقطع واحد، أستمع فيه لكارلا، بصوتها الحقيقي ، لا فيروز بشكل كارلا، عندها وجدت تسجيلاً تم وضعه في حساب كارلا يوم 11/يوليو، وهي تغني؛ لكن الغريب أنها ذكرت توضيحاً حوله، وليتها لم تفعل، قالت فيه: “هالفيديو مش فيديو تقليد شخصيّات وأصوات”! إذن هي تُقلد.. لا تغني!؟ فتمنيت أن أكتب لها، وأين روح كارلا من كل ذلك..؟! وحتى أكون منصفاً، فإنها حين غنت بعض (العُرب) شعرت باختلافها عن السيدة فيروز، وبأنها تغني بإحساسها الخاص، وكانت رائعة في تلك اللحظات.


ما لاحظته مع هذه المطربة الشابة، تكرر كثيراً مع معظم الفنانين؛ الذين يغنون لكبار الفنانين؛ خاصة كوكب الشرق أم كلثوم، حيث تجدهم يقومون بتضخيم الصوت، وتغليفه بطبقة مستعارة، ويتناسون بأن الغناء قائم على الإحساس، وليس الصوت فقط، وإذا استطاع الفنان استعارة صوت فنان قديم، لا يمكنه أن يستعير إحساسه أيضاً، ولعل المثال المميز في هذه الحالة، هي الفنانة المصرية “مي فاروق”، التي من الوهلة الأولى تسحر الجمهور بأدائها، وأعتقد أنه إلى الآن لم يأت من يغني لكوكب الشرق أم كلثوم مثلما غنت “مي فاروق”، فما الفرق بين “مي” وبين “كارلا” ..!؟ الأمر متروك لمن يستطيع التوغل في أدقّ التفاصيل !


★ناقد ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى