محمد الشحات: رحلة بين الماضي والحاضر في عالم الفن.
محمد الشحات★
تعتبر الفنون إحدى أسمى أشكال التعبير الإنساني، فهي تعكس تجارب الحياة، والمشاعر، والثقافات.
من خلال دراسة أعمال فناني الماضي، والفنانين المعاصرين، يمكننا أن نلاحظ تغيرات واضحة في مواضيع الأعمال الفنية، وأسلوب التعبير.
في هذا المقال، سنستعرض الفروقات الأساسية بين هذين الطرفين من الزمان.
فنانو الماضي: الجذور والتقاليد
الفنانون في العصور السابقة، مثل ليوناردو دافنشي، مايكل أنجلو، وفان جوخ، كانوا يميلون إلى تصوير الموضوعات التقليدية؛ التي تعكس القيم الاجتماعية والدينية والثقافية لعصرهم؛ فقد كانت الكنيسة، والملوك مصادر رئيسية للتمويل، والدعم الفني، مما أدى إلى إنتاج أعمال فنية تحمل رسائل تعبر عن الدين، والبطل، والجمال الإلهي.
على سبيل المثال، تُعد لوحة “العشاء الأخير” من أعمال دافنشي تعبيراً عميقاً عن الإيمان المسيحي، حيث يتجلى الانتباه للتفاصيل، والتعبيرات البشرية، وتظهر الأعمال أيضاً اهتماماً كبيراً بالمناظر الطبيعية، والجمال الجسدي، مما يعكس نظرة المجتمع لذلك الوقت.
فنانو الوقت الحاضر : تنوع الموضوعات، والحرية التعبيرية.
مع دخول القرن الواحد والعشرين، تغيرت المشاهد الفنية بشكل جذري؛ أصبح الفنانون المعاصرون يستكشفون موضوعات أكثر تنوعاً وشجاعة، تشمل القضايا الاجتماعية، والهوية، والسياسة.
تزداد الأعمال الفنية المعاصرة تعبيراً عن التجارب الشخصية والاجتماعية، حيث يتم تناول مواضيع مثل: العولمة، وحقوق الإنسان، والبيئة.
أعمال فنانين مثل: بانكسي، ويايوي كوساما، تعكس هذا التحول؛ يستخدم بانكسي، فن الشارع كوسيلة للتعليق على القضايا السياسية والاجتماعية، بينما يعكس كوساما، مشاعر القلق والهوية من خلال أنماطها المتكررة؛ التي تملأ الفضاء.
التقنية والتكنولوجيا: وسيلة للإبداع
لا يمكننا تجاهل الدور الكبير الذي تلعبه التقنية في الفن الحديث؛ فنانو اليوم يستخدمون أدوات رقمية، وهيئات ثلاثية الأبعاد، وفنون فيديو، وتفاعلية لخلق تجارب فنية جديدة؛ هذه التقنيات سمحت بتوسيع حدود الإبداع، وجعلت الفنون أكثر وصولاً للجمهور؛ بينما كان الفنانون في الماضي يعتمدون على أدوات تقليدية مثل :الفرشاة ، والألوان الزيتية، يتمكن الفنانون المعاصرون من استخدام برمجيات متقدمة؛ لإبداع أعمالهم.
الفنون المتعددة والمشاركة المجتمعية
تتميز الفنون المعاصرة بتركيزها على المشاركة المجتمعية وتفاعل الجمهور؛ العديد من الفنانين اليوم يشجعون المشاهدين على التفاعل مع الأعمال الفنية، مما يجعل التجربة الفنية أكثر ديموقراطية وشخصية؛ يتمثل هذا في أشكال الفن التفاعلي، وورش العمل المجتمعية، والفعاليات الثقافية؛ التي تجمع بين الفنانين والجماهير.
في الختام، تتطور المواضيع والأساليب الفنية باستمرار مع الزمن، مما يعكس التغيرات في المجتمع والثقافة ؛ بينما يعود فنانو الماضي إلى الجذور والتقاليد، يستكشف الفنانون المعاصرون آفاقاً جديدة تعبر عن قضايا العصر الحديث. يمثل كلا الزمنين تجربة إنسانية غنية، تسهم في فهم أعمق للعالم من حولنا، وتعكس تنوع الخبرات الإنساني.
★ ناقدـ مصر.