مسرح

شهد إبراهيم: الموسيقى التصويرية في الدراما المسرحية ضرورة فنية أم عنصر مُهمل؟

شهد إبراهيم ★

الموسيقى التصويرية، ليست مجرد خلفية صوتية تكميلية للمشاهد الدرامية؛ بل هي عنصر أساسي يضفي أبعاداً إضافية على النص المسرحي، وفي عالم المسرح؛ حيث يعتمد الفن على التفاعل الحي بين الممثلين والجمهور، تلعب الموسيقى التصويرية دوراً محورياً في تعزيز الأجواء، وبناء الشخصيات، وعلى الرغم من ذللك إلا أن البعض يغفل عن توظيفها بشكل سليم؛ لتصبح عبارة عن وسيلة لإجبارهم على الشعور بأشياء معينة، بدلاً من السماح لهم بتجربة الأحداث، والشعور بها بشكل طبيعي.

فالموسيقى التصويرية، والمؤثرات الصوتية قديمان قدم المسرح، وكانت نشأتها من أصوات قرع الطبول، والأجراس البدائية؛ التي كانت ترافق الإنسان في الطقوس الدينية، ومشاهد الحروب إلى أن أصبحت الموسيقى المصاحبة للعرض المسرحي الحديث الآن، التي أصبح بعض المخرجين يضعونها اعتباطاً؛ لسد نقص في الإخراج، وجوانب العرض الأخرى، مما أدى في بعض الكتب في الفترة الأخيرة لوصف حالة الموسيقى في الإرشادات بشكل مفصل؛ ليذكرنا ذلك بأعمال شكسبير، فكل من قرأ شكسبير؛ يلاحظ في الإرشادات “موسيقى ناعمة” “أبواق من الداخل” و”عاصفة ورعد” ، وهكذا.

ومن وجهة نظري الشخصية؛ التي تحتمل الصواب أو الخطأ، أن المخرج يجب أن يكون على دراية بفن المسرح والموسيقى معاً؛ ليعطي لنا شكل سرد حواري درامي يعتمد على موضوع معين بالأداء والموسيقى، فلذلك فإن المسرح بحاجة إلى “مصمم موسيقى العرض” ذلك الذي يعرف متطلبات العرض، ويأخذ من أحداثه استثارة لخياله الفني؛ لينتج موسيقى مناسبة تماماً مع الأحداث، هذا ما يحتاجه الواقع المسرحي فعلاً، وليس “الإعداد الموسيقي” الذي يواجه فيه العديد من الموسيقيين بعض اللبس في مفهومه، حيث إنهم يأخذون مجموعة من المقطوعات القديمة؛ لتناسب الحالة الدرامية فقط دون تغيير، على الرغم من أن الإعداد هو إعادة كتابة عمل موسيقي وضع أصلاً قديماً، في إعداد جديد خاص للعرض؛ لكي يصلح للأداء والحالة الدرامية، ويتم ذلك عن طريق آلة واحدة، أو مجموعة من العازفين، بمعنى آخر إذا كانت الموسيقى مناسبة؛ ولكنها لا تصلح لحالة المشهد كونها لا تتناسب معه، فعلى المُعد أخذها ووضعها في مقام مناسب، ولعبها من خلال العازفين على الآلات المناسبة، حتى تتماشى مع العرض، وليس أخذ اللحن القديم كما هو.

ومع الأسف عدم تطرق النقاد لتحليل موسيقى العروض بشكل مفصل، أو بعضهم لا يذكرها من الأساس، جعلها ذلك عنصراً غير مهم، ومهمشاً في العروض المسرحية، مما جعل صنَّاع العمل يستسهلون اختيار موسيقى، ويضعونها بشكل تقليدي؛ مطلقين على ذلك “إعداد موسيقي” فعندما توارت الموسيقى خلف هذا المصطلح؛ أصبحت مهملة، أو غير مستغلة بالشكل المطلوب، مما أدّى إلى عروض تفتقر إلى العمق، والتأثير الموسيقي، ومن ثَمَّ تراجع الناقد عن ذكرها، وتحليلها في مقالاته؛ لغيابها عن النص.


★ طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي ـ جامعة عين شمس ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى