سينما

ضحى السلاب: كيف جسد فتحي عبد الوهاب معاناة الشاب الغر في” فرحان ملازم آدم”؟!


ضحى محمد السلاب★

اِندهشت من تصريح الفنان “فتحي عبد الوهاب” حول مشاعر الخوف؛ التي كادت أن تسيطر عليه  في أثناء أدائه لدور وكيل النيابة ” سليمان عزت” .. وذلك من شدة اندماج الفنانة “عبلة كامل”؛ التي كانت تقوم بدور” ريا” في مشهد التحقيق … وهى إنسانة تمارس القتل كعادة يومية .. وتمارس الشر كإجراء وقائي؛ يُمَكِّنُها من البقاء لأطول فترة ممكنة على قيد الحياة .. وعلى ذلك فلا يستطيع أحد أن يصمد أمامها سوى حاملي القدرة التنافسية على الثبات الانفعالي .. لطالما كان ” فتحي عبد الوهاب” واحدًا منهم ؛ ولكن هذه القدرة تتلون بفعل عوامل التشخيص الدقيق التي يمتلك منها ” فتحي عبد الوهاب” قدرًا لا بأس به .

ومِن ثَمَّ كُتب لهذه القدرة الظهور في  فيلم (فرحان ملازم آدم)  ٢٠٠٥ للكاتب “محسن زايد”، والمخرج “عمر عبد العزيز”الذي يحكى قصة الشاب “فرحان” الذي يأتي من أقصى الصعيد؛ ليعمل بالقاهرة حاملًا شهادة الثانوية العامة؛ يحلم بعالم جديد، ونجاح لم يجده فى قريته الصغيرة، إلا أنه يضطر للسكن فى حي عشوائي، ويقابل نماذج إنسانية عديدة فقدت براءتها، وتعاملت مع “فرحان” على أنه كائن من كوكب آخر.

يسكن “فرحان” عند “إحسان” التي تبيع الكشري مع ابنتها “فتنة”، ورغم وقوع “فرحان” فى حب الابنة؛ إلا أنه يتورط أيضًا مع الأم؛ وعليه يناقش الفيلم العديد من المفارقات النفسية المهمة، رصدتها الكاتبة “ماجدة محي الدين” في مقالها  على موقع (جريدة الاتحاد الإماراتية) عن الفيلم في  ٢٦ فبراير ٢٠٠٥  ومنها :

 أن أحد الشباب يحاول استغلاله، ويوهمه بأنه سيوفر له مسكنًا خاصًا؛ بينما يسعى لأن يجعله يدفع عنه الأجرة المتأخرة عليه؛ مقابل أن يشاركه حجرة في إحدى المناطق العشوائية·· وتبدأ معاناة “فرحان”؛ حيث يسخر الجميع من اسمه الأول؛ الذي لا يتناسب وقسوة الحياة·

يكتشف “فرحان” تدريجيًا أنه هجر قريته  التي كان يعيش بداخلها واقعًا  محدد  النفسية  لا بحثًا عن حياة أفضل في المدينة؛ لكنه يتعرض لمشاكل سواء في عمله كمحصل في هيئة النقل العام، أو في مسكنه؛ حيث يعيش في حجرة، ويضطر إلى أن ينتظر دوره في دخول الحمام·· ورغم أنه حريص على الالتزام بعادات، وسلوكيات القرية التي جاء منها، ولا يميل للاختلاط بالغرباء؛ إلا أنه يجد نفسه متورطًا في علاقات منها تعلقه بالفتاة الشابة المكافحة “فتنة” التي قامت بدورها “ياسمين عبدالعزيز” ابنة صاحبة المسكن؛ والتي تغدق عليه، وتقرر أن تمنحه عقد إيجار في بادرة غير مسبوقة؛ بعد ما لمست شهامته، ورجولته في التصدي للمخبر؛ الذي يمارس البلطجة على أهل الحي “سامي العدل”.

 تتعلق “فتنة” بائعة الكشري “بفرحان”، ويبادلها الاهتمام والعاطفة؛ رغم تحفظه، ودهشته من جرأتها·· ونلمح المعاناة التي تعيشها “أم فتنة” الفنانة “لبلبة” التي دخل زوجها السجن منذ عشر سنوات، وتركها هي وابنتها؛ لينفذ عقوبة لاتجاره في المخدرات، إنه عالم عشوائي؛ يتأرجح بين الرذيلة، والفضيلة، والمشروع، والممنوع.

تسعى “أم فتنة” لإقامة علاقة آثمة مع “فرحان”، وتكاد ترغمه عليها، وهو فاقد لوعيه، كذلك نجد زوجة “سيد” لا تقاوم كثيرًا عندما يحاول معها “عزوز” الكهربائي؛ رغم أننا نشاهدها طوال الفيلم تَدَّعي الفضيلة، وتحاول التمسك بها·

عودة خائبة

 تنتهي الأحداث بعودة “فرحان” إلى “الديمومة” بعد أن صُدم، وفقد الكثير أثناء مغامرته للبحث عن فرصة أفضل في العاصمة·
وأهم مفارقة في رأيي هي سبب تسمية الفيلم بهذا الاسم؛   وخاصة أنه يبدو في ظاهره أنه من بطولة شخصين ” فرحان، وآدم” وأن “فرحان” يلازم آدم بالمعنى الحرفي؛ ولكن الحقيقة غير ذلك؛ حيث إن ” الديمومة ” التي  عاش بداخلها “فرحان” كشخص هي واقع ملازم لكل بني آدم؛  يرتبط  بالعادات والتقاليد الريفيه المنغلقة؛ والتي في بعض الأحيان تكون أهون من الانفتاح الحادّ؛ الذي من الممكن أن يعيده لنقطة الصفر مرة أخرى.


★كاتبة-مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى