عادل العوفي: دراما رمضان ..وهوس “الترند “
عادل العوفي ★
يبدو أن معايير النجاح تغيرت، واختلفت في الآونة الأخيرة، وصار “صك الغفران” المطلوب؛ جاهزاً وحاضراً لدى صناع الدراما؛ متمثلاً في نعيم “الترند “، وحلاوته؛ ضارباً عُرض الحائط بكل الأحكام، والنقد، والآراء المبنية على أسس متينة، ومنطقية للحكم على أي عمل فني .
أكثر كلمة متداولة في السباق الرمضاني المحموم؛ هي “الترند ” الذي يحجب الرؤية، ويخفي وراءه كوارث عظمى، ويتبجح الكثيرون به، ويختبئون خلفه لدرء أي عثرات ملموسة؛ باعتباره “المقياس ” الوحيد، الذي يشفي غليلهم، ويكشف بالملموس نجاحاتهم الجبارة، وكسر الأرقام القياسية، وحصد الثناء والإعجاب .
حرب اللجان الالكترونية
من أهم الظواهر التي أضحت تحكم مجال الدراما؛ شئنا أم أبينا ( اللجان الإلكترونية)، وتكفي جولة بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ للوقوف على حجم ما تُخَلِّفه تلك اللجان في غزو الصفحات، والترويج لمغالطات، وأيضاً لمحاربة الزملاء فيما بينهم؛ قصد الانفراد بالنجاح المزعوم في أساليب قذرة؛ تسيء لمبدأ المنافسة الشريفة، التي من المفترض أن تسود بين الجميع .
عبر تصفح وسم معين؛ يمكن فرز مدى اعتماده على هذه اللجان من أجل خلط الأوراق، وادعاء نجاحات، وأرقام وهمية، وأيضاً للسعي نحو تكميم الأفواه الصادحة بالحقيقة؛ حول المسلسلات المتاحة للعرض الرمضاني؛ ما يجعل الأقلام النقدية الحرة المنصفة؛ تُقابَل بالسب، والشتم، والهجوم؛ فقط لأنها مازالت وفية لأساسيات النقد، ووضع الأصبع على الجرح .
لكل ممثل لازمته الخاصة
من النقط الأخرى الملفتة للانتباه، والتي عرفت تطوراً غير مسبوق في الموسم الرمضاني الحالي؛ لابد أن نتوقف عند “اللازمات ” الخاصة ببعض الممثلين في أعمالهم؛ حيث يتبارى الجميع “لابتكار ” جملة خاصة به؛ كي تلتصق باسمه، وتغزو السوشال ميديا، وتحتل “الترند ” .
على سبيل المثال كان “تيم حسن” منذ تجربة “الهيبة ” بكل أجزائها؛ مواظباً على اختيار “لوازم ” خاصة به؛ حازت على انتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وواصل على هذا النهج في مسلسل “الزند ” العام الماضي، والحالي في “تاج “، ويُعاب عليه الترويج لمصطلحات هابطة؛ لا تليق بفنان موهوب بحجمه .
في مسلسلات مثل “مال القبان “، و”ولاد بديعة ” مثلاً صار لكل ممثل عبارته، التي يرددها بشكل أضحى فجاً، ولا يخدم السياق الدرامي، والكل يلهث نحو الظفر بنصيبه في كعكة “الترند”.
القشور من أجل عيون ” الترند”
في نفس السياق؛ لاحظنا وجود مسلسلات التقطت عناوين عريضة، وزجت بها دون ربط، ولا حبكة محكمة؛ فقط من أجل الاستمرار في صدارة هذا “الترند “، طوال الثلاثين يوماً، مستعينة بمقولة “الغاية تبرر الوسيلة “، وكل تلك “الخلطات ” المصطنعة، التي لا تمت لواقعنا بِصِلَة؛ بل هي مجرد أداة لبلوغ الهدف المنشود؛ على رأس القائمة المعنية بهذا الكلام مسلسلات من قبيل ” زوجة واحدة لا تكفي “، و حتى “ولاد بديعة “، وهناك نماذج أخرى كثيرة؛ أيضاً من المغرب العربي.
التناول السطحي لقضايا مجتمعية خطيرة، والاهتمام بالقشور، وتصديرها للمُشاهد “بخبث ” مقصود، صار”وصفة سحرية ” تستهوي الكثيرين في الوطن العربي، وهذا المستنقع يستقطب مع كامل الأسف أسماءً من المشهود لها بالموهبة والكفاءة؛ لكنها قررت التنازل، والسير مع الموجة السائدة؛ بحثاً عن مجد زائف، ووهم يَبتلع ولا يَشبع، في كل موسم درامي رمضاني ، فإلى أين يسير بنا هذا “الترند ” يا ترى ؟
★كاتب صحفي -المغرب.