شيماء مصطفى: ” خيوط المعازيب ” هل نجح في جعل الأحساء بطلًا؟
شيماء مصطفى ★
الولوج إلى الشعوب عبر تراثها يعطيها شموخًا، بينما الولوج إليها عبر فنونها يكسب الرحلة رونقًا ومتعة، كما في مسلسل خيوط المعازيب المعروض على شبكة قنوات MBC ضمن السباق الرمضاني، وبإشراف على الكتابة لهناء العمير بورشة ضمت كل من: عباس الحايك، ومحمد البشير، وأسامة القس، وعبد المحسن الضبعان، ويونس البطاط، وإخراج عبد العزيز الشلاحي وبطولة كل من: عبد المحسن النمر/ أبو عيسى، وإبراهيم الحساوي/ جاسم، وريم أرحمة/ بدرية، وسعيد قريش، وفيصل الدوخي/ رويشد، وعبد الله الجريان/ أبو أحمد، وسمير الناصر/أبو موسى، علي الشهابي/ معتوق.
تدور أحداث المسلسل في الأحساء شرق المملكة العربية السعودية فترة الستينيات، ليصور الحياة الاجتماعية فيها، من خلال صناعة البشوت الحساوية، والعلاقات الإنسانية والاجتماعية حيث يحتكر أبو عيسى سوق صناعة البشت مستغلًا عوز الأهالي وحاجتهم، ضاغطًا عليهم لتسديد ديونهم حتى لو اضطروا لبيع ما يملكون، وفاءًا لهذا الدين، ثم يأتي فرحان الصبي المتمرد ليعمل لديه بعد إلحاح أبيه؛ كي يستريح من أفعاله الصبيانية وتسديدًا لدين الأب، فيجد فرحان نفسه تحت قبضة أبو عيسى بكل ما يتصف به من استبداد وبطش، فتبدأ التساؤلات هل يستسلم فرحان؟ أم سيكون له رد فعل غير متوقع؟
حاول صناع العمل تخليد الأحساء في ذاكرة المشاهدين من خلال أماكن التصوير والبيوت وخيوط القيطان والتواجد الزراعي من خلال نخلات الأحساء ، كذلك صناعة البشت التي تميزت بها ،واللهجة الأحسائية، التي رجع إتقان الممثلين لها أن أغلبهم من الأحساء، ولكن التركيز على اللهجة لنفي التصاقها بالتندر لسنوات جعلها تبدو وكأنها للاستعراض.
محدودية الصراع
رغم تحقيق العمل خلال السباق الرمضاني مشاهدات عالية ، إذ حظى بمتابعة شريحة كبيرة من داخل المملكة وخارجها ، ورغم الأداء الجيد لفريق العمل بلا استثناء ، إلا أن الحبكة والصراعات لم تكن بنفس القوة، فلماذا لم يأخذ الصراع حيزًا أكبر من الصراع المتمركز حول بطش أبو عيسى؟
كأن نقول طالما العمل يتناول صناعة البشت مشتملًا على كل ما عرفت به المنطقة من صناعة البشت والتمور واللهجة، فكنا نود لو أن العمل توسع في الصراع لبيان وضع أهل الأحساء قبل وبعد النفط؟ فهل تركوا مهنتهم؟ هل تعرضوا للهجرة القسرية كما فعل سليم الأول العثماني مع أمهر الصناع والحرفيين بمصر حين نقلهم إلى الآستانة؟ وهل تأثرت صناعة البشوت بعد التوجه نحو تعمير المدن البترولية؟
إخراج مدهش وديكور متقن
على مستوى الإخراج فقد كان متميزًا ومتناغمًا في بعض المشاهد: كالمشهد الذي جمع كل من رويشد وأبو سويلم في صراع العقل والجهل إذا بدا سويلم في اللقطة ضئيلًا أمام رويشد.
كما حملت الإضاءة أبعادًا تجاوزت بها الدلالة الجمالية، خاصة الطبيعية التي تمثلت في أشعة الشمس التي اخترقت بيوت البسطاء، عبر الأسقف والفراغات بين الأبواب، كذلك في توظيفها كحاجز بين الممثلين، عبر التكوين البصري.
شفرة نجاح العمل
لعب صناع العمل على أوتار النوستاليچا بخطى مدرسة الإحياء والبعث من خلال التفاصيل كموسيقى الشارة غناء وألحان رابح صقر وهو حساوي أيضًا ، وماكينة الحياكة السنجر، والأزياء ، كذلك البيوت الطينية بعيدًا عن المدن الأسمنتية ، جعل النسبة الأكبر تريد أن تبصر الماضي عبر العمل، فمن منا لا يريد أن يعرف كيف عاش أجداده؟
نجح صناع خيوط المعازيب في تحقيق مرادهم، إذ جعلوا من الأحساء بؤرة مركزية للعمل، فصارت كما لو كانت بطلًا من الأبطال، على طريقة الكاتب أحمد أبو دهمان في روايته الحزام.
العمل في مجمله رائع، على مستوى الأداء والديكور والكتابة ، والاختيارات الموفقة، والإلمام بالتفاصيل، ولهذا حصد صُناعه ثمار عملهم التعاوني.
★سكرتير التحرير.