محمد القلاف: (المُعَلِّمْ) الفنان “عبدالرحمن الضويحي”، الذي لم يأخذ حقه إعلامياً!
محمد القلاف ★
الفن قائم على التمثيل سواء بالمسرح، أو السينما، أو أي وسيلة أخرى، من أنواع الفن أنه رسالة؛ ينقل الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والديني، فالدراما هي المتعة والفرجة ،فإما أن تكون رسالة هادفة، أو تجارة.
ومن نماذج الفن الذي يحقق رسالته شخصية، ليست فقط بالتمثيل؛ إنما يعتبر أستاذاً في الصف يدرس الطلبة، أو أكاديمياً يحاضر في قاعات الجامعة؛ وهو (عبدالرحمن الضويحي) رحمه الله، فهو ممثل ومخرج وشاعر، وهو من الأوائل في الساحة الفنية؛ بل من روادها، كان عضواً بين الفرقتين المسرح العربي، ثم الشعبي، مثَّل في العديد من المسرحيات، مثل (ضاع الأمل ) و(صقر قريش) وله العديد من المسرحيات، التي ألّفها وأخرجها، مثل (كازينو أم عنبر) و(اِنتخبوني ) و(سكانه مرته).
ولكن الذي لفت نظري في هذه الشخصية (المعلم) أنه كان في المسلسلات والمسرحيات؛ يزود المشاهد بالكثير من الكلمات التراثية، نتذكر هنا “مسلسل الأقدار” 1978 ؛ كان دوره “النوخذة” (ابن عيدان) والذي سطَّر أروع الكلمات، والمفردات الكويتية القديمة، نأخذ بعضها:
دلخ البحر: يقصد فيه الماء العكر
جندل: خشب يستخدم لسقف الغرفة
دم بحمله: يعني غرق نزل الى القاع مع حمولته (البضاعة)
المحمل يسمر: يعني ماشي مع الموج، يكون النوخذة فاقد السيطرة، والتحكم فيه.
وغيرها من الكلمات في عدة مشاهد متنوعة في المسلسل، هنا يتبين لنا دور المؤلف المهم في تثقيف المجتمع، ودور الممثل في إتقان هذا النص، وترجمته في الدراما، لم يكتف الضويحي في التمثيل؛ فقد توهج بزهيريات فهد بورسلي، الشاعر المتمرد، فقد تجلّى دوره التمثيلي في زهيرياته، ولم نعد نفرق، هل هي أمسية شعرية، أم تمثيلية في مسلسل؟
كان الضويحي، يتقن التدريس في الفن، ويسهل على المتابع؛ التعلم والمعرفة، على الرغم من أن اللهجة فيها من الكلمات مايصعب فهمها؛ ولكن يسهل إلقاؤها، وترديدها؛ لسهولتها وأناقتها؛ لذا من الخسارة أن لا يتسلط الضوء عليه إعلامياً، أو يذكر للأجيال، كما يذكر غيره من كبار الممثلين، وأيضاً على كُتَّاب المسلسلات مراجعة التراث الفني، ومعرفة كيف كتب النص، وإعادة روح اللهجة، قبل أن تندثر وتغيب، والاستفادة ممن لديه خبرة، وعلم في أصول اللهجات، والاستعانة بهم للتحقيق، والتدقيق، والتعديل؛ لإبراز العمل التراثي، بشكل سليم ومميز.
★ناقد-الكويت.