أخبار ومتابعات

عادل العوفي: “أغمض عينيك ” ..مازال باب الدراما الاجتماعية السورية الدافئة مفتوحاً  .

عادل العوفي ★

بعد أن استحوذت مسلسلات العنف والدماء والمشاهد الصادمة، على  صدارة الدراما السورية، وأفقدتها تلك الخصوصية الفريدة، التي ظلت تلازمها، وبوأتها مكانة خاصة في وجدان المشاهد العربي ؛ جاء مسلسل ” أغمض عينيك ” في الموسم الرمضاني الحالي؛ ليعيد الدفء المفقود، وينشط الذاكرة قليلاً، ويعيد المتلقي للنوعية التي اشتاق لها، وظل ينشد عودتها للشاشة .

قصة إنسانية مؤثرة

تدور أحداث المسلسل حول الطفل “جود “، الذي يعاني من طيف التوحد، وتكابد والدته “حياة “، التي تجسد دورها النجمة،( امل عرفة) مطبات عديدة، أولها غياب الزوج، واختفاؤه، وأيضاً مشاكل في عملها؛ ما يدخلها في دوامة معقدة، تنتهي بها داخل جدران السجن؛ لتتضاعف معاناة الطفل، الذي يحتاج لرعاية خاصة؛ كي يندمج في محيطه الأسري أولاً، ثم الدراسي ثانياً ؛ وتلك مهمة اضطلع بها صديقها المخلص “مؤنس “، يؤدي الدور بطريقة مميزة المبدع ( عبد المنعم عمايري)، الذي ينجح في كسب ود “جود ” واحتوائه، وبالتالي الاطمئنان إليه رفقة “سلام ” /الفنانة (حلا رجب )، التي تعمل في مركز خاص، يهتم بهذه النوعية من الأطفال .

منى واصف

في الجانب الاخر تواجه الفنانة الكبيرة (منى واصف) في دور والدة “حياة “، تجربة مريرة مع زوجها القاسي، والحادِّ الطباع “أبو رجا ” يجسد الدور الفنان الكبير (فايز قزق )؛ هذا الأخير يرفض احتضان حفيده؛ متمسكا بعدم الصفح عن ابنته وغلطتها، التي لا تغتفر حسب رأيه بزواجها دون موافقته .

بالإضافة إلى الأسماء المذكورة، لفت الفنان( أحمد الأحمد) الأنظار أيضاً بدوره المميز، رفقة (جابر جوخدار) و(وفاء موصللي) وأسماء أخرى، قدَّمت الإضافة المطلوبة للعمل .

الموهوب “زيد البيروتي”

يجسد الطفل( زيد البيروتي ) شخصية “جود “، بطريقة غاية في الإبهار، مقنعاً المُشاهد بأنه بالفعل يعاني من طيف التوحد؛ سواء عبر حركات يديه ورأسه، أوكيف يحرك جسده، وينطق بعض الكلمات بأسلوب حقيقي ؛ ولعل صناع المسلسل، وعلى رأسهم المخرج “مؤمن الملا” كسبوا الرهان، عبر “الكاستينغ ” الموفق في اختيار الطفل بطل العمل، والذي أبدى انسجاماً مميزاً مع باقي الممثلين؛ مما انعكس بالإيجاب على ردود الافعال المصاحبة للمسلسل، حيث حظي  بتفاعل كبير، سواء بالإعلام التقليدي، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي ؛ والجميع اتفق على الإشادة بالطفل الموهوب .

زيد البيروتي

دفء الدراما الاجتماعية المفقود

منذ سنوات، وأغلب المسلسلات السورية؛ تحاكي قصص الحرب المأساوية، وتوثق أنهار الدماء، التي سالت في وطنها؛ ما جعل البعض يتساءل : ما الذي تغير ؟ وهل انفصلت الدراما السورية عن الواقع، أم أنها تبنت حقيقة ما يحدث اليوم، من إفرازات الحرب الطاحنة بالبلد ؟
ورغم ذلك ظلت هناك فئات واسعة، ترفض الانصياع لما سبق ذكره؛ مؤكدة أن الواقع الاجتماعي ليس  بتلك القتامة والسوداوية ،التي تصورها المسلسلات ، وهناك هوامش أوسع مغيبة يحتل صدارتها الدفء الأسري، والعلاقات الطبيعية السوية، التي تحمل الحب والاحترام فيما بينها؛ وهذا بالذات ما نجح صناع مسلسل “أغمض عينيك ” في إعادته للشاشة ونجح من خلاله في توحيد الأسرة السورية، ومعها العربية؛ لمتابعة قصة اجتماعية إنسانية دافئة؛ كان الجميع تواقين لرؤيتها من جديد .
فهل يشكل المسلسل بداية عودة الدراما الاجتماعية، التي أسرت القلوب والوجدان ؟


★كاتب صحفي- المغرب.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى