شهد إبراهيم: اِنتبه أيها الزوج، ففي “لحظة غضب “، يمكن أن تتحول إلى جثة في المطبخ؟!
شهد إبراهيم ★
نشرت منصة watch it الرقمية، البرومو الترويجي لمسلسل (لحظة غضب)، وهو أحد أعمال watch it الحصرية، المُقرر عرضه على المنصة فقط في رمضان لعام 2024، وقد جذب انتباه الجمهور، وأثار الكثير من التوقعات، حيث يوضح البرومو “صبا مبارك”، وهي تجسد دور طاهية، تعتدي على “محمد شاهين”، بالضرب بالشاكوش، ويبدو عليها الارتباك، والتوتر طوال الوقت، كما أن البوستر الرسمي للمسلسل محيرٌ، إذ ظهرت “صبا” بظهرها مُمسكة بيديها نشابة مطبخ، وبمجرد عرض الحلقات الأولى من مسلسل (لحظة غضب)، تصدر اسم المسلسل قائمة مؤشرات البحث “جوجل”، وذلك لكثرة التساؤلات حول ماذا ستفعل “يمنى” بعد أن قتلت زوجها، وجثته مازالت في المطبخ؟ والمسلسل مُكون من خمس عشرة حلقة.
نرجسية
تدور أحداث المسلسل في قالب درامي تشويقي، حول الطاهية “يمنى”، والتي تُعاني من سيطرة زوجها النرجسي “شريف”، وتحكمه في كل شيء، وتتطور الأمور في علاقتهما إلى حد الإنهيار، فتُقرر “يمنى” في لحظة غضب، اِتخاذ منعطف آخر لحياتها.
لغة الصمت
الزوجة التي تنصاع لأوامر زوجها، تفقد السيطرة على نفسها، وتُسقطه أرضاً بضربة على رأسه، هكذا بدأت أحداث المسلسل، حيث تضطر صبا مبارك “يمنى” بعد قتل زوجها “شريف”، أن تُخبئ جثته بالمطبخ، ثم توهم عائلته بأنه تركها في عيد ميلادها، تلك هي النقلة الأولى في شخصية “يمنى”، حيث كانت قبل تلك اللحظة الشخصية الساذجة، وقد استطاعت “صبا”، أن تجعلنا نشعر، وكأن هذه هي شخصيتها في الحقيقة، ولكننا تفاجأنا عند التحول، الذي حدث لها وهي تواجه “شريف”، حيث بدأ أداؤها يختلف، وردود أفعالها تصبح قاسية، اِستطاعت في لحظة تغيير أدائها بشكل متقن، حتى طبقة صوتها أصبحت أكثر حدة، وانفعالها وهي تقول “بصلي وانا بتكلم” لتصبح بعد ذلك الفتاة الساذجة مرة أخرى، التي تُعاني من اضطرابات بسبب علاقتها بزوجها، الذي أفسد حياتها.
أيضاً مشهد مواجهة محمد شاهين “مصطفى”، لها، والذي أظهر قوة “يمنى”، حيث صدمة، وخوف، وضعف وانكسار، لتبدأ بعد ذلك بالبكاء، كل تلك الأداءات في ثانية واحدة، اِستطاعت التعبير عنها بلغة الصمت بشكل سلس جداَ، وتعتبر هذه الشخصية مختلفة على “صبا”، لكنها تألقت فيها، وقدمتها بشكل مميز، ومختلف عن باقي أدوارها، وكانت ملابسها جميعها كما وصفها لها آسر “ايه اللي انتِ لابساه ده”، فهذا الوصف دقيق لشكل ملابسها.
يشك مصطفى “محمد شاهين” في الأمر، يذهب لمواجهة “يمنى”، تلك هي المباراة التمثيلية التي ذكرناها، حيث انتقل من حالة التحدي، والإصرار على أن “يمنى” تخبئ شيئاً، إلى الشعور بالشفقة تجاهها، والذنب لأنه اتهمها، كل هذا استطاع هو أيضاً، التعبير عنه بلغة الصمت والعيون، كما أنه شخصية تهتم بتفاصيل كل الأشياء الموجودة، وربطها ببعضها البعض للوصول إلى الحقيقة، وقد تألق في جميع أداءاته، وانفعالاته التي جميعها كانت صادقة، وعلى الرغم من ذلك، فلم تخل مشاهده من الكوميديا البسيطة، التي استطاع أيضاً أن يتألق فيها، بالإضافة إلى أنه شخص جاد مع موظفيه في الشركة، رغم تلك الحدة، فهو حنون على جميع دائرة عائلته، كل تلك المشاعر الموجودة في شخصيته، اِستطاع تقديمها بشكل صادق، وواقعي.
كوميديا سوداء
المسلسل كوميديا سوداء، وهذا النوع من المسلسلات لم نعد نراه، فإن الأعمال الكوميدية تكون كوميدية خالصة، مليئة بالمواقف التي تحقق الضحك، وتجعلنا نضحك من قلب المعاناة، حيث يضعنا المؤلف جميعنا في الحلقات الأولى في الورطة، التي تورطت فيها “يمنى”، وعلى الرغم من أن الورطة هذه، قضية قتل، إلا أننا نُبرر لها فعلتها، ونضحك مع المَشاهد، التي تتعرض لها من خوف، وضغط من “مصطفى” عليها، وتعاطفنا معها مرة أخرى، عندما تم ابتزازها من قبل علي قاسم “آسر” ذلك هو القالب الدرامي للكوميديا السوداء، والذي رسمه “مهاب طارق” بشكل رائع، ومناسب للأحداث، بشكل لم نره في الفترة الأخير.
ظهور خاص
كان لظهور ناردين فرج “نيرة” ظهور مميز، وقدمت شخصيتها بشكل متألق، وأداءات وانفعالات قوية، وصادقة، كما أنها كانت تُعاني هي الأخرى من مشاكل نفسية؛ سبَّبها لها زوجها، ولكنها قتلته، وتحكي واقعة القتل هذه بكل بساطة وهدوء، وهذا يرجع إلى تصنيف المسلسل “الكوميديا السوداء” بالإضافة إلى أدائها المميز في الحكي، وقدرتها في إظهار سهولة الأمر للمُشاهد ، وهذا هو المطلوب؛ لتحقيق الحالة الدرامية، فقد قدمت هذا بشكل متألق، وإضافة كبيرة لها، وكانت تسريحة شعرها؛ تتسم بوجود “غُرَّة” وهذا يدل على أنها شخصية قوية بالفطرة، وتتمتع بثقة عالية بنفسها، وأنها شخصية قوية، وظهر هذا أيضاً على مستوى الملابس، فقد كانت أغلب ملابسها، عبارة عن بدلة كلاسيك بألوان غامقة، مع ماكياج بسيط.
كشف المستور
أما سارة عبد الرحمن “فاطمة” ـ طمطم ـ فقد كانت متألقة في دورها، يرتبط ظهورها دائماً بالمَشاهد الكوميدية؛ بسبب عملها المرتبط بـ “فتح المندل وكشف المستور”، ومعتقداتها، وكانت هذه المعتقدات تظهر على ملابسها المتعددة في الألوان، وتسريحة شعرها الطويل الأحمر، الذي يعبر عن تمردها على الواقع، وارتباطها بهذه التخاريف من هذا العالم.
مستفز
وبالنسبة لـ علي قاسم “آسر” ـ معيد بالجامعة ـ فإنه المهدد الوحيد لحياة “يمنى”، والذي سيبتزها بفيديو قتلها لـ”شريف”، وسيكون محركاً أساسياً لحياة “يمنى”، وهي مضطرة أن تكون مطيعة له، وقد كان متألقاً في هذا، وشعرنا جميعاً بالاستفزاز تجاهه؛ عندما كان يحاول استفزاز “يمنى”، فإنه كان صادقاً في أدائه، بدون أي مبالغة.
تألق
ظهور محمد فراج “شريف”، في حلقة واحدة، ظهور خاص ومميز، وقام بشخصيته بشكل متقن، على الرغم من ظهوره مرة أخرى، إلا أنه استطاع التألق في شخصيته بشكل جيد.
كما تألقت صفوة “لالا”، في تقديم شخصيتها، وكانت أكثر مشاهدها المضحكة مع طمطم ومصطفى، وكذلك ريم خوري “هند”، التي تألقت أيضاً في دورها، وهي زوجة هشام، ولكن تقوم بمحادثة رجال آخرين معه.
تأثر وإتقان إخراجي
المخرج “عبد العزيز النجار”، مخرج العمل، والذي كانت آخر أعماله (حالة خاصة)، الذي حقق نجاحاً واسعاً، فيه استطاع في هذا العمل أن يجعل من الصورة بطلاً حقيقياً للأحداث، وإن توصل للمُشاهد ما تريد الكلمات أن تقوله، لذا نرى الصورة دائماً متغيرة، حيث تتغير الإضاءة والألوان والأماكن وحركة الممثلين، تلك العناصر المكونة لأي كادر، كما يبدو اهتمام المخرج، بأدق التفاصيل، والصورة والمشهد البصري على حساب الحوار، وقلة الكلام، نراه في ذلك متأثراً بالمخرج محمد خان، وهذا واضحٌ في مشهد عشاء “نيرة” وزوجها، حيث استخدم نفس الكادر والإضاءة وزاوية التصوير، ونفس ألوان ملابس الممثلين، الذي استخدمه محمد خان في فيلم (موعد على العشاء)، كما أنه كان لديه ذكاء أيضاً في اختيار العنوان، “لحظة غضب”، اللحظة المبني عليها جميع أحداث المسلسل.
كذلك كان مبهراً في استخدام حركة الكاميرا المهتزة، والزاوية القريبة المستخدمة في مشهد استرجاع “يمنى” لمشهد استجواب مصطفى لها عن عربية “شريف” الموجودة أمام البيت، معظم مشاهد “يمنى” كانت بزوايا تصوير متوسطة؛ لإظهار لغة الجسد الخاصة بها، وارتباكها الدائم خاصة أثناء حفلة عيد ميلادها، وكذلك رسم كادر داخل كادر، ذلك التكوين القوي؛ الذي ظهر دائماً بين “يمنى، وآسر” في مشهد النظر من “العين السحرية” من خلف الباب، ونرى أيضاً قوة الكادرات في مشهد بكاء “يمنى” في عيد ميلادها حيث أظهر الكادر التكوين الناتج عن الخطوط الوهمية للعين المتجمعة جميعها، في نقطة واحدة وهي “يمنى”؛ لإظهار قوتها في المشهد، وأنها مستحوذة على تعاطف جميع أسرة زوجها “شريف”، فقد كانت جميع الكادرات مرسومة بتفاصيل، ودقة ممتازة.
مواهب شابة
ظهر العديد من المواهب الشابة في المسلسل، منها عبد الرحمن محمد “سامح”، الذي تألق في تقديم شخصيته، وكان بينه وبين “محمد شاهين” مواقف مضحكة كثيرة، وكذلك يوسف عمرو “عز”، وأنس جمال “سعيد ابن لالا”
والطفل الموهوب آدم النحاس “مروان”، الذي سيعاني من حالة نفسية بسبب أنه سيرى عمه في المطبخ مقتولاً، وقد قام بأداء لحظات الصمت بطريقة ممتازة، أظهر بها، وبلغة عينيه المشاعر المكتومة داخله.
ملابس، وماكياج، وديكور معبر
أما عن الملابس فهي لأحمد علام، وكما أوضحنا أنها جميعها مناسبة لكل شخصياتها، كذلك الماكياج أيضاً لداليا ابو طالب، فقد ظهر براعة الماكياج الحقيقي في ماكياج ضربة “شريف”، المصممة بواقعية وإتقان.
وكان الديكور أيضاً متمثلاً في منزل كل شخصية، حيث كان ديكور كل منزل معبراً عن صاحبه، وكانت الإضاءة دائماً خافتة في منزل “يمنى”، ليعبر عن الحالة الدرامية لـ “يمنى”، وما تعانيه، فقد تم توظيف إضاءة جميع المشاهد لخدمتها.
موسيقى موظفة
الموسيقى صاحبها التوتر ، سارت مع الأحداث بما فيها من تصاعد و توتر، يهدد علاقة “يمنى”، وتم توظيفها بشكل ممتاز، وكانت الموسيقى لكريم جابر (الوايلي)، وعمرو حمامة، فكانت جميع عناصر العمل موظفة لخدمته؛ ليصل لنا كما هو الآن، على الرغم من أنه من الأعمال المطروحة فقط على المنصات، إلا أن صناع العمل متقنين ومهتمين بكل التفاصيل، لتقديم قالب درامي، وأسلوب سرد جديد.
فريق عمل لحظة غضب
تأليف : مهاب طارق
إخراج: عبد العزيز النجار
بطولة: صبا مبارك، ومحمد شاهين، وناردين فرج، وسارة عبد الرحمن، وعلي قاسم، وصفوة، وريم خوري، وآدم النحاس، وعبد الرحمن محمد، ويوسف عمر، ومجموعة من المواهب الشابة، ومحمد فراج “شريف”، والذي ظهر في المسلسل، كضيف شرف.
★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.