إذاعة وتليفزيون

شهد إبراهيم: لماذا  أصبح (أشغال شقة) محط أنظار الجمهور، في سباق الدراما الرمضانية؟!

شهد إبراهيم ★

شهد مسلسل (أشغال شقة) نجاحاً، وتفاعلاً كبيراً فور انطلاق أولى حلقاته، وهو العمل الذي ينافس ضمن مسلسلات السباق الرمضاني لهذا العام 2024، على شاشة قنوات ” Mbc “، بالتزامن مع عرضه على منصة شاهد، وتدور أحداثه في إطار خمس عشرة حلقة، والمسلسل تأليف خالد دياب، وشيرين دياب، وبطولة: هشام ماجد، وأسماء جلال، وشيرين، وسلوى محمد علي، ومصطفى غريب، وحازم إيهاب، وآخرون، ومن إخراج خالد دياب.

تدور أحداث المسلسل في إطار درامي كوميدي، لأجواء الأُسَر،  وتعاملها اليومي مع مربيات المنازل، وما يتبعها من مواقف، حيث تنطلق الأحداث داخل منزل أسرة مصرية، تواجه العديد من الأزمات بعد أن رُزق “حمدي عبد الرحيم”، أخصائي الطب الشرعي وزوجته ـ المذيعةـ بتوأمين بعد فترة من زواجهما، ويقرران الاستعانة بمديرة منزل، لرعاية الطفلين، مما يضعهما في أزمات لا حدود لها مع المربيات، تنعكس على حياتهما، وتتوالى الأحداث.

أسماء جلال وهشام ماجد

اندماج وتأثر:

في تناول درامي طريف، يقع هشام ماجد، وأسماء جلال، في مواقف كثيرة، حيث يبدأ المسلسل في الحلقة الأولى، بعرض الشخصيات للمُشاهد بشكل بسيط، للتعرف عليها، ونجد هشام ماجد، يجسد شخصية “حمدي عبد الرحيم”،  الذي يحاول دائماً الوصول إلى حلول وسط في علاقته بوالدته، وزوجته، حتى يُرضي جميع الأطراف،  تضعه زوجته بعد الولادة أمام الأمر الواقع، لإحضار مربية للطفلين، ويضطر إلى الموافقة رغماً عنه، وقد تألق “هشام ماجد” بشكل رائع في تقديم شخصيته، على الرغم من أن العمل كوميدي، وتلك هي الشخصيات المتعارف على هشام ماجد تقديمها، إلا أنه قدَّمها بشكل مميز ومختلف، فهو لا يسعى لتحقيق الكوميديا، إنك ستشعر وأنت تشاهده، أن الأحداث قريبة للأحداث اليومية، وأن حواره مع الأشخاص عفوي وسلس، وكأنه مُرتجل، وغير مستند لورق، بالإضافة إلى تمتعه بهبة ربانية، وهي القبول، وحب الجمهور، مما جعله يتألق في دوره، وجعله قريباً من قلب المُشاهد.

هشام ماجد

تحدي الكوميديا:

اِعتمد المسلسل حتى الآن بشكل كامل على كوميديا الموقف، وليس الكوميديا اللفظية المعتمدة على “الأفية”، فجميع اللحظات الكوميدية نابعة من خلال المواقف، التي تحدث لـ هشام ماجد “حمدي”، حيث علاقته بوالدته، وزوجته، ووالدتها، حتى في علاقاته مع أصحابه في العمل، وأيضاً مواقفه مع مديرات المنزل، وبالأخص علاقته بقريبه مصطفى غريب “عربي”، الذي تألق بشكل ملحوظ في المساحة المُعطاة له هذا الموسم، فقد استغلها بشكل كبير جداً، واستطاع أن يبرز قدراته التمثيلية، والكوميدية الرائعة، المعتمدة على أدائه، وليس إلقاء عبارات مضحكة متتالية، أداؤه الطبيعي والتلقائي هذا، ساعد على تفاعل الجمهور مع شخصيته.

هشام ماجد ومصطفى غريب

أما عن أسماء جلال “ياسمين”، فهي زوجة “حمدي”، وتُعاني من تدخل والدته في حياتها، وأنها منذ الولادة لا تستطيع الرجوع إلى العمل، وترك الولَدَين، خاصة أنها في حالة دائمة من البحث عن مربية لهما، وعلى الرغم من أنه يعتبر أول تحدٍ لها في الكوميديا، إلا أنها قدَّمت الشخصية بشكل تلقائي، خفيف على القلب، ويعتبر هذا تحدياً جديداً لأسماء جلال، وكانت جميع أداءاتها طبيعية، وتألقت فيها. 

أسماء جلال

الشيء ونقيضه:

الشيء ونقضيه، تلك المفارقة التي تنتج عنها كوميديا رائعة،  حيث نجد سلوى محمد علي “سوسن”، التي تنتمي لطبقة اجتماعية رفيعة نوعاً ما عن “نورهان” التي سيكون انتماؤها هذا دافعاً أساسياً في تصرفاتها وأدائها الذي تألقت فيه، على النقيض، نجد شيرين “نورهان” تتصرف حسب انتمائها لطبقتها، وتألقت أيضاً في أدائها، ونجد تلك المفارقة، ظاهرة في جميع المشاهد التي تجمعهما، وكل منهما تريد التدخل في حياة “ياسمين”، و”حمدي” حتى في اختيار أسماء أطفالهما، والذي ظهر فيه أيضاً الاختلاف في الاختيار، حيث اختارت “سوسن” أسماء معاصرة وجديدة، بينما اختارت “نورهان” أسماء قديمة.

شيرين تتوسط هشام ماجد وأسماء جلال

تفاصيل الديكور:

أما عن الديكور، فكان مناسباً جداً،  وقد ظهر ذلك بشكل كبير وملحوظ في ديكور منزل “حمدي” و”ياسمين” ـ قبل الحريق ـ فإنه كان مناسباً لذوقهما، وبالأخص ذوق ياسمين الرفيع، ولكن بعد تعرضهما لحادث الحريق في المنزل،  يحاولان تجديد منزلهما، حيث ستقوم والدة حمدي “نورهان”، والتي سيكون اختيارها للأثاث بمثابة إظهار كبير جداً عن مدى تناسب الديكور، وتوظيفه بشكل دقيق، حيث ستقوم باختيار الأثاث على الطراز القديم، كما لو أنها تختار أثاث زواجها هي،  بالإضافة إلى الألوان  الخاصة بالمنزل، وأيضاً الصورة المعلقة لها مع حمدي، بجانب باب الشقة، التي تعبر عن رغبتها في مضايقة “ياسمين”، تلك هي فكرة الاختلاف بين الفتاة وحماتها.

واقعي:

بالإضافة إلى الإضاءة، التي تميزت بالاعتماد على الإنارة الطبيعية خلال معظم المَشاهد، مما أضفى طابعاً واقعياً، كما تم توظيف الموسيقى أيضاً، بشكل مناسب لوتيرة الأحداث.

 أما عن الملابس، فيتضح لنا أنها تُعبر عن كل الشخصيات بشكل ملحوظ، حيث تميزت كل شخصية بمظهرها الخاص، وملابسها الخاصة، التي عكست خلفيتها، وحالتها الاجتماعية، مما تضفي هي الأخرى طابعاً واقعياً، ونرى هذا بشكل ملحوظ في ملابس أسماء جلال “ياسمين” بعد الولادة، التي كانت جميعها واسعة، ونوعاً ما غير مُختارة بعناية، ولا متناسقة الألوان، وهذا لانشغالها طوال الوقت مع طفليها، على عكس ملابسها، عندما قررا إحضار مربية تساعدها، وأصبح لديها رفاهية اختيار، وتنسيق ملابسها، وأيضاً ملابس شيرين “نورهان” ـ والدة حمدي”، التي كانت جميعها تُعبر عن وقارها وشخصيتها، فجميع الملابس واسعة، وطويلة مناسبة للحجاب الذي ترتديه، كما أن تكرار ارتداء الشخصيات، لنفس الملابس في الحلقات المتتالية، أسهم في إبراز الواقعية في العمل، هذه التفاصيل تُعزز اندماج المُشاهدين مع الشخصيات، وجعلها أقرب لهم.

وكذلك الماكياج كان واقعياً أيضاً، حيث نرى  أسماء جلال معظم المَشاهد بدون ماكياج، أو بماكياج بسيط، وأيضاً ماكياج زيادة الوزن لها بعد الولادة، جعلنا نشعر أنها كانت حامل حقيقة، وظلت فترة بعده، تُعاني من زيادة الوزن، وعدم تمكنها من إصلاح وزنها بعد أن أثر عليه الحمل والولادة، كذلك ربطت شعرها “كعكة”، وهي طريقة التصفيف الأشهر، لربات البيوت، والتي  تغيرت بعد إحضار مربية، مما جعلها تهتم بالماكياج وتسريحة شعرها، ذلك يعطي أيضاً، شعور التفاعل، والاندماج مع تلك التفاصيل الطبيعية.

أسماء جلال وهشام ماجد

ظهور مميز:

يضم المسلسل عدداً من ضيوف الشرف، الذين ظهر بعضهم، والبعض الآخر من المقرر أن يظهر في الحلقات القادمة، ومنهم انتصار “أم صابرين”، والتي كان ظهورها  مميزاً، مما خلق جوَّاً رائعاً من الكوميديا، رغم أنها لم تظهر إلا في حلقتين، وكانت جميع أداءاتها عفوية، كما أنها تركت لنا “لزمات” قامت بها، منها على سبيل المثال “من عنيا” و”الست اللي في الصورة”  التي عززت الانطباع الذي خلقته الشخصية في أذهان المُشاهدين، التي نستدعي بها صورتها وصوتها التي جعلت لـ إنتصار، ظهوراً مميزاً ومختلفاً، تلك الاستراتيجية الفنية للتكرار، لها تأثير عميق على تفاعل المُشاهد.
كما كان ظهور “إنعام سالوسة”، “تيتة صفية” ظهوراً مميزاً، حيث إنها كانت إحدى مربيات المنزل، التي لا تسمع بوضوح، هذا الذي تَوَلَّد عنه مواقف كوميدية عديدة، وقد قَدَّمتْ هذا، بشكل رائع.

انتصار وسلوى محمد علي

فكرة مكررة، ولكن!

رغم أن فكرة البحث عن مديرة منزل بعد الإنجاب، سبق وأن قُدِّمت في عدد من الأعمال، منها فيلم (اِستقالة عالمة ذرة)، بطولة سهير البابلي، وأبو بكر عزت، بالإضافة إلى تقديم الفكرة ذاتها ايضاً في فيلم (صباح الخير زوجتي العزيزة)، بطولة نيللي، وصلاح ذو الفقار، وتحية كاريوكا، إلا أن  مسلسل “أشغال شقة ” قدَّم العمل  بشكل مختلف مناسب للحياة المعاصرة، بشكل جديد، وبسيط، وهنا تكمن قوة المؤلف ، فالمسلسل يُقدِّم وجبة كوميدية مكثفة من واقع الحياة، أحداثه داخل كل بيت مصري، وعربي، مع براعة المخرج أيضاً في اهتمامه بالتفاصيل، التي جعلتنا جميعاً كمشاهدين، نندمج مع العمل.


★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى