فنون وآداب اخرى

شيماء مصطفى: قراءة في إعلان (مرافعة زين).

 

شيماء مصطفى ★

من منا لا ينتظر الإعلانات الرمضانية؟ فقد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الموسم الرمضاني ، تتنافس فيه شركات الاتصالات على وجه التحديد، كلٌ يقدم ما يروقه ويروج له وينافس به، ومن بين الشركات تأتي( زين) لتقرأ الشارع العربي بوضوح.
قدّمت زين هذا العام  إعلانها؛ لتعلن وبشكل صريح دعمها الواضح  لأطفال الشعب الفلسطيني، فهل وفقت زين في رسالتها؟

قراءة الشارع العربي:

 طرحت شركة زين للاتصالات إعلان رمضان 2024 تحت عنوان مرافعة زين لرمضان؛  تضامنًا مع  أطفال الشعب الفلسطيني الذين التهمتهم نيران القصف المستمر من قبل الكيان الصهيوني،  في مرافعة للأطفال أمام مجلس الأمن، للتنديد بكل الممارسات غير الإنسانية التي ارتكبت ضدهم برعاية  ما يعرف بحق الڤيتو.

ذكرت من قبل أن ( زين) تجيد قراءة الشارع العربي وتجيد ترجمة قضاياه في صورة  إعلانات لتلعب على الوتر العاطفي للمواطن العربي، فقد سبق وأن تناولت حادث الطفل المغربي ريان الذي سقط في إحدى الآبار، فقد حرك المغرب جبالًا لينقذ طفلًا حينها، ولكن مشيئة الله كانت فوق كل قرار.

كذلك في إعلان هزات نفسية أجادت (زين)  الاختيار، كون بطل الإعلان (باسل خياط)، قدم العديد من الأعمال التي أدى من خلالها الانفعالات النفسية لمريض نفسي ببراعة، و كذلك  استغلال نجاح الطفلة (فلولة) التي تقدم رفقة شقيقها ووالدها محتوى على السوشيال ميديا تحت عنوان (يوميات عائلة ملسوعة )، ومن قبلها المغني (أحمد سعد) الذي وجد نفسه في عالم الإعلانات، ومن قبلهم (محمد رمضان) فقد تقاطع إعلان( زين ) مع تيمة فقد ابنته في مسلسله حينذاك (البرنس) فقد تم التوظيف الجيد لنجاح المسلسل جماهيريًّا بالتعاقد مع رمضان، وغيره من الإعلانات التي ناقشت قضايا التهجير والتنمر والحروب، معتمدة بشكل كلي على الإبهار البصري واللغة العربية الفصحى التي لم يتقن أغلب أبطال الإعلان  مخارجها.

لمن الإعلان؟

بالعودة إلى إعلان زين 2024، وبمناىء عن العاطفة، دعونا نسأل إلى من يتم توجيه الإعلان؟ إلى مجلس الأمن ؟ أم للأطفال والعالم الغربي ؟ وإن كان كذلك فهل هناك قنوات اتصال بيننا ليتم الإرسال والاستقبال بنجاح ؟ بمعنى هل يفهمون لغتنا؟ هل يتابعون قنواتنا؟ سيقول أحدهم أن هناك في أسفل الإعلان شريط مترجم؟

ونجيبه : هل جميعنا نقرأ ما يكتب بالأسفل؟ وهل سيصدق أحد أنهم في مأساة بملابسهم الأنيقة هذه، وبشعرهم الممشط هذا؟ بالوجوه التي رغم تعبيراتها الغاضبة لا يشوبها جوع، ولا خوف؟!

حتى على مستوى الكلمات والألحان فقد كان المقطع الأول يعكر صفوه الخلل، فنجد على سبيل المثال تكرار الوزن والقافية لكلمة (ولادة) سنرد على الإبادة بالولادة، وقبلها  من بطن الأنقاض ولادة، وكذلك القول على لسان الأطفال «أكلمكم بلغة لها في أذنكم صوت» للإرشاة إلى تواطأ العالم مع الكيان، ومع ذلك الصوت الوحيد الذي نُطق بالعبرية كانت كلمة واحدة فقط، ورغم أن الصورة كانت مكتظة بجرائم العدو الحقيقية بقيادة حنظلة أحد أيقونات الحرب، وكذلك التسجيل الصوتي لروح الروح، وشعره كيرلي وأبيضاني وحلو، وهي تسجيلات لأهالي الشهداء من أطفال فلسطين خلال الحرب، إلا أن هذا الاكتظاظ يخلق لدى الآخر الذي لا يعرف الحكاية منذ بدايتها نوعًا من التشت الذي كنا نتمنى أن يتم الإنتباه إليه.

أيقونة حنظلة

يقول مصطفى المنفلوطي في نصه النثري الشهير (الخلق)

« من أراد أن يعلم الناس مكارم الأخلاق فليحيي ضمائرهم »،
نعلم بالتأكيد أن هدف (زين) من هذا الإعلان نبيل وإنساني وقومي، ولكن لا بد أن نأخذ في الاعتبار أن  العمل في مجال الإعلانات، لا يستند إلى  العاطفة فهي جزء من الصناعة، ولكن هناك أشياء أخرى لا بد منها، فلا يقتصر  الأمر على تغيير الأبطال كل عام،  بل يحتاج الأمر إلى تجديد دماء الفريق ، فقد أصبحت الإعلانات متوقعة بشكل كبير.


★سكرتير التحرير.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى