إذاعة وتليفزيون

عهد الجلم : “ثانوية النسيم”  هل نجح في  الإصلاح، أم كان له أثرٌ سلبيّ ؟!


عهد الجلم★

في ظل التطورات التي تشهدها المملكة العربية السعودية على جميع الأصعدة ، السياحية والاقتصادية والسياسية، اِنعكس هذا التطوُّر على الصعيد الفني أيضاً ، فنرى الأعمال السعودية الفنية، قد بدأت ترى النور بأفق أوسع ، حيث  يتم تسليط الضوء على الكثير من المواضيع الجديدة ، وإعطاء المساحة لجيل الشباب السعودي، بأن يُظهر مواهبه في مجال التمثيل، والتلفزيون ، وكذلك المسرح .


مشاهدات عالية:

من ضمن الأعمال التي نراها تتسابق، لتحصد عدداً من المشاهدين المتابعين لها ، نجد مسلسل (ثانوية النسيم)، وهو أحد أعمال منصة (شاهد) ،هذه المنصة التي تحاول جاهدة تسليط الضوء على الأعمال الفنية السعودية، كون هذه المنصة سعودية الصنع.

حقق مسلسل (ثانوية النسيم) مشاهدات عالية خلال عرضه، ولاقى رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، فهل استحق كل هذا الضوء، ليسلط عليه ؟

التحدي!

شدَّتنا في البداية فكرة المسلسل، التي تدور حول الأستاذ عبدالله، خريج لندن، والذي يتم تعيينه في ثانوية النسيم، هذه الثانوية التي كانت سبباً في أذى جميع من قام بالتدريس بها، واستياء جميع المدرسين من هؤلاء الطلاب، ليدخل عبدالله في تحدٍ من خلال محاولته لضبط أخلاقهم، وخاصة الطالب مشعل وعصابته، كما يمكننا القول عنهم ، بتصرفاتهم التي لا تتماشى مع كونهم طلاب ، فهل سينجح أم لا.؟


كيف تطوَّرت الشخصيات؟

وفيما يتعلق بالبناء الدرامي في المسلسل، تدور أحداثه في ثمانِ حلقات ، توضح المتاعب التي يمر بها الأستاذ، ومحاولته ليكون أستاذاً، وصديقاً لهؤلاء الطلاب، رغم رفضهم الشديد له، حتى نصل إلى الحلقة الأخيرة، فنرى أن الطلاب جميعهم قد تغيروا، وأصبحوا ذوي سلوك جيد، ويتخرجون من الثانوية، بفضل الأستاذ عبدالله .. فمن وجهة نظرنا لم نرى هذه الحبكة المدروسة، التي توضح تطوُّر هذه الشخصيات من وإلى ، فكل ما كان وكل ما تغيَّر، كان بسبب الحادث الذي تعرَّض له أصدقاؤهم عندما كانوا يقومون (بالتفحيط)، وأدَّى إلى وفاة واحدٍ منهم.


مبالغة!

كان هناك بعض المبالغة، في محاولات الأستاذ عبدالله مساعدة هؤلاء الطلاب، فنراه قد رهن حياته بالكامل، من أجل محاولة تحسين سلوكهم وأخلاقهم، فهو لا يفارقهم ليلاً ولا نهاراً، حتى خسر زوجته وطفلته من أجلهم،  يتواجد في كل الأماكن التي يكونون فيها ، المستشفى ، المخيم ، المنزل … فهل أستاذ المدرسة مسؤول عن الطلاب داخل، وخارج أسوار المدرسة إلى الحد الذي يمكن أن يهمل عائلته من أجل مجموعة من الطلاب دون طلاب آخرين، ممن يحتاجون  المساعدة ( فمنهم ضعيف الشخصية ، ومنهم من تعرَّض للتنمر، ومنهم من يحتاج إلى مساعدة نفسية)، فلم نجد أي اهتمام، أو تسليط ضوء، إلا على المجموعة، ذات الصفات السيئة، دون الأخرين من الطلاب.


كان يمكن!

بالمجمل فإن قصة المسلسل، كان من الممكن أن تكون ذات رسالة أوضح، وذات أهمية من حيث توضيح بعض المشاكل، التي يواجهها الطلاب، والتي نراها بازدياد في مجتمعنا مثل التنمر ، والتحرش الجنسي ، والمشاكل النفسية، والأسرية، التي يعاني منها الطلاب.
وكذلك تسليط الضوء بأهمية أكثر على قضية المخدرات، والرعونة والاستهتار، وغيرها من مشاكل يواجهها جيل المراهقين والطلاب، لكنها تمحورت ضمن زاوية واحدة.  

أعمار الشخصيات!

أما عن الشخصيات التي مثلت دور الطلاب، فكانت غير منطقية، فإن أعمارهم توضح أنهم أكبر من 25 عاماً، فكيف يمكن أن يتم إقناع الجمهور، بأن هؤلاء الشباب  في سن الثامنة عشرة، أو التاسعة عشرة أو أقل، كما هم طلاب الثانوية في الواقع! .


أثر سلبي!

نعتقد من وجهة نظرنا أن المسلسل يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على المتفرجين المراهقين، من خلال تقليدهم لشخصيات الطلاب من خلال تعاملهم بقلة أدب، وعدم احترام للمعلم ، فكان من الممكن أن تتم معالجة هذه القضية من خلال جعل الأستاذ عبدالله، أكثر حدّة في التعامل مع الطلاب، حتى وإن حاول إصلاحهم، وعدم قبوله بأي تمادٍ منهم !


أفكار إيجابية

رغم أن نهاية المسلسل كانت سعيدة، فيها بعض الأفكار الإيجابية، التي يمكن أن تدفع الطلاب للتغيير، ليكونوا أفضل ، ولكن هل يا ترى جميع الطلاب لديهم الأستاذ عبدالله، لِيُقَوِّمَهم، ويُحَسِّنَ أخلاقهم ؟.. فيمكن أن تكون بداية التغيُّر من المجتمع المحاط بهم مثل: الأب ، الأم، والأصدقاء، ثُمَّ المدرسة، والمدرِّسين.
في النهاية نتمنى أن نرى دائماً الأعمال العربية، والسعودية ناجحة منتشرة،  تحلق بالأفق ، وأن تكون ذات رسالة مهمة، نستطيع من خلالها الاستمتاع، وأخذ العبرة .


★خريجة قسم النقد والأدب المسرحي – المعهد العالي للفنون المسرحية – الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى