إذاعة وتليفزيون

شهد إبراهيم: هل واكب مسلسل (مدرسة الروابي2) توقعات الجمهور؟

شهد إبراهيم ★

إن مشكلات التنمر، والتحرش، وإجهاض الأحلام بسبب المحسوبية، تعد مشكلات جريئة، ويُعاني منها جميع المجتمعات حول العالم، كم شخصاً فينا تعرَّض لمشكلة من تلك المشكلات؟! وإن لم نتحدث عن هذه المشكلات في الاعمال الفنية، فأين دور الفن الحقيقي؟!

تعاطف مع الضحية:

بعد أن جاءت ردود أفعال متابعي مسلسل (مدرسة الروابي)، وترقب الكثير موعد عرض الموسم الثاني منه، صُدِمَ الجمهور بعد طرح البرومو التشويقي للمسلسل، عبر منصة “نتفيلكس” بعد اكتشافه لتغيير البطلات، فكان الجميع ينتظر معرفة مصير بطلات الموسم الأول، وبالأخص “ليان”، بعد أن سمعنا صوت الرصاص دون أن نعرف هل ماتت هي أَمْ حبيبها؟ والذي سنعرفه في هذا الموسم، عن طريق “جرافيتي ” مرسوم لها على جدران المدرسة، وكانت “ليان” وسيلة لتسليط الضوء على مشكلة الشرف الموجودة في المجتمع العربي، عندما يقرر الأخ أو الأب أن يحكم على البنت دون أن يسمعها.


تدور أحداث المسلسل عن المخاطر الناتجة من مواقع التواصل الاجتماعي، على الفتيات في مرحلة المراهقة، ويرصد المسلسل الذي يضم مجموعة من الفتيات من مستويات اجتماعية مختلفة، قصة كل فتاة منهن، وكيف تتسبب واحدة من الفتيات الباحثات عن الشهرة على منصة “تيك توك” في الكثير من الأزمات والمتاعب في حياة صديقاتها في الصف، المسلسل من إخراج: تيما الشوملي، وتأليف كل من: تيما الشوملي، وشيرين كمال، وإسلام الشوملي، وبطولة: تارا عبود، وسارة يوسف، وتارا عطاالله، وكيرا يغنم، وتاليا الأنصاري، ورنيم هيثم، وريم سعادة، ومجموعة من الفنانين، والوجوه الجديدة.

يعتمد المسلسل على السرد “غير الخطي” حيث يبدأ في المشهد الأول من الحلقة الأولى، اِنتشار فيديو لـ “سارة” إحدى طالبات المدرسة، والتي تجسد شخصيتها (تارا عبود)، لتقوم المخرجة بعمل “فلاش باك” لتحكي لنا الفتاة كيف انتشر هذا الفيديو، وما الذي دفعها من الأساس لتصويره،  لنجد أن مشكلة سارة تعرضها للتنمر من زملائها بالمدرسة، علاوة على بُعد أهلها عنها، ذلك البُعد كان السبب الرئيسي في تورطها في هذا الفيديو، الذي قام أحد الأشخاص بابتزازها به، وكان سبباً كبيراً في تعرضها لمشكلات نفسية بعد انتشاره، وتألقت “تارا عبود” ـ وهي واحدة من الوجوه الجديدة ـ في تجسيد الشخصية، وأظهرت بشكل متألق تعبيرات وجهها، ولغة جسدها، الحدود الموجودة بينها وبين أهلها، في مشاهد الحوار بينها وبينهم.

وكذلك “تسنيم”، التي تجسد شخصيتها (سارة يوسف) تسلط الضوء أيضاً على الشخصية التي تعاني من مشاكل نفسية، حيث نجد والدتها تحاول طوال الوقت تحقيق أحلامها فيها، بالإضافة إلى أن ذلك جعلها يجب أن تصبح مثالية طوال الوقت، ذلك الذي سبب لها “مشاكل اضطرابات الطعام” حتى تحافظ على وزنها مثالياً، وكانت سارة متألقة في تقديمها للشخصية.

أما عن “فرح”، والتي تجسد شخصيتها (رنيم هيثم)، التي كانت نهايتها مع نهاية الموسم الثاني، حيث قامت بالاِنتحار لشعورها بالإهمال، وأنها أقل من الجميع، والكل يسخر منها، بعدما أخذتنا المخرجة لنقطة نكاد أن نشعر فيها، أن ما حدث هو درسٌ للطالبات، ولكن الدرس الحقيقي أيضاً، هو أن التنمر من الممكن أن ينهي حياة شخص، ولن يفيد الندم وقتها،  وكان لرنيم ظهور مميز ومتألق.

انتقادات مُبررة:

وقد كان لظهور رائدة الأعمال اللبنانية (كارن وازن) ظهوراً مميزاً ولإعطائه مصداقية فيما يتعلق بالنجاح والشهرة على السوشيال ميديا، وظهر بمثابة مثل أعلى لتلك الفتيات في تحقيق هذه الشهرة ولكن بشكل مؤثر، ذلك واقعي إلى حدٍ ما، لكن ليس بشكلٍ كاملٍ؛ وذلك لتباين الآراء حول مشجع على طرح قضايا حقيقية، تحدث خلف جدران المدرسة، ومعارض لمستوى الحوار، والأزياء، والأفكار، التي أتهمها البعض أنها لا تلائم المجتمع الأردني، وبعيدة كل البعد عن ثقافتهم، وبالأخص “الواسطة”، و”التحرش” وأصبح يُشكل جدلاً كبيراً بسبب تصويره للواقع الأردني.

ولكننا إن نظرنا للزي الرسمي للمجتمع الأردني، سنجد أنه “تنورة وقميص” بملابس الفتيات في المسلسل، بالإضافة أيضاً بسلوكيات الفتيات، فجميع المجتمعات بها النافع والضار، ومعظم المدارس الحكومية بها نماذج كهذه الفتيات، وتقديمها في العمل بمثابة التعلم، والوعظ للفتيات، وليس لنقل صورة مضللة عن المجتمع الأردني.

توظيف درامي مناسب:

أما عن الموسيقى، فقد كانت جميع الأغاني معبرة عن حالة المشهد، وتم توظيفها بشكل رائع، وأن أكثر الأغاني التى كان لها سبب في إثارة جدل خاصة من المعارضين، أغاني فرقة “مشروع ليلى” الممنوعة من دخول الأردن، وكانت الملابس تعبر بشكل مناسب عن كل شخصية، وكانت أغلبها الزي الرسمي للمدرسة، وأيضاً الماكياج، تم توظيفه بشكل متميز، ويعبر عن كل شخصية، فكان مبالغاً فيه لبعض الشخصيات، نظراً لأسلوب حياتها، كشخصية “هبة” التي تألقت (كيرا يغنم) في تجسيدها، أما الإضاءة فتم توظيفها في خدمة الحالة الدرامية، وظهرت بشكل مميز في غرفة “شمس” التي تجسد شخصيتها المميزة (تاليا الأنصاري)، حيث كانت الإضاءة في غرفتها خافته نوعاً ما، لتخلق حالة من التحقيق، والتجسس التي كانت تقوم به.

إننا نقف أمام مشكلات حقيقية، منتشرة بين الأطفال، والمراهقين بالمدارس، إن الاشخاص الضعفاء يحتاجون إلى دعم الأنا عن طريق التقليل من الآخرين، والتنمر عليهم، ويجب على الفن طوال الوقت تقديم تلك النماذج، وتقديم نتائجها أيضاً على الأشخاص، وأنها من الممكن أن تدمر حياتهم، ذلك ما أبدعت المخرجة تيما الشوملى في إسقاط الضوء عليه، ومناقشته بين أحداث المسلسل بطريقة مواكبة للعصر الحديث.


★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى