إذاعة وتليفزيون

نهلة إيهاب: الدراما الإذاعية تشكيل للوعي الجمالي والمعرفي.

نهلة إيهاب ★

قبل أيام، وبالتحديد في 13 فبراير تم الاحتفال ب”اليوم العالمي للإذاعة”،  وهي تصنف كواحدة من أكثر وسائل الإعلام  استخدامًا في العالم .
وستناول هنا الدور الفني والإبداعي “للإذاعة”  المتمثل في “الدراما الإذاعية ” ؛ فما هي طبيعة  ذلك الفن؟
الدراما الإذاعية هي نوع من أنواع الفنون ذات الطابع والسحر الخاص ؛ المستمد من الدراما بصفة عامة
بمعنى أن الدراما الإذاعية مرتبطة إلى حد كبير بدراسة أصل وتطوير الفن الدرامي.


كما أن الإذاعة كشكل جديد نسبيًا شاهده أبناء القرن العشرين ليس مجرد اختراع فقط ‘بل هي وسيلة تعبير ساهمت فيها كل المعارف الإنسانية.
وقد تعددت الأشكال الإذاعية الدرامية بداية من التمثيلية إلى البرامج الخاصة ، ثم الإعداد لقصة أو رواية أو مسرحية أو إذاعة لمسرحية كما كتبت للمسرح .


هذه الأشكال الفنية ارتبطت بظهور القنوات الإذاعية وبالتالي فهي تجسيد للأفكار السائدة عند ظهور هذه الظاهرة، وتقديمها في قالب فني محسوس حتى تعرف هذه الأفكار طريقها إلى عقولنا وقلوبنا .
فالتمثيلية الإذاعية هي أول شكل من أشكال الدراما الإذاعية ؛ ولقد ظن بعض القائمين عليها في بادىء الأمر أنه يكفي أن نضع ” الميكروفون ” في مسرح وندعه ينقل إلى المستمعين أصوات الممثلين ، لكنهم أدركوا بعد ذلك أن طبيعة الإذاعة  تختلف عن طبيعة المسرح  لأن الإذاعة تعتمد على حاسة السمع والمسرح  يعتمد على المشاهدة والسمع معًا ؛ لذلك حاولوا تعويض المستمع عما يفقده من عناصر الرؤيا.


فكاتب الدراما الإذاعية لا يتوفر له سوى ثلاث عناصرأساسية “الصوت والمؤثرات الصوتية والموسيقى” والبراعة هنا تكمن في أن الكاتب الإذاعي يستطيع من خلال هذه العناصر الثلاث أن يعمل دون عجز عن التعبير الكامل ، بما يدفع المستمع إلى تصور المناظر والأحداث والشخصيات.
كما أن التمثيلية الإذاعية تتفوق على الأشكال الدرامية الأخرى حيث توفر للكاتب حرية الانتقال في الزمان والمكان ، وتقديم مالًا يستطيع السينما أو التليفزيون أو المسرح أن يقدمه إلا بتكاليف ضخمة.


فالمستمع هنا لن يكون  مجرد مشاهد أو مراقب للذي يحدث أمامه كما هو الحال في السينما، التليفزيون  والمسرح ؛  بل يكون شريكًا في عملية الخلق الإبداعي والتصوري والفكري للعمل الإذاعي باعتبار أنه يستخدم خياله لتصور ما يحدث ؛ وبالتالي سيكون تقبله للتجربة الفنية أكثر كمالًا لأنه مشترك في الموقف الدرامي.
فبرغم أن الدراما الإذاعية تعتمد على القوة السمعية على مستوى “البعد المادي” المحسوس  ولكنها بنفس تأثير القوة البصرية على مستوى “البعد النفسي” الشعوري والوجداني عند المتلقي “المستمع”.
فهي دائمًا تسعى لتشكيل الوعي الجمالي والمعرفي والحسي من خلال إعادة خلق “المستمع” للمحتوى الإذاعي .                                                           


★ناقدة-مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى