سينمامشاركات شبابية

محمد فهمي: رحلة البحث عن البطل.

محمد فهمي ★
افتقدنا في الألفية الجديدة في عالم السينما البطل الذي يطل علينا في كل عام بعمل أو عملين تتهافت عليه المعجبين من كل مكان، وأصبحت الموضة الاكتفاء بعمل سينمائي كل ثلاث أعوام والاهتمام بالشاشة الصغيرة، ويرجع الفنانون أن السبب الرئيسي وراء ابتعادهم عن السينما هو ضعف الورق المقدم إليهم وهو ما لا يتناسب مع مسيرتهم المهنية فيضطروا للجوء للتليفزيون.
أما المنتجون فكان رأيهم مغايرًا تمامًا حيث وضعوا المادة نصب أعينهم، بمعنى أدق هو مغالاة الفنانين في أجور أفلامهم والعمل السينمائي يعتمد في المقام الأول على الإقبال الجماهيري ولتحقيق ذلك يلزم تقديم صورة جيدة متكاملة الأركان قائمة على ميزانية ضخمة.
رأي متواضع

شاهدنا الكثير من الأعمال الفنية سواء جيدة أو رديئة، وبمتابعتنا لردود أفعال المشاهدين والنقاد، تعددت عوامل نجاح أو فشل هذا العمل السينمائي، منها يعود إلى قيادة وتوجيه المخرج خلف الكواليس، أو الكتابة التي تحمل الكثير من المعاني التي تثير ذهن، أو التمثيل باختيار مجموعة متجانسة من الممثلين، ولكن قبل معرفة ودراسة كل عناصر العمل الفني كانت هناك جملة رائجة بين الجمهور قبل النقاد وهي كاريزما البطل.

دعنا نتذكر أنه ليس هناك عمل فني شاهدناه دون البطل الرئيسي الذي تدور حوله جميع الأحداث وهو المحرك الأول والأخير لها باختلاف الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وباقي طاقم العمل أما أن يسير في صفه أو يجاهده بقوة لمنعه من الوصول إلى النهاية السعيدة.
هل لها أصل من الأساس؟
ربما ترجع فكرة البطل الذي تتمحور حوله الأحداث لطبيعة تفكيرنا التي تغلبها العاطفة في الكثير من الأحيان، وبالرجوع إلى التاريخ لن نجد مرحلة تاريخية مرت إلا وبها قائدًا وبطلًا يحمل على كاهله هموم أمة بالكامل.
ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن أبطالنا التاريخين وإنما لرصد أبطالنا في السينما والتلفزيون والمسرح وما يميزهم من كاريزما تجعل المتابعون يتهافتون عليهم من كل مكان، وفي السطور القليلة القادمة سنقدم بعض من أصحاب الكاريزما الذين أفنوا حياتهم في سحر السينما.


أفلام إسماعيل يس
وهو من أوائل الفنانين الذين تزعموا وحملوا هذا المصطلح “كاريزما البطل” على أكتافهم، وإذا بحثت عن اسم الفنان لديه أفلام باسمه لن تجد سوى اسم أبو ضحكة جنان “إسماعيل يس”، وعلى الرغم من ظهور الكثير من صناع الكوميديا في حقبته إلا أنهم يأتون من خلفه بمراحل بالأخص على مستوى النجاح الجماهيري، فالعلاقة بين الراحل “إسماعيل يس” وجمهوره ما زالت مستمرة حتى الآن على الرغم من رحيله منذ عقود، وكأن عشقنا له نتوارثه جيلًا بعد جيل.
تميزت ملامح “يس” بالبساطة والكفاح كما هو حال أغلب الجمهور المصري، وكانت صاحب ضحكة مختلفة بمجرد خروجها تنزع ضحكات من المتلقي، ولا ننسى أن بداية تعارف “إسماعيل يس” مع جمهوره بلقب “بؤه” نظرًا لكبر حجم فمه ، فالبداية كره ذلك التشبيه ومع مرور الوقت عرف أنه يملك كنزًا جعله سطر اسمه من الذهب بين أهم صناع الكوميديا على مدار التاريخ.
ملك الترسو.

فريد شوقي
لا يوجد عمل فني ناجح دون قطبي الدراما الخير والشر؛ ولأن الخير هو مفتاح السعادة ونشر الطمأنينة بين البسطاء، فكان لا بد من توافر بطل يرجح كافة خير، ويسحق كافة الشر.
وكان بطلنا الراحل ” فريد شوقي” هو ذلك البطل الأسطوري كما كتب عنه الأديب “نجيب محفوظ” في رواياته وكانت صفاته نمطية وسائدة في مواصفات فتى أحلام الفتيات، فكان طويلًا، وعريض المنكبين، عيونه سوداء، قيادي، حاد، صاحب شخصية قوية، صوته عالٍ وواضح، ولا مانع من بعض خفة الظل التي تمحو أي ألم يمر به البطل خلال رحلته.
فكان وقت عرض أفلام الملك “فريد شوقي” سؤال سائد بين الجمهور وهو “الفيلم فيه كام خناقة؟” بمعنى أدق كان ينتظر الجمهور رؤية “فريد” ويستمتع بمعاركه مع أطراف الشر وينتصر عليهم ويرفع راية الخير عاليًا وذلك من خلال رحلة درامية شيقة بين صعود وهبوط.


الزعيم
منذ عدة أيام تصدر اسم الفنان “عادل إمام” تريند محركات البحث ومواقع التواصل الإجتماعي وذلك بعد ما أعلن نجله المخرج “رامي إمام” اعتزال والده، وتفرغه لتربية أحفاده لرغبته في قضاء أكبر وقت  مع أسرته.
وببساطة نحن الآن نتحدث عن ملك الكاريزما، الفنان الذي فرض نفسه على الساحة الفنية.
حيث يقدم لنا المعنى الحقيقي لبطل الشعب، بملامح الشاب مصري المكافح المغلوب على أمره، فيضطر للمبيت في الشارع وهو وعائلته في “كركون في الشارع”، كشف عن التعذيب الذي كان يحدث خلال حقبة “جمال عبد الناصر” عندما وضع في السجن ظلمًا في “إحنا بتوع الاتوبيس”، وهو من قرر التوبة والاقلاع عن السرقة والاحتيال مهما كلفه الأمر في “المشبوه”، وهو الطالب الجامعي في كلية الطب الذي يمنى نفسه بالظفر بقلب محبوبته وإجبار والدها الجزار الذي يظن أنه يتقرب منها لمستواها الاجتماعي في “على باب الوزير” وغيرها من قصص الكفاح والمثابرة.
وهناك العديد من الأبطال الذين أبهجونا وجعلونا نصطف أمام شباك التذاكر فقط لرؤيتهم دون حاجاتنا لمعرفة إن كان الورق جيدًا أم لا؟! أو كم تكون ميزانية الفيلم، فقط نقرأ اسم بطل العمل كان كفيلًا بعقد نجاح وحفر العمل السينمائي في ذاكرة السينما.


★خريج قسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى