آية سيد: كيف قدم المسرح “فتوات بولاق” بعد نجاحها سينمائيا
آية سيد★
قدم العرض المسرحي “فتوات بولاق” إعداد وإخراج أحمد عمارة، ضمن فاعليات مهرجان ختام نوادي المسرح في دورته الثلاثين، والعرض من إنتاج قصر ثقافة كفر الشيخ، يًذكر أن العرض عن قصة نجيب محفوظ في كتاب حكايات حارتنا.
تدور أحداث العرض في إحدى حارات بولاق أبو العلا خلال فترة أربعينيات القرن الماضي، حيث يدور عراك بين الفتوات للاستيلاء على المنطقة، وبعد استيلاء عباس على لقب فتوة بولاق أو العلا، يرغب محروس صبي مبيض النحاس في أن يصبح أحد رجال عباس، مقابل ذلك أن يقتل حبيبته حميدة والتي يقع في حبها محروس الصبي وعباس الفتوة، ليواجه محروس ذلك الأمر بالهروب من الحارة منتظرًا الفرصة للانتقام من الفتوة عباس .
كان للغناء دورًا كبيرًا خلال العرض المسرحي من ألحان وغناء عمر صقر، حيث شارك في سرد الحكاية المعروفة لدى معظم الجمهور، بالتزامن مع الأحداث على خشبة المسرح، وقد ساعد هذا في تكثيف أحداث القصة، فإذا نظرنا إلى الفيلم الذي يحمل نفس العنوان لتمثل أحداثه ساعتين، إما العرض فقد تم تقديمه في حوالي ساعة، حيث الأحداث المكثفة، وعلى الرغم من معرفة معظم الجمهور بالقصة ونهايتها إلا أن الحضور كان مترقبًا لكيفية تنفيذ هذه الأحداث على المسرح ومدى إتقان كل ممثل لدوره.
جاء ديكور العرض في طراز مختلف، فتميز بسرعة تغييره ليمثل ديكور داخل الحارة وديكور خارج الحارة، فديكور خارج الحارة تشكل في الأرض التي كان يعمل بها محروس بعد هروبه، أما ديكور الحارة فقد كانت خشبة المسرح مقسمة إلى عدة أماكن حيث دكان دسوقي مبيض النحاس، ودكان حسين الحداد، ومنزل حميدة، ومقام سيدي أبو العلا، ومكان عباس الفتوة والذي كان يعلو عن خشبة المسرح لتوضيح مدى سيطرة عباس على أهل الحارة ومدى طغيانه وقهره. عندما يتمعن المرء النظر في الديكور يكتشف المتلقي أن الديكور مصنوع وتم تشكيله من الكارتون ، وقد برع أحمد اللقاني لإظهار الديكور وتنفيذه بدقة. كما غلب اللون الأحمر على الإضاءة بالعرض خاصة في مشاهد العراك بين الفتوات، وبؤرة الضوء في مقدمة المسرح للتركيز على شخص واحد أو مشهد معين.
ظهر تأثر مخرج العرض أحمد عمارة بالسينما والصورة السينمائية، وذلك في أكثر من موضع، حيث التزامن بين الغناء والسرد وبين حركة الممثلين، لكن أكثر ما أظهر تأثره بالسينما هو الحركة البطيئة والتي ظهرت خلال مشهد العراك بين الفتوات ببداية العرض، وظهرت أيضًا خلال رحلة هروب محروس من الحارة، فقد تم استخدام الحركة البطيئة لتصوير معاناة محروس وإظهار رحلته الشاقة، فتارة يقع وهو يجري وتارة أخرى ينهض لتكملة رحلته، أما عن الممثل (عبد الرحمن جميل) فقد قام بإتقان دوره وتوصيل المشهد إلى الجمهور من حيث موضعه في مقدمة خشبة المسرح وحركة قدميه وتعبيرات وجهه.
اتقن كل ممثل بالعرض دوره على خشبة المسرح ، بما فيهم الممثل الصامت الذي لا يشارك في الأحداث المسرحية، حتى الممثل الذي يتحكم بالأحداث، مثلًا بائعي الخضار ورجال الفتوات والشحاذ فقد التزم كل منهم بدوره وبحركته على المسرح، بالرغم من وجود بعض العشوائية والعدد الكبير من الممثلين.
اتسم العرض ببعض من الواقعية، ظهر ذلك خلال التحطيب الحقيقي أثناء عراك الفتوات وأثر صوت صدام العصي، كذلك صوت صياح السيدات، ووجود الخضار في سلة البائعات.
طوال الأحداث المسرحية يدور أكثر من حدث وأكثر من مشهد في وقت واحد، وعلى سبيل المثال مشهد النهاية، ففي ظل الصراع والعراك المستمر بين فتوات بولاق والذي يدور في منتصف الخشبة، وفي إحدى الجوانب تصرخ الأم لقتل ابنتها حميدة، بينما يُشنق بيومي في خلفية المسرح، ويشاهد محروس الطفل كل تلك الأحداث ومن بداية العرض وهو صامت فقد استطاع المخرج أحمد عمارة السيطرة والتوازن بين كل تلك الأمور، وأيضًا توجيه الممثلين وتحديد حركتهم على الخشبة، فهذا الإتحاد بين المخرج والممثلين أنتج بنجاح العرض المسرحي “فتوات بولاق”
تصوير: مدحت صبري، إعداد وإخراج أحمد عمارة، تأليف نجيب محفوظ، ديكور أحمد اللقاني، استعراضات أحمد عمارة، إضاءة أحمد الرفاعي، ألحان وغناء عمر صقر، مكياج روان صبري، أزياء إسراء الرويني، مخرج منفذ أحمد سلامة، مساعد مخرج أحمد الصباغ، إبراهيم أبو الفتوح. تمثيل: أحمد اللقاني، لمياء فريد، أحمد سلامة، أحمد جاويش، عبد الرحمن جميل، محمد شعبان، إبراهيم أبو العنين، عصام الزين، أمنية هلال، شيماء محمد، نادر فؤاد، إبراهيم أبو الفتوح، محمد السيد، باهر حسنين، باسل الجنايني، ليل غازي، رنا الجمال، إبراهيم حسين، عبد الرحمن العراقي. |
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
★ناقدة- مصر