أخبار ومتابعاتمسرح

زينب الأسدي: البناء الفني لمونودراما مهرجان الفجيرة الدولي


زينب الأسدي★

أن التجربة المونودرامية في مهرجان الفجيرة جاءت لتناقش القضايا الإنسانية دون غيرها من الأشكال المسرحية، عبر إقامة نسق تواصلي مع المتلقي، لتحقق المتعة الفينة والرسالة الاجتماعية للمسرح كظاهرة مسرحية.
وقد تميزت عروض الأيام الأولى للمهرجان بخصائص فنية وتقنية متنوعة ومميزة ،بدأ من النصوص التي جاءت متكاملة من ناحية البناء الدرامي للنص المونودرامي المسرحي ،و وصولاً إلى عناصر العرض المسرحي الفنية والتقنية التي جعلت من المونودراما مشروعاً يحمل في داخله عناصر النجاح أدبياً وفيناً.
إذ جاءت العروض لتبحث عن خصوصية التجربة المونودرامية وعناصر بنائها الفني،وجاء التركيز على بناء الفني نظراً لتجدده وتطوره المستمر ،فهو يعد محوراً رئيساً للدراسات الحديثة ، ويشكل الممثل أحد ركائز المهمة في هذا البناء، عبر تفرده في الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها في المونودراما.
إذا تختلف تقنية النص المونودرامي عن تقنية النص الدرامي التقليدي من ناحية تعدد الشخصيات، إذا نجحت بعض العروض في التغلب على بعض الإشكاليات التي تفرضها الصيغة الفنية المونودراما ،والتي تقضي وجود ممثل واحد على خشبة المسرح، الأمر الذي ينتج عنه بالضرورة الوقع في فخ الرتابة والملل ،الذي يمكن أن ينتج عن السردية المونولوجات المونودرامية والتي تعطيه الاحقية في مناقشة بعض القضايا عن طريق تقنية الاستدعاء عبر الانحراف إلى الزمن الماضي أو إلى زمن المستقبل، فالحدث المونودرامي يرتبط بالبناء الداخلي لشخصية المونودرامية وما يعمل في داخلها.

حيث تحتوي المونودراما على شخصية واحدة رئيسة وتكون ذات حضور حياً مباشراً ،وشخصيات أخرى تكون ذات حضور مجازياً من خلال الاستدعاء الذي تحدثه الشخصية ،وينتج عن هذا الاستدعاء صراعاً درامياً كاملاً،لأن المونودراما تمتاز بطغيان الصراع النفسي الداخلي الذي ينمو ويتطور في دواخل الشخصية.

وفاء الحكيم في مونودراما “ودارت الأيام “


ومع تطور الأحداث وهو ما يعطيه أحقية لعرض المونودراما بمناقشة بعض الأفكار عن غيره من العروض.
إذ لا يعد حضور الصوت الآخر حضوراً درامياً مباشراً بل هو أحياناً مجرد صدى يرده الصوت المونودرامي عبر الممثل عن طريق المونولوج ،بوصفه ركيزة أساسية من ركائز البناءُ الفني للعرض المونودرامي.
كما يتعمد الحوار على السرد نظراً لتقيده بالشكل الفني للمونودراما ،وقد جاء هذا السرد في مجمل العروض ،مدعماً بالعديد من الآليات والتقنيات الفنية المونودرامية التي تعمل على تفعيل درامية العرض وتخلصيه من الرتابة والسرد الطويل المونولوجات المباشرة إلى المتلقي.
أما الزمن فكان زمناً نفسياً حراً إذ لا يتقيد بلحظة تأريخية معينة ،ولا يخضع لترتيب الطبيعي والمنطقي للأحداث ،فقد همين الزمن الذي ينطلق من الذات ،وتكثر فيه الانحرافات الزمنية، ويتحرك بين مستوياته الثلاثة (الماضي والحاضر والمستقبل) ،ويشكل المكان (الفضاء المكاني) وفق عالم افتراضي من خلال مكان ذهني وهو يخضع لنزوات شخصية وعالمها الداخلي المضطرب.
إذ جاءت العروض لتبحث في خصوصية التجربة المونودرامية وأيضاً الكشف عن الآليات والتقنيات الفينة والجمالية للمونودراما عبر إظهار التقنيات الفنيـــــــة الحديثة في العرض والتي تكمن المخرج من ضبط الترهل الذي يمكن أن ينتج طول الحوار السردي.


مدرس مساعد بجامعة البصرة ـ العراق 


مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى