محمد الشحات: (استدعاء ولي أمر)..كيف تجعل ابنك قاتلا بسهولة؟!
محمد الشحات★
تحذير: يحتوي هذا العرض على مشاهد تصور العنف الأسري، وننصح الأشخاص الذين يعانون من ذكريات سابقة للعنف الأسري بأن يكونوا حذرين، ويضعوا أيديهم على قلوبهم قبل مشاهدته، حيث سيتم تمثيل أحداث العنف الأسري، بشكل واقعي ومؤثر أمام أعين الجمهور.
قدَّم لنا مسرح الهناجر ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري، العرض المميز” استدعاء ولي أمر”
تتناول القصة مشكلة التواصل بين الأجيال، والصراع الذي ينشأ بسبب رغبة الآباء في التأثير والتحكم في أبنائهم، ويعتبر هذا الموضوع ذا أهمية كبيرة في المجتمع الحالي، حيث تواجه العديد من الأسر، هذه المشاكل، وتعاني من صعوبة التواصل.
ويسلط العرض، الضوء على أهمية احترام الاختلافات بين الأشخاص، واحترام حقوق الفرد في اتخاذ قراراته الخاصة، وصياغة أفكاره، ومن خلال هذه الرسالة، يحاول العرض توضيح أهمية الحوار، البناء والتفاهم المتبادل، بين الأجيال للتغلب على هذه الصعوبات.
تتميز عروض المؤلف الشاب محمد السوري، بالإبداع والتجديد، حيث يستخدم العديد من الأساليب، والتقنيات المختلفة، لجعل العرض مشوقاً وجذاباً للجمهور، كما يظهر المخرج الشاب زياد هاني كمال، بمهارته وقدرته على تناول الموضوعات الحساسة، بشكل راقٍ ومؤثر.
تمكن زياد هاني كمال بذكاء من دمج تقنيات السينما والمسرح، حيث استخدم ديكوراً متحركاً، صممته هبة الكومي، لتعكس حالات نفسية يواجهها بطل المسرحية، الشاب “يحيى”، وقد قام مصمم الإضاءة إبراهيم الفرن، بإبراز هذه الحالات النفسية ببراعة، وقدَّم الممثل مصطفى رأفت، أداءً قوياً ومتقناً، لدور “يحيى”.
يتناول العرض شخصية يحيى ( مصطفى رأفت)، وهو شاب مريض نفسياً، نتيجة لقمع والده، ومعلمه في المدرسة، يعاني “يحيى” من تجاهل الناظر، الذي يرفض سماعه، ويطلب دائماً استدعاء والدته، لكنه يتمنى حضور والدته، لمواجهة مخاوفه من والده، حيث يصفه والده دائماً بأنه “فاشل”، ولا يعرف أسلوباً آخر للتربية، سوى العنف، ويمارسه عليه تماماً كما مارسه والده عليه.
وبالتالي، يصبح “يحيى” شخصية مكبوتة، يفتقد الثقة بنفسه، ويشك في من حوله، فهو غير قادر على تكوين علاقات إنسانية طبيعية، فيمارس العنف ضد شقيقته الصغرى (بتول عماد)، كما يفشل في استقبال مشاعر الإعجاب والتعاطف من الفتاة (منار حليم)، التي يرغب في الزواج منها، ليجد نفسه وحيداً، محاصراً بسخرية وقسوة والده، وقدَّم أداءً متقناً لهذا الدور، وتتصاعد الأحداث، حتى يفقد “يحيى” عقله ويقتل والده.
اللافت في العرض، هو أنه يبدأ في غرفة العلاج النفسي، مع فريق الأطباء المسؤول عن تشخيص الحالة، وتحديد ما إذا كان القاتل مجنوناً، وفاقداً للإدراك، أم مسؤولًا عن أفعاله، وباستخدام تقنية الـ “فلاش باك”، يتاح للجمهور فهم الأحداث، التي أدَّت إلى لحظة المواجهة والتفجير والقتل.
يقدِّم( ميسرة ناصر) دور الطبيب الرافض لـ “يحيى” الراغب في إدانته وإنهاء كتابة التقرير، وتتوالى الأحداث في قالب درامي مثير، حيث يتم استعراض تأثير العنف والتمييز والقمع، على الصحة النفسية للأفراد، كما لعب ( لؤي سامي) الموهبة المتميزة، دور المدرس بأداء رائع، ومتميز كعادته.
هذه المسرحية استعراضٌ للقضايا الاجتماعية والنفسية المعقدة، التي يمكن أن يواجهها الأفراد في المجتمع، وتسلط الضوء على أهمية فهم ودعم الأشخاص، الذين يعانون من مشاكل نفسية، وتحفيز المجتمع على تقديم الدعم والمساعدة.
قد يكون لهذه المسرحية، تأثيراً على الجمهور من خلال توعيتهم بأهمية الصحة النفسية، وتأثير الظروف الاجتماعية عليها، كما أنها تقدِّم فرصة للممثلين، لتقديم أداء ممتاز ومؤثر، ولمصممي الديكور والإضاءة، لإبراز المشاعر، والحالات النفسية في المسرحية.
يمكن القول إن عروض الشباب الموهوبين، مثل هذا العرض، مؤشر على تطور المشهد الفني في البلاد، وتأثير الشباب في إثراء وتنويع العروض المسرحية، ويعكس هذا التطور، الثقة في قدرة الشباب على تحقيق التغيير، وتجسيد رؤاهم الفنية في أعمالهم.
استدعاء ولي أمر
تأليف: محمد السوري، إخراج: زياد هاني كمال، تمثيل: مصطفى السعيد، مصطفى رأفت، نسمة عادل، أدهم هاني، بتول عماد، لمياء الخولي، عمر عادل، ميسرة ناصر، لؤي سامي، منار حليم. ديكور: هبة الكومي، مكياج: نادين أشرف، إضاءة: إبراهيم الفرن، ملابس: هاجر كمال، مساعدا إخراج: أحمد يسري، عمر سمير، تصميم دعاية: محمد عبد الرحيم، إعداد موسيقي ومخرج منفذ: عادل مبروك، مكان العرض: مسرح الهناجر. |
ـــــــــــــــــــــــــ
★ كاتب ــ مصــر