إسراء وليد: “مع الشغل والجواز”.. ماالعمل حين يكون مديرك متحرشًا، ومديرتك متسلطة؟!
إسراء وليد★
الِانتقال من حياة العزوبية إلى الحياة الزوجية، سنة يفعلها أغلب الشباب والفتيات، بطموح وأمل في عيش حياة أسعد، وأكثر استقرارًا، فهل تتحقق السعادة؟ هل يتحقق السعي نحو التغيير للأفضل؟
اِتفاق مع أشباح؟!
على مسرح علي فهمي بأكاديمية الفنون، قُدِّم العرض المسرحي “مع الشغل والجواز”، لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية، ليحاكيَ المشاكل الزوجية، بمزيج من التراجيديا، وكوميديا الموقف، تفتح الستارة، ولكن ليس على الممثلين، بل على فيديو زفاف، ويدخل الممثلون من خلف الجمهور، بزفة للعروسين، وتقفل الستارة على صوت حادث، ثم تفتح على شبحين، يريدان دفن الزوجين، ولكن يتمسك الزوجان بالحياة، ويريدان العيش سويًّا، فاتفق الشبحان على أن يأخذا موتهما مقابل حياتهما، وأي محاولة للإخلال بالعقد، قد تؤدي إلى نتائج معلقة(يبدو الأمر قريبًا من نص فاوست).
تسلط وتحرش!
تبدأ حياتهما الزوجية مرة أخرى بسعادة غامرة، يذهب هو لعمله، فيجد مديرته المتسلطة، وتذهب هي للعمل، فتجد المدير المتحرش، تبدأ المشاكل بينهما بسبب العمل، فيتدخل أصدقاء السوء، بالتأثير السلبي عليهما، ويتدخل الأهل بتأثير ضار أيضًا، ويتسبب كلام الأطراف الخارجية بالسلب، على حياة الزوجين، فتزداد الفجوة بينهما، وتتوتر العلاقة، فيجد الزوج في طريقه، الصياد الحكيم، فيأخذ بنصيحته، وتذهب الزوجة للطبيبة النفسية، لتعبر عما بداخلها من حزن، تظل المشاكل مستمرة، ويبدأ كل منهما، برمي اللوم على بعضهما البعض، ويدخل بينهما الشك، وعدم التفاهم.
فإلى أي مدًى تستمر المشاكل بينهما؟ وهل يستغل الزوجان، فرصة عيش الحياة سويًا، مرة أخرى؟
مواهب متميزة:
ضم العرض ممثلين من طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية، موهوبين بدرجة كبيرة، اِستطاعوا إتقان الأدوار بواقعية، وكوميديا متميزة.
-“نغم صالح” صاحبة الروح الخفيفة، والحضور، والصوت القوي، أدّت أدوارها بتميز، وبصوت قوي، وجميل، وإتقان في كل شخصية، قامت بدورها على المسرح، لتثبت أنها ممثلة، تمتلك موهبة ملحوظة .
-“أمير عبدالواحد” ممثل مبدع، قد لا يتكرر كثيرًا، فهو صاحب أداء متميز، وقبول قوي، قادر على التحوَّل بين الشخصيات بصورة مبهرة، فمن يصدق أن الشبح، هو المدير المتحرش، هو الخليجي الثري، هو الصياد الحكيم، فجميعهم أمير عبدالواحد ، النجم الذي يظهر بقوة.
-“أحمد بيلا“، قدَّم بدوره كوميديا جذبت الجمهور، منذ الطلة الأولى، واستطاع التحكم بجميع انفعالات شخصية الزوج، فَمَثَّلَ الدور، بطبيعة وتقمص رائع.
-“فاتن سعيد” الزوجة الجميلة، ذات الملامح البريئة، قامت بأداء الدور بكل صدق وواقعية، فهي مزيج من الخفة واللطافة والموهبة.
-“محمد قنديل” أدّى الشخصية بتميز وواقعية، وبساطة شديدة جعلتنا نرى صورة الصديق السيء، بصورة كوميدية.
-“فاطمة النوبي” فنانة قادرة على خلق كيمياء وتناغم، بينها وبين كل فناني العرض، فهي صاحبة طلة خفيفة.
ولا يغيب عن الأذهان أيضًا، أداء الاستعراضيين، ومؤدو الدراما الحركية، الذين كانوا عنصرًا مهمًا ومميزًا، ساهم في إنجاح العرض .
ديكور متنقل
الديكور في العرض، كان بسيطًا ومرتبًا، ويرمز لأكثر من مكان، فأشار في بعض المشاهد للمنزل، وبعض المشاهد لمكان العمل، والكباريه وغيرها من الأماكن، تغيَّرت الأماكن، بتنقل بسيط في الديكور، السرير في العرض، كان يتحوَّل لمقاعد حسب المكان، وجاء معبرًا عن حال علاقة الزوجين بصورة ملفتة، فأثناء سعادتهما، يكون في وضعه الطبيعي، وفي خلافاتهما نجد نصفه مقلوباً، وأحياناً به فراغ، يفصل بين نصفي السرير، وكل من الزوجين في الجزء الخاص به وحيدًا، وفي ذروة المشاكل بينهما، لم يكن في وضعه الطبيعي، بل مرمي على الأرض، وشبه محطم.
إضاءة مبهرة:
الإضاءة كانت أحد أهم عناصر العرض، وأكثرهم جذبًا للجمهور، تنوعت بين الأحمر والأزرق والأصفر، وفي بعض المشاهد، اِستخدم المخرج، ألواناً أكثر حسب طبيعة المكان، فكانت لافتة ومبهرة، وأضافت للعرض الكثير من المعاني، وحتى ظلام المشهد، كان معبرًا أيضًا
موسيقى وأغانٍ معبرة
الموسيقى في العرض، اِستطاعت إيصال حالة الحزن للجمهور، رغم الكوميديا في العرض، فكانت قادرة على التنقل بين الحالات، بصورة حقيقية.
الأغاني في العرض، كانت تتخلل المشاهد بألحان رائعة، ومعبرة عن طبيعة المشهد، فمنها الأغاني السعيدة الحالمة، ومنها الحزينة المأساوية، فكانت الأغاني، وكأنها جزء مهم، وواقعي من الحوار.
ملابس واستعراضات موفقة.
الملابس والمكياج والإكسسوار، كانت مناسبة للشخصيات، والأدوار، وأيضاً الأماكن، فتنوعت الملابس، بين الشبح، والمدير، والعريس، ووالد الزوجة، وملابس المنزل، والصياد، والثري الخليجي، ووالدة الزوج، والراقصة، فكل شخصية منهم، جاءت بملابس مناسبة، وأيضًا ملابس الِاستعراض، الذي جاء بعضها، برسم هياكل عظمية مناسبة للحالة.
عناصر فنية أخرى
– المكياج أظهر الصفات الشخصية للدور، تصفيف الشعر كان ملفتًا وظاهرًا، واختلف من دور لدور.
– الإكسسوار أضاف للشخصية وطبيعتها، فاكسسوار والد الفتاة، مختلف عن الصياد، وعن الشبح، وعن الثري الخليجي، وكذلك باقي الشخصيات، فكل دور له الإكسسوار المناسب.
-الِاستعراضات والدراما الحركية في العرض، كانت موفقة، مما جعل الأغاني والتمثيل، أكثر إبهارًا وتميزًا.
فريق عمل (مع الشغل والجواز) :
تأليف وأشعار: أحمد رجب.
تأليف موسيقي وألحان: أحمد حسني.
أزياء ومكياج: رحمة عمر .
تصميم ديكور ودعاية: أحمد جمال.
استعراضات ودراما حركية: محمود نوح.
مخرج منفذ: ندى غنيم وهيثم فرغلي.
مخرج مساعد: دارين وائل.
إخراج: عبد الباري سعد.
★طالبة بقسم الدراما والنقد المسرحي -جامعة عين شمس -مصر.