مسرحمشاركات شبابية

خلود عماد: (سيدتي أنا).. عرض احترافي جاذب للجمهور

خلود عماد★

تستضيف خشبة المسرح القومي، رائعة من روائع برنارد شو “بيجماليون”، أو “سيدتي أنا” كما في معالجة المخرج محسن رزق.

قبل أن نخوض في أحداث العرض المسرحي، نتعرف على بيجماليون النحات الذي يكره النساء، وبسبب هذا الكره، قرر صنع تمثال لامرأة جميلة وزينه بالملابس الجميلة والحُلي، ووقع في حبه، لدرجة أنه دعا فينوس إلهة الجمال والحب، أن تحول هذا التمثال إلى امرأة حقيقة، فاستجابت له فينوس، وحولت تمثاله إلى امرأة حقيقة، اِستطاع أن يتزوجها ويعيش معها، ولكن لإن الخيال والفن اتفقا على كونهما أجمل من الواقع بكثير، ندم بيجماليون على ما تمناه.

 ولكن في معالجة “سيدتي أنا” لم تكن هناك علاقة بين الفن والواقع، بل كان هناك رابط بين العلم والفرق بين الطبقات، وهذا ما نراه من خلال علاقة دكتور آدم عالم الصوتيات، مع ليزا دولتيل بائعة الورد، التي يقابلها أمام دار الأوبرا الملكية بلندن، وبعدها يدخل في رهان مع صديقه ريكو، ليحولها من بائعة متجولة، ألفاظها بذيئة، وأسلوبها غليظ، إلى برنسيس، ليدي، تستطيع التواجد أمام الملكة، وبالفعل ينجح دكتور آدم في تحويل ليزا إلى امرأة، تنتمي إلى الطبقة الأرستقراطية.

بالرغم من أن أحداث المسرحية، كانت في زمنها الأصلي، وهذا ما رأيناه من خلال الأزياء والديكور، إلا أن وجود بعض العناصر الحديثة، ألقت الضوء على الصراع الطبقي، وفكرة تغير جلد إنسان من طبقة فقيرة، ووضعه في ثياب الطبقة الأرستقراطية، منتشر ومستمر حتى وقتنا هذا، وتم إثباته في العرض من خلال اللهجة العامية المصرية، وبعض الألفاظ التي تحمل كوميديا الإفيهات، أو بمعنى أصح، مواكبة التريندات الحديثة، مثل، “انتش واجري”، وبالرغم من أن هذا الطابع المعاصر، كان عنصراً مهماً في خلق كوميديا للعرض، إلا أنه تم ذكر بعض الكلمات، التي لا تليق بالمكان والزمان، الذي يعكس رونق ذلك العصر .

وبالحديث عن عناصر العرض المسرحي، فالديكور تم تصميمة لخلق صوره جيدة تراها العين، صورة جعلت المشاهد يشعر أنه أمام دار الأوبرا الملكية في لندن بالفعل، فقد تم مراعاة زمن المسرحية، ومكانها، وفكرة الانتقال من مكان لآخر بسهوله كالشارع، والبار، ومنزل دكتور آدم، و القصر الملكي، و شاركت  شاشات الجرافيك، التي تم استخدامها ووضعها في العرض بتقنية واحترافية عالية،  في سلاسة هذه الانتقالات ، وقد اكتملت تلك الصورة المبهجة بالأزياء، ولن نذكر هنا مدى توافق الأزياء مع الجو العام للعرض، ولكن سنلقي الضوء عن مدى سهولتها، وكيف كان يتحرك بها الممثلون والراقصون بخفة دون أن تعيقهم، بالرغم من ضخامتها، وكبر حجمها، فالعرض ضم عدداً كبيراً من الاستعراضات، والغناء الدرامي، الذي شارك به أبطال العرض، كجزء من الحدث الدرامي، بمساعدة الراقصين، كأشخاص مشاركين في هذا الحدث .

و بما أن عناصر العرض المسرحي جميعها، مترابطة، وتكمل بعضها البعض، فهذا دليل على أن المخرج، أراد صنع عرض احترافي معاصر، يستطيع من خلاله أن يجذب إليه الجمهور من جميع الأعمار، فالعرض أصبح يحمل شعار “كامل العدد” في معظم لياليه، وهذا ما جعله عرضاً جماهيرياً من الدرجة الأولى، فالمخرج استخدم أسلوباً ذكياً في جذب المتفرج إليه،  فهو صنع عرض مسرح، أبطاله نجوم، وهم داليا البحيري في دور ليزا، ونضال الشافعي في دور دكتور آدم، وفريد النقراشي في دور والد ليزا، وكذلك محمد دسوقي في دور ريكو صديق دكتور آدم، كما ساهمت الموسيقى، والاستعراضات، والمناظر المبهجة في نجاح العرض ، أضف إلى ذلك أنه يعرض على مكان عريق، كالمسرح القومي، وبسعر رمزي، كل هذا جعل الجمهور ينجذب إلى العرض، حتى قبل أن يراه، أو يعرف أحداثه.

سيدتي أنا

دراماتورج وإخراج: محسن رزق، تمثيل: داليا البحيري، نضال الشافعي، فريد النقراشي، محمد دسوقي، عبد الباري سعد، أحمد علاء بلبل، أحمد بيلا، فادي رأفت، يسرا يسري، ريموندا نادر

تصميم المناظر و الديكور: د. حمدي عطية، تصميم الأزياء: د. مروة عودة، أشعار: عادل سلامة، موسيقى وألحان: محمود طلعت، استعراضات: مصطفى حجاج، تصميم إضاءة: عز حلمي.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

★ كاتبــة ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى