إذاعة وتليفزيونمشاركات شبابية

سارة عمرو: ليه لأ.. حين ندلل الذكر.. ونقهر الأنثى!

سارة عمرو★

يناقش مسلسل (ليه لأ) في جزئه الثالث، قضية اجتماعية مهمة جداً، حيث يحكي عن شيري، وهي مدرسة وأم لفتاة وشاب، نرى أن ابنها ياسين متعلق بها بشكل مَرَضي، ويرفض رفضاً قاطعاً زواجها مرة أخرى، فهي تحب طبيباً بيطرياً، وترغب في الزواج منه، في حين أن ابنتها، والتي تلعب دورها (فريدة رجب)، توافق على تلك الزيجة دون عوائق، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب، من خلال توالي الأحداث.

سلسلة ( ليه لأ) تناقش القضايا، التي تحدث تغيراً في المجتمع، ففي الجزء الأول، بطولة أمينة خليل، ناقش فكرة الِاستقلال وتحقيق الذات، بعيداً عن قيود الأهل غير المبررة والإجبارية، أما الجزء الثاني، بطولة منه شلبي، فناقش فكرة الِاحتضان، أو التكفل بالأيتام، أما الجزء الثالث، والذي مازال يعرض حتى شهر يوليو الجاري، فيحكي عن حق الأم في الزواج مجدداً بعد طلاقها، أو موت زوجها، ويناقش فكرة تقبل المجتمع من عدمه لتلك الفكرة، فنرى في المسلسل ياسين يعترض بشكل كبير، ويتشاجر مع والدته بسبب رغبتها في الزواج، ويرجع ذلك لسبب رئيسي نابع من جذور تربيته، فوالدته عودته على التدليل دوماً، لدرجة التفرقة بينه وبين أخته، ونتيجة لذلك، شعر أنه الوحيد المهم في ذلك البيت، ومن حقه أن يُديره كما يرغب، كما أنه يعتقد أنه يملك والدته، ومن حقه أن يرفض، أو يقبل ما يخصها، بسبب فساده معنوياً نتيجة التدليل الزائد من الأم شيري (نيلي كريم)، التي تخاف من ابنها كثيراً، لدرجة أنها تتراجع عن زيجتها حتى لا يغضب منها، وهذا الخوف ناتج من نفس الفكرة، وهي جذور التربية والنشأة، على عكس الفتاة، فبرغم أن والدتها تعاملها على أنها غير مرئية، وتدلل شقيقها على حسابها، إلا أنها تتصرف بمنطق وعقل، فتدرك أنه لا حق لها في أن تتدخل في قرارات والدتها، مادامت لن تعود عليها، أو على العائلة بالسلب، لذلك توافق على تلك الزيجة، لأنه لا يسيطر عليها حب التملك والغيرة الشديدة بسبب فرط التدليل، كما أخيها.

نجحت المخرجة في إبراز وجهات النظر المختلفة في المجتمع تجاه المرأة، التي ترغب في الزواج مجدداً، خصوصاً لو معها أولاد كبار في السن وليسوا اطفالاً، وذلك من خلال الكادرات المختلفة، التي أظهرت نفوس الشخصيات الحقيقية، من خلال ردة فعلهم على هذا الموضوع، فمثلاً أختها ترفض زواجها، بحجة أن لديها أولاداً كباراً، فماذا سيقول عنها الناس؟…ولكن قد يرجع السبب الحقيقي إلى شعورها بالغيرة منها بسبب الرجل، الذي ستتزوجه، ومن فكرة أنها ستُجدد حبها مجدداً، ولن تعيش في دائرة مكررة من العلاقة الروتينية مثلها، ونجد أيضاً رد فعل زوج أختها، الذي لا يملك الحق في قول رأيه، إلا أنه يرى أنها كبرت، ولن تسلم من حديث الناس، لكن برغم ذلك لا يعترض على الزيجة مادامت في مصلحتها، كما نرى والدة الطبيب البيطري، الذي ترغب شيري في الزواج منه، ترفض تلك الزيجة، لأن شيري مطلقة، ولديها أولاد برغم أن ابنها أيضاً مُطلّق، وهي تعيش قصة حب مع رجل، وولدها رجل ناضج وكبير، فتظهر لنا ازدواجية التفكير، ونرى أيضاً على النقيض زوجها السابق، ووالد أطفالها الذي يشعر بالغيرة الشديدة، ما إن يعرف بالخبر، وفي حوار مع زوجته في غرفة نومهما بزاوية سُفلية، تظهر مدى عجزه الموازي لشعوره، حيث يرفض تلك الزيجة، بحجج كثيرة أولها كيف ستدخل أم أولاده رجلاً غريباً على ابنته، برغم أنه تزوج وأنجب، وأدخل امرأة غريبة على ولده كما ترد زوجته، وعند عجزه عن الرد بسبب منطقية الحوار، ينهيه بشكل واضح.

المسلسل يسلط الضوء على فكرة مهمة موجودة في المجتمع بشكل واضح، وهي وضع الزوجة بعد الطلاق، فالكثير من الرجال يرفضون زواج طليقاتهم، خصوصاً بعد زواجهم، وقد يرجع ذلك لتمسكهم الخالي من الحب، والممزوج بالتحكم، ولفكرة أنه هو رجل فيفعل ما يشاء، لكن هي امرأة لا حق لها، والعيب سيلاحقها بجانب العار طوال حياتها، وهذا كان رد زوجها السابق على زوجته، ففكرة الِازدواجية الفكرية الخاصة بالرجل في المجتمع العربي، مرتبطة بشكل وثيق بفكرة المجتمع البطريركي، حيث يرى الرجل أن كل شيء متاح له، ممنوع على المرأة، رغم أن الدين لا يحرم ما يحرمه الرجل بحجة التقاليد والعادات، لكنه فكر متوارث نأمل أن يتغير في يوم ما.

هناك لقطة في المسلسل، في الحلقة السادسة لياسين في مواجهة أمه، عندما علم بأنها تريد الزواج، نرى أنه يتحدث معها بلهجة وقحة، وكأنه شخص بالغ يحاسب والدته، في حين أنه مازال في عامه الجامعي الأول، ولا يرجع ذلك لسطحية السيناريو كما قال البعض، أو الرغبة في السير خلف التريند ولكن ومن وجهة نظري أن السبب وراء ذلك المشهد منطقي جداً، لنشأة شخص مثل ياسين بكل ذلك التدليل، فهو يتصرف كأنه شخص ناضج، بسبب المكان العالي الذي وضعته والدته فيه منذ صغره، وفصله عن شقيقته معنوياً، في حين أنه مازال طفلاً، فكان طبيعياً أن يتفوه بمثل هذا الحديث الجريء معبراً عن غضبه، مؤكداً الخلل في تربيته، وهي القضية الأخرى التي يناقشها المسلسل.

مسلسل ليه لأ

تأليف: مريم نعوم، تمثيل: نيللي كريم، صلاح عبد الله، عايدة رياض، أحمد طارق، أمير صلاح، معتز هشام، نادين، حنين سعيد، سكريبت ملابس: روزانا قاسم، إﺧﺮاﺝ: نادين خان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

★ كاتبــة ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى