مسرحمشاركات شبابية

خلود عماد: (رأس العش).. حين يكون الوطن سبيلاً لتحقيق إنسانيتنا

خلود عماد★

في معركة استمرت لمدة ساعتين، على خشبة مسرح الهناجر ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري، قدَّم لنا فريق نقابة المهن التمثيلية، العرض المسرحي “رأس العِش”، الذي يحمل اسم المعركة الحربية، التي حدثت عام ١٩٦٧ في حرب الاستنزاف، وكانت بعد ثلاثة أسابيع، من أحداث يونيو ١٩٦٧، الكتيبة كانت بقيادة الرائد سيد الشرقاوي، والملازم فتحي عبدالله، وكان عدد الجنود ثلاثين جندياً، وقد واجهوا العدو الإسرائيلي، وتصدُّوا له حيث اندلعت معركة استمرت لمدة سبع ساعات، لم يستطع العدو فيها الاقتراب من بور فؤاد، وبور فؤاد، هي المنطقة الوحيدة، التي لم يستطع الإسرائيليون، الوصول إليها.

يبدأ العرض المسرحي، بطفلة صغيرة، تتحدث مع والدها الصول حسني، وتخبره أنها تريد منه القدوم في يوم عيد ميلادها، ليحتفل معها، وتبدأ بعد ذلك أحداث المعركة، لنرى الجنود، ونتعرف على قصصهم و حياتهم، وتظهر أسرة من سيناء، مكونة من أب و ابنة، و ابن عمها، لنتعرف عليهم، ونعرف أنها أسرة تساعد الجنود المصريين، ولكن بينهم خائن، وهوضبعي، الذي يساعد جنود العدو.

العرض المسرحي، صوَّر ساعتين من فترة عاشها الجنود المصريون من مشاعرألم، وفرح، وحزن، وغضب، ظهرت جميعها من خلال الممثلين، فبالحديث عن الأداء التمثيلي، كان كل ممثل متقن لدوره، و حالته النفسية جيداً، مما جعل الجمهور يشعر بهذا، فبالرغم من حالة التوتر، التي كانت تغطي على الأجواء، إلا أنها لم تخلُ من بعض المواقف الكوميدية، لتخفف مِن حِدَّة الأحداث، وقد ظهرت هذه الأحداث من خلال الكلام المشترك بين الجنود، الذي عرفنا من خلاله، قصة كل جندي منهم، ومدى حبه لصديقه، وخوفه على بلده، وأنه على أتم الاستعداد، للتضحية بحياته من أجل وطنه، وأعتقد أن هذا الجزء الكوميدي، إن لم يكن موجوداً، كان سيؤثر على البناء الدرامي بشكل أساسي، لأن هذا كان يحدث في الحقيقة، وجود المرح و”الهزار” بين الجنود، هو ما كان يخفف عنهم الألم والغضب، ويعطيهم أملاً للاستمرار والصمود، مما أعطى طابعاً واقعياً للعرض المسرحي.

الأداء التمثيلي للممثلين، أدخل الجمهور في الحالة الخاصة بالعرض، فالطفلة الصغيرة، أدَّت دورها بسلاسة وبراءة صدَّقها الجمهور، بينما جَعَلَنَا الجنودُ نعيش معهم في المعركة، ونتعرَّف عليهم، وبالرغم من اختلاف طبقاتهم الاجتماعية، إلا أنهم في أرض المعركة، كانوا سواسية، مما جَعَلَنَا نشعر بغضبهم، وفرحهم، وانفعالاتهم، ونتعاطف أيضاً معهم، والأسرة البدوية، التي بالرغم من تأثرها بالخيانة بسبب ضبعي، إلا أنها لم تخلُ من مشاعر الحب سواء حب الوطن، أو الحب الذي بدأ يظهر على الابنة، وقائد الكتيبه فتحي.

الديكور والإضاءة كانا المساعدان الأساسيان، والمهمان في المعركة، فالديكور صنع صورة جيدة للجبال والصخور، وفي الخلف ستارة بلون السماء، والبئر في منتصف المسرح، وكانت هذه محاكاة جيدة للبيئة، التي حدثت فيها المعركة، كما أن الإضاءة، ساعدت في إبراز تفاصيل الديكور بشكل جيد، وساعدت أيضاً في وجود تباين بين القطع الصخرية، فأصبحت هناك مسافة وهمية، بين كُلّ قطعة صخرية، رآها المتفرج، كما أن الإضاءة، لعبت دوراً جيداً في وقت المعركة، ووقت إطلاق النار، جعل المتفرج يشعر أن هناك إطلاق نار حقيقي، و وضحت مشاعر التوتر والقلق من خلال استخدام جيد للون الأحمر، الذي كان أيضاً، إنذاراً باقتراب الخطر، كما أنها أيضاً، لعبت دوراً في إظهار توقيت الليل، والنهار أثناء الأحداث.

الأزياء أيضا كانت جيدة بالرغم من تقارب لونها للون الصخور، مما جعل الممثلين غير مرئيين بشكل جيد في الإضاءة الخافتة، إلا أنه من الممكن أن يكون مصمم الأزياء، أدرك حيلة أن الجنود يجب أن يكونوا متخفين من العدو، فجعل الملابس بنفس لون الرمال، والصخور، لتكون محاكاة واقعية للمعركة.

المكياچ أيضاً كان بسيطاً، حيث أبرز ملامح الممثلين بشكل جيد، و صوَّر الإصابات، التي حدثت لهم بشكل واقعي .

حافظ المخرج على الإطار العسكري للعرض، فجعل الممثلين يدركون كيفية حمل السلاح، وكيفية إطلاق النار، وحتى طريقة المشي الخاصة بهم كجنود، وظهر من خلال الحديث بينهم، معرفتهم الجيدة بأنواع الأسلحة.

حافظ العرض على الإطار الوطني، والإنساني، فالمخرج كان يريد تقديم عرض وطني، يحكي عن معركة رأس العش بتفاصيلها العسكرية، وأيضاً لا يخلو من الحالة الإنسانية، التي تأثر بها الجمهور.

رأس العش

إعداد: مينا بباوي، إخراج: بدر الأحمدي، تمثيل: خديجة أحمد، إيهاب محفوظ، نشوى عبدالرحمن، محمد ذكي، عبدالله سعد، بسام عبدالله، محمد محسن، يوسف ممدوح، أحمد مختار، عثمان إبراهيم، عبدالرحمن المغربي .

أشعار: هاني مهران-محمد وديع، موسيقى وألحان: زياد هجرس، هندسة صوتية وتوزيع: مصطفى حافظ، تنفيذ موسيقي: هيثم حسن، دعاية و إعلان: أحمد صبحي-محمد السيد، إضاءة: وليد درويش، دراما حركية: محمد بحيري، تصميم معارك: محمد وديع، ديكور وملابس وإكسسوارات: أمل حسام، مساعدي الإخراج: تقى الملط-عمر مسعد، مخرجان منفذان: أحمد الديب-محمود فتحي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

★ كاتبــة ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى