إذاعة وتليفزيونمشاركات شبابية

محسن النجدي: القضايا الاجتماعية في دراما الثمانينيات الكويتية

محسن النجدي★ 

لا يكتمل مفهوم الأسرة الواحدة إلا بوجود الحب والصدق ومن ثم تتحقق عوائد كثيرة منها الاستقرار والتفاهم والشعور بالأمان، كما إن رمزية الأسرة الواحد تقوم على هذه الأضلاع مكملين لبعضهم بعض فلا يوجد تفضيل ما بين تلك الأضلاع حتى نجد الحب والصدق معاً بصورة واحدة.

فكيف تناولت  الدراما الكويتية، تلك القضايا الاجتماعية التي حاولت ابراز الوحدة الأسرية، وهل عالجت بعض الأمراض الاجتماعية سواء وكيف طرحت تلك  القضية  الحساسة  من وجهة نظر كاتب العمل الدرامي؟

هدى حسين ورجاء محمد من مسلسل أحلام صغيرة

لمحاولة الوصول الى تلك الأجوبة سنتناول بعض الأعمال التي تناولت هذه القضية بصور مختلفة من خلال مسلسلات:

  • (إلى أبي وأمي مع التحية) في جزئيه الأول والثاني.
  • بيت بو خالد.
  • أحلام صغيرة.
  • أبلة منيرة

هناك عدة عوامل مشتركة لجميع هذه الأعمال الدرامية وهي غرس مفاهيم الترابط الحقيقي بالحب حتى في حالة تفكك الأسرة فلا تكون المواجهة بالاستسلام.

كما عكست هذه الأعمال معنى القدوة الصالحة للأبناء من خلال (الزوجين، الوالدين)  حيث إن العلاقة التي تكون بين الزوجين هي بمثابة النواة التي قد تتكون بها الأسرة ومصدر حماية الأبناء ومن ثم تكون بمثابة عملية  استقرار لا نهائية وكأنها دائرة ليس لها بداية ولها  نهاية.

ومن المواضيع التي تناولتها تلك الأعمال تقريبا أهمية طاعة الوالدين بالنسبة للأبناء وغرس مفاهيم تربوية مهمة لتقوية سلطة الوالدين وترابطهم وتلاحمهم بصورة واحدة، باختلاف طرق وأساليب التربية  لدى كل فرد باختلاف الأجيال والأفكار.

كما تطرقت في أغلبها لفكرة اختلاف وجهات النظر بين الأجيال ولكن ودور التربية الصحيحة والقدوة الصالحة للتصدي وحل هذا الاختلاف، كما كان لعلاقة الأخوة سواء الذكور أو الاناث دورا في تلك المواضيع.

تلك هي أهم  العوامل المشتركة بين تلك الأعمال الدرامية.

أما عناصر الاختلاف والتميز فجاءت كالتالي:

  • مسلسل إلى أبي وأمي مع التحية: طرح  أهمية دور الزوجين بالتركيز على دور الزوجة أو الام وكيفية التعامل مع مسؤوليات الأسرة وكذلك بيان الفوارق ما بين حقوقها وواجباتها بقالب ممزوج بالكوميدياً  أحيانا، ومحالة اظهار الأهمية الكبيرة لدور الأم على وجه فردي أو خاص وليس فقط على الأسرة بوجه عام.
  • مسلسل بيت بو خالد: كانت العلامة الفارقة لهذا العمل تسليط الضوء على  قضايا الأبناء وتحديداً دور الشباب في بناء المجتمع  والعادات الدخيلة وأثرها، وتأثيرات المجتمع الغربي على  المجتمع شرقي المحافظ والتي قد تتسبب بعدة مشاكل اجتماعية ومنها  قضية الزواج من أجنبية، وأثر هذا الزواج على تكوين وثقافة الأبناء في الاسرة الكويتية باختلاف العادات والطباع بين الزوج والزوجة.
  • مسلسل أحلام صغيرة: الجانب المختلف في هذا المسلسل وهو جانب مهم يتعلق برحلة الأحلام الذي يعيشها أي فرد منا في بداية حياته بالتركيز على فئة المراهقين الذين قد تختلط لديهم المشاعر كبداية مرحلة تكوين الشخصية، وكيف يمكن لهم مواجهة ذلك التغير، وتطرق أيضا  للمشاكل التي تشعر بها هذه الفئة ومدى ارتباطها وحاجتها للأسرة، في تلك  المرحلة التي يشعر فيها المراهق بكثير من التغيرات والطفرات في المراحل العمرية، ومن أهمها اعتقاده بانه اكتسب خبرة كبيرة بالحياة، ولم يعد في حاجة لمتابعة ونصح من أحد وخاصة والديه، رغم إن الواقع عكس ذلك، كما كان التركيز في هذا المسلسل على بناء جيل واع من الشباب مند مرحلة المراهقة والتنبيه الى أهمية اختلاف الأفكار واحترام وجهات النظر المختلفة.
  • مسلسل أبلة منيرة: كان يعتبر العنصر الأساسي لمسار الأحداث في هذا المسلسل يتمثل في أهمية التعليم، فالعلم يمثل السلاح المهم للإنسان بشكل عام وليس فقط لفئة الصغار في بداية طريقهم وذلك من خلال أحداث المسلسل التي نتابع فيها شخصية بشير الذي كان رغم كبر سنه، لم يكمل تعليمه بشكل كاف، ولم يكن السن عائقا بالنسبة له لاستكمال تعليمه والبدء بمسيرة التعلم من جديد، وجعل المسلسل من تواجد الأطفال الصغار حوله أمرا مساعدا له، لاسيما  بأن تم تناول هذه القضية بصورة قد تكون أقرب إلى الترفيه والمتعة وقريبة لقلب الطفل لغرس حب التعلم والثقافة ومحارب الجهل بشتى أنواعه، وتأتي أهمية هذا المسلسل في تلك الفترة من تواجد بعض ممن لم يتعلموا من يمكن أن نطلق عليهم (أمي) وهو الشخص الذي يجهل  القراءة والكتابة بالإضافة إلى من لم يستكمل تعليمه مما جعل من هذا الطرح قضية مهمة في ذلك الوقت.

ظلت راسخة رغم اختلاف مسار كل عمل من هذه الأعمال الا أن التركيز على الجانب الاجتماعي التربوي ومفهوم القدوة الصالحة كان الأكثر وضوحاً  فيها، والسبب أن كان هناك تركيز حقيقي وصادق، فحين  نستشهد بمسلسل أبي وأمي مع التحية كانوا الوالدين هم خير قدوة صالحة للأبناء وعند الحديث عن مسلسل بيت بوخالد  نرى أن  القدوة الصالحة كانت غائبة مما أدى لتفكك الاسرة، وطرح قضية أثر الغياب في مسلسل أحلام صغيرة وكأن هو فعلاً حلم صغير بالبحث عن القدوة مثالية، أما في مسلسل أبلة منيرة فكانت القدوة ممثلة بالمعلمة التي أحبها الكبير قبل الصغير لصدق مشاعرها وحبها لعملها لذا أصبحت الشخصية المؤثرة، لذا فأن هذا النوع من الأعمال بقيت راسخه في أذهان المجتمع الكويتي رغم مرور أكثر  من ثلاثين عام على إنتاجها والسبب يعود بأن تلك الأعمال الدرامية كانت تحمل هدف إنساني سامي ونبيل لجميع الناس كافة وأنها خاطبت الجمهور بجميع الأساليب سواء العاطفة أو حتى العقل فبقيت طوال تلك السنوات في قلوبهم وذاكرتهم.

مسلسل “إلى أبي وأمي مع التحية”: تأليف: طارق عثمان، إخراج: حمدي فريد

مسلسل “بيت أبو خالد”: تأليف: فيكتور بمبرتون وعامر الزهير، إخراج: فاروق القيسي وحسين الصالح

مسلسل “أحلام صغيرة”: تأليف: نادية كمال ونادر خليفة، إخراج: محمد السيد عيسى

مسلسل ” أبلة منيرة”: تأليف: وحيد حامد وشاكر المعتوق، إخراج: حمدي فريد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

★ ناقد فني ــ الكويت

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى