خلود عماد: “قرررب قرررب” ترى الصورة أوضح

خلود عماد★
قليلًا ما نشاهد عملاً مسرحياً يحوي كل فنون المسرح، من دراما، وكوميديا، وغناء، واستعراضات، وأيضاً عروض السيرك، وحركات خفة اليد، ليست بسبب فقر الإبداع، بل لأن بعض مخرجي العروض المسرحية، يفضلون وجود النجم اللامع، والعروض ذات الميزانية الكبيرة، التي قد يصل وقت عرضها إلى ساعتين، أو ثلاث ساعات، في أجواء أشبه بأجواء صالات السينما.
ولذلك عندما نرى عرضاً مسرحياً يحتوي على كل ما يجذب الجمهور، من كوميديا، وغناء، واستعراض، وصورة مبهجة، وأيضاً يناسب كل الفئات العمرية، فهذا يجعلنا نسلط الضوء على مخرج العرض، وكيف استطاع صناعة عرض يشمل كل هذه الفنون، وينجذب إليه الجمهور من جميع الفئات العمرية؟ وهذا ما فعله المخرج “شادي سرور” في عرضه المسرحي “قررررب قرررب”.
العرض نتاج ورشة إخراج مركز الهناجر للفنون، والتي استمرت لمدة سنة تقريباً، أقام بها المخرج معسكراً فنياً شاملاً درَّب فيه ممثليه على الأداء التمثيلي والحركي، وأيضاً على ألعاب السيرك، والأكروبات، وخفة اليد، معسكراً لصناعة عرض مسرحي، يحترم المتدرب، قبل أن يحترم الجمهور المتلقي، فبالرغم من عدد الممثلين الكبير، إلا أن المخرج أعطى لكل ممثل مساحته الخاصة في خلق الحالة الإبداعية الخاصة، بغض النظر عن حجم الدور نفسه، وكان هذا سبباً رئيسياً في طول العرض المسرحي، الذي استمر لساعتين، واعتمد فيهم على شد انتباه الجمهور دون الشعور بملل.
تدور أحداث العرض المسرحي داخل سيرك، يريد صاحبه جمع شمل عائلته، من خلال إرغامهم الدخول إلى السيرك، وإدارة أعماله، ونتعرف منذ بداية دخولهم على قصة أول سيرك مصري، كيف بدأ، وكيف استمر لوقتنا هذا، ونتعرف على مهارات أعضاء السيرك وما يفعلونه مثل ألعاب الخفة، والخدع السحرية، وترويض الحيوانات، والسهام البشرية، والمهرج والألعاب البهلوانية، وأيضاً الفرقة الموسيقية الخاصة بالسيرك، وغيرها..
ومع توالي الأحداث نكتشف أن “قرررب قرررب” ليس مجرد اسم يدعو الجمهور إلى مشاهدته فقط، بل إنه عندما تقترب أكثر، ترى الصورة بوضوح أكثر، وعندما تقترب أكثر، تستطيع معرفة الحقيقة بشكل أوضح، ولهذا فإن ظهور شخصية جديدة من شخصيات العرض المسرحي، والاقتراب منها نرى حقيقتها، وقصتها بشكل أوضح مما كانت عليه، فالصورة الظاهرية ما هي إلا صورة مبهجة، لأشخاص يقدمون ما يسعد الجمهور، في حين أن حياتهم الخاصة ليست بهذه البهجة، وهذا مثال حي للمهرج الذي يرتدي قناعاً يضحك، ولا أحد يعرف ما الذي يخفيه هذا القناع، فالعرض نقل الواقع الذي يعيشه فنانو السيرك على خشبة المسرح.
على مستوى الصورة المسرحية، خلق “فادي فوكيه” مصمم الديكور صورة حية للسيرك بمستوياته، وبألوانه المبهجة، وواقعيته، راعى فيها مساحة الممثلين، وما يفعلونه من ألعاب السيرك، وحرص على القيام بهذه الأشياء، بدرجة عالية من الأمان والحرص على سلامة الممثلين، وأما “مها عبد الرحمن” التي صممت أزياء واقعية تماماً، بسيطة مبهجة، فراعت الرجوع بالزمن، وأيضا الوقت الحالي، والإضاءة من تصميم “محمد عبد المحسن” أكملت هذه الصورة بشكل جيد، حيث اعتمد على البؤر، وعلى خلق الحالة المتماشية مع كل مشهد، إلا أن الشيء الوحيد الذي كان يجب النظر إليه في الإضاءة، هو سرعة حركتها أثناء عروض السيرك، للتماشي مع الحالة الحماسية التي خُلقت، ولكن بشكل مجمل، كانت البساطة أهم ما ميَّز الإضاءة، بالرغم من كثرة عدد كيوهات الإضاءة، إلا أن “محمود الفرماوي” نفذها بشكل تقني جيد، في الأوقات المخصصة لها.
أما الموسيقى والغناء لـ “أحمد نبيل”، فكانت اكتمال حالة السيرك، التي لم تكن لتتم بدون موسيقى خاصة به، موسيقى تعمل على حماس الجمهور، كما في عروض السيرك الحقيقية، وهذا ما قدمه العرض، بخلاف هذا، كان هناك موسيقى تعبر عن الحالة الدرامية بشكل جيد، وظهور واضح للمواهب الغنائية في العرض.
وإذا كان المسرح هو الرائد في مجال الفنون، بسبب حصول المتفرج على متعة حقيقية، من خلال تفاعله مع ما يحدث على خشبة المسرح، فالسيرك أيضاً يقدم متعة للجمهور، ولكن متعة من نوع خاص، ولكن عندما يقدم لك الممثل عروض السيرك، نجد أن المتعة أصبحت مضاعفة.
قرب قرب
إخراج: شادي سرور، تأليف وأشعار: أحمد نبيل، ديكور: فادي فوكيه، أزياء: مها عبد الرحمن وشيماء محمود، موسيقي: أحمد نبيل، إاضاءه: محمد عبد المحسن، مدرب: السيرك عبد الرحمن كريم، مخرج منفذ: سامي يوسف، تصوير دعايا :إسلام إأحمد نبيلبراهيم
|
ـــــــــــــــــــــــــــــ
★ كاتبــة ــ مصــر