رنا حافظ: في الحوار النقدي
رنا حافظ★
تكرر السؤال في الآونة الأخيرة حول ندرة الآراء النقدية البناءة، ولم يفضِ بنا ذلك إلى شيء عدا الشكوى المستمرة، دون البحث الحقيقي حول الأسباب التي نفتقدها حقاً في الحوار النقدي الحقيقي، وما الأسباب التي تجعلنا من النادر حقاً أن نرى حواراً نقدياً حقيقياً.
وما نذكره الآن محاولة لتثبيت بحثٍ اجتماعي أو ثقافي في هذه المشكلة، ولكن ما هو إلا صوت نقدي آخر، نحاول إيصاله إلى باقي الأصوات، علّنا نقدر على أن نتفاهم جيداً، ولا تقطعنا الحوارات المصطنعة، التي لا غاية منها إلا استعراض القوة، ونبذ أهم ركائز الحوار النقدي ألا وهو التواصل الفكري والذهني، الذي يحقق بدوره الغاية الأسمى من النقد بأكمله: المتعة بالإثراء المعرفي، والوصول إلى مستوى حوار فكري متمدن.
ومن المقيد للأذهان أن نجد أن النقد حكراً من قبل فئة تطلق على نفسها “فئة النخبة” ولا تعترف تلك الفئة بقدرة المشاهد العادي على أن يكون نخبوي دون الحاجة إلى الانخراط بكل تلك الشكليات الصورية، كشهادة أو غيرها، أو الاعتراف به كناقد من قبل وسطاء تلك “النخبة” التي تأخذ بعين الاعتبار أن تقيم عروضاً خاصة لا تدعو فيها إلا هم، ولا يراها إلا هم، وسواء أكان وراء ذلك خوفاً أو حباً أو حتى ثقةً برأيهم، يظل الرأي نسبياً حتى فيما بينهم، فما الداعي إلى الاختباء وراء فئة “النخبة” لماذا لا يرى الكثيرين أنفسهم كمتفرجين عاديين؟ ولماذا يتجنب النخبوي أن يخالط لسانه لسان رجل الشارع، بل لا لماذا لا يتحدث بلسانه، أم أنه قادم من المريخ؟
كان الأمر أسهل من ذلك كله، كان من المفترض أن نقيم حداً لهذه الندية التي هدمت قدرتنا على التواصل، مما أدى بنا إلى فقدان الحوار والكلمة، حتى تحول الحوار النقدي من متعة تواصلية ما بين المشاهد والمبدع يكمل كل واحد الآخر دونما إنقاص أو تقليل، إلى قاعة محاكمة، تنفر منها النفوس والمسامع، بل وتنفر من كل محاولة لإقامة حوار نقدي يدعي أن بيده السلطة لإصدار”الحكم النقدي”، فلُنقم الحوار كما يجب أن يكون، دونما حواجز أو سلطات.
ـــــــــــــــــــــــ
★طالبة في قسم النقد والأدب المسرحي – الكويــت