إذاعة وتليفزيون

منى علي: مسلسل رسالة الإمام..هل صُنع على عجل؟!

منى علي★

تناول مسلسل رسالة الإمام، حياة وسيرة الإمام الشافعي، صاحب أحد المذاهب الأربعة الكبرى عند المسلمين السُنة، حول العالم.

ويثير اختيار شخصية الشافعي السؤال، حول لماذا تم اختيار تلك الشخصية، التي لم يذكر التاريخ عنها الكثير، فكل ما تركه الشافعي، إنما يتركز حول مسائل فقهية، وأرائه فيها، ولا تخبرنا المصادرعن حياه ثرية، يمكن تقديم عمل درامي عنها، ومع ذلك فقد اختارت مجموعة الكتابة أن  تقدم عملاً درامياً عنه، وقد وضعوا في لفتة احترافية، تنبيهاً يظهر على الشاشة قبل بداية كل حلقة، أن هذا العمل قد تم إضافة شخصيات خيالية له من وحي خيال المؤلف، ولكن لِمَ لَمْ يتم من البداية اختيار شخصية تاريخية، ذات حياة ثرية، يمكن تقديم عمل درامي مكتمل عنها، بدلاً من اختيار شخصية لا نعلم الكثير عن حياتها، ومن ثم، يتم إضافة أحداث متخيلة لحياتها.

يحتاج لجهد فريق!

ولماذا وقع جهد عمل البحث التاريخي في المسلسل، على عاتق فرد واحد، وهو الباحث علاء عزمي، الذي بذل بالفعل مجهوداً كبيراً في التوثيق للشخصيات الحقيقية في المسلسل، بينما كان يحتاج ذلك الجهد إلى فريق كامل من الباحثين، لتقصي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، في ذلك الزمن الذي تدور فيه الأحداث، وكذلك البحث لمعرفة اللغة المنطوقة في ذلك الوقت على وجه الدقة، بدلاً عن استخدام اللهجة المصرية العامية المعاصرة، على أنها لغة ذلك العصر، وكذلك البحث عن شكل الأزياء، التي كان يرتديها أهل الفسطاط في ذلك الزمان.

لماذا غابت أسماء بقية النجوم؟

لذلك يظهر جلياً أن المسلسل صنع على عجل، وصل حد التعجل إلى عدم وجود وقت كافٍ لكتابة أسماء الممثلين على التتر، وهو حق معنوي، يستحقه كل من يشارك في العمل الفني، والاكتفاء بكتابة اسم النجم خالد النبوي، وهو ممثل له مكانة كبيرة، ولكن أيضاً شارك في العمل ممثلون لهم تاريخ، كالنجم جمال عبد الناصر، ونجوم لهم مكانة فنية، كالنجم نضال الشافعي، وأروى جودة، ومحمد علاء، وحمزة العيلي، ووليد فواز، وغيرهم، فلماذا لم يتم كتابة أسماء كامل الطاقم الفني للعمل على التتر.

اِرتباك

وكذلك لم يتمكن الممثلون من التدرب، بشكل كافٍ على إتقان التحدث باللغة العربية الفصحى، ويظهر ذلك في ارتباك أداء بعض من الممثلين، في استخدام اللغه العربية، والانتقال إلى استخدام اللهجة المصرية المعاصرة، وهم شخصيات تمثل الجانب العربي، وليسوا حتى من أهل الفسطاط الأصليين، ويحسب للفنانة أروى جودة، اجتهادها في محاولة التحدث بلغة عربية فصحى، وهو العمل التاريخي الأول لها، وإن كانت تخونها قدرتها في بعض الأحيان، وهو الأمر الذي كان يمكن التغلب عليه، بمزيد من التدريب، ومزيد من إتاحة الوقت للمراجعيين اللغويين للتصحيح، فمثل هذه النوعية من المسلسلات، التي تسرد أحداثاً تاريخية، يجب الإعداد الجيد لها، ويتم إتاحة وقت للعاملين، للتحضير والقراءة عن الشخصيات، التي سيقدمونها، أما صناعة مسلسل تاريخي، دون تحضير، هو أمرلا يليق  بالدراما المصرية، التي صنعت ملاحم تاريخية ودينية، من العلامات في تاريخ الفن العربي، ويمكن لأي من محبي ومتابعي الدراما السورية التاريخية، أن يلاحظ دون جهد كبير، الفارق على مستوى الأداء، وسلامة النطق لصالح الممثلين فيها، عن أداء الممثلين في مسلسل رسالة الإمام، وهى أشياء ليس من الصعب أن يصل لها أي ممثل ذو موهبة، عبر إتاحة الوقت له للتدريب والتحضير للشخصية، التي سيقوم بأدائها، هذا لا ينفي تفوق النجم خالد النبوي، والفنان جمال عبد الناصر، والفنان نضال الشافعي، والفنانه سماح السعيد، في أداء أدوراهم، واجتهاد آخرين، كالفنانة أروى جودة، والفنان محمد علاء، وغيرهم من الممثلين، الذين حاولوا الاجتهاد، ونجحوا في أحيان كثيرة، وأخفقوا في أداء بعض المشاهد، بنطق عربي سليم.

إقبال جماهيري

يتكلف صنع المسلسلات التاريخية والدينية مبالغ كبيرة، مقارنة بالأنواع الدرامية الأخرى، ولذا، يجب الإعداد والتحضير لها، حتى تكون جيدة، بالقدر الذي يسمح لها بتغطية تلك التكلفة المرتفعة، حتى لا يحجم المنتجون عن صناعتها، على الرغم من تعطش الجمهور لمثل هذا النوع، وقد ظهر هذا التعطش، في الإقبال على المسلسل في حلقتيه الأولى والثانية، الأكثر إتقاناً من بين كل الحلقات.

صورة إخراجية جميلة

اِشترك في كتابة هذا العمل، عدد كبير من الكّتاب منهم، من كان له أعمال سابقة، نجحت نجاحاً مبهراً، مثل محمد هشام عبية، وهو المشرف العام على السيناريو، وشاركت أيضاً الكاتبة مريم نعوم، بالاشراف على تطوير المعالجة للشخصيات، واجتمعت مجموعة من الكّتاب، ليصنعوا لنا عملاً، يتم تركيز سير الأحداث فيه على شخصيات متخلية، وهو مسلسل بالأساس، قُدِّمَ على أنه يمثل الفئة التاريخية، التي تسرد أحداث حياة فقيه ما، هذا في رأيي، شيء يحتاج إلى إعادة نظر، من قِبَلِ أولئك الكّتاب، الذين اشتركوا في تقديم المسلسل.

ومثلت جماليات الصورة، العنصر الأقوى من بين عناصر العمل، فالمخرج السوري الليث حجو، قدَّم لنا صورة فنية رائعة، من التكوينات الشكلية، وسينوغرافيا المكان، والكادرات المميزة، ويستحق لقب الأفضل، بين جميع صُنَّاع العمل، من ممثلين أو كّتاب.

ـــــــــــــــــــــ

★ كاتبـة ــ مصــر

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى