رنا أحمد: أبناء الفنانين، هل نجحوا بالموهبة، أم بالوراثة؟!
رنا أحمد خلف★
يطمح كثير من الناس دخول الفن، إما عن طريق الدراسة، أو اتباع الموهبة، أو الشغف فقط، ولكن ماذا بالنسبة لأبناء الفنانين؟ هل يعتمدون على الدراسة، أم الموهبة فقط، أم الواسطة، أم أن مكانة الآباء هي الطريق الذي يسيرون عليه، للوصول لأحلامهم، واقتحامهم لعالم الفن؟
منذ وقت طويل، بدأ يقتحم أبناء الفنانين عالم الفن والدراما، ليأخذوا مكانهم فنياً، ويثبتوا أن لديهم موهبة، تنفصل عن آبائهم، فبعضهم نجح في ذلك، والبعض لم يحالفه الحظ، وتميز بعضهم بتفوقهم على آبائهم، لتصبح موهبتهم، هي التي رسخت أرجلهم على أرض صلبة، بعيداً عن تاريخ آبائهم.
تميزت دراما رمضان، بظهور كثير من أبناء الفنانين لأول مرة، فكان ظهورهم مفاجأة في مسلسلات مختلفة، فظهر ولأول مرة على شاشات التلفزيون (رابي) ابن (عمرو سعد) في مسلسل (الأجهر)، وأدى دور أبيه وهو صغير، اِستغلالا للشبة بينهما.
حيث تدور الحلقة الأولى كاملة، بوجود (رابي) باستثناء دقائق قليلة في النهاية، بدون ظهور بطل العمل (عمرو سعد) مما جعل الجمهور، يتحدث عن دوره بشكل إيجابي، وأعجب البعض بتمثيله، وطريقة تأديته للدور، وعلقوا على الشبه بينه وبين عمرو سعد، ليكتشفوا أنه ابنه، ولكن ما ميز دوره، أنه لم يتم التركيز عليه لكون والده فناناً، بل لضرورة العمل، حيث تدور قصة المسلسل حول ما حدث لهذا الطفل أو الشاب، ونعتقد أنه أدى دوره بشكل جيد كأول تجربة له، والأيام القادمة كفيلة بالحكم على مستقبله الفني، على ضوء تجربته الأولى.
وننتقل من شاب ظهر لأول مرة في دراما رمضان، إلى فنانة تنتمي لعائلة فنية كبيرة، ولكننا عرفناها من خلال أدوارها المتميزة، التي تقدمها، لتصبح من أهم فنانات جيلها الآن، وأصبح وجودها في أي عمل يرفعه إلى مكانة مختلفة، فهي قادرة أن تجعل العمل الذي تشارك فيه ينجح، وإن كان من خلال دورها فقط، الذي يتعلق به الجمهور والمشاهدون؛ الفنانة (حنان مطاوع)، التي طلّت علينا في رمضان، بعملين هما (وعود سخية) العمل التي ظهر باسمها، وبرغم أنه تعرض لظلم من جانب الشركة المنتجة، التي لم تروج له بدعاية مناسبة، لكن دورها فيه، وقصته كانا خير دعاية لحنان من جانب الجمهور، الذي انبهر بدور (سخية)، الفتاة الطيبة التي تعرضت لظلم واتهامات كثيرة غير صحيحة، لتبدأ شخصيتها في التحول، والانتقام من كل من ظلمها، وبرغم أن هذا الدور تم تصنيفه ضمن أدوار الشر، إلا أن الجمهور أعجب كثيراً بطريقة تقديم الفنانة للدور، ونجح هذا العمل المكون من خمسَ عشرة حلقة نجاحاً كبيراً.
أما العمل الآخر لـ (حنان مطاوع) فهو (سره الباتع) حيث قامت فيه بدور صفية، الفتاة المقاومة للحملة الفرنسية، وبرغم أن هذا العمل تعرض لِانتقادات كثيرة، قبل أن يتم عرضه، من خلال عودة المخرج خالد يوسف مرة أخرى للعمل بعد أزمته الاخيرة، إلا أنه تعرض للهجوم أكثر بعد عرضه، حيث رأى الجمهور أن العمل غير صادق، ولم يتم دراسته وتقديمه كما يجب، فلم يتم التركيز على التفاصيل البسيطة المهمة، رغم أنه يضم مجموعة كبيرة من الفنانين، الذين سطّروا أسماءهم بقوة في الدراما مثل: (أحمد عبد العزيز)، (محمود قبيل)، (صلاح عبدالله)، (عمرو عبد الجليل)، (أحمد فهمي)، وغيرهم الكثير، إلا أن العمل لم يلق نجاحاً في رمضان، فوجود عدد ضخم من الفنانين، لم يغط نقص العمل في عناصر أخرى، وافتقاده لمقومات العمل الناجح.
لكن الفنانة حنان مطاوع أدت دور صفية بشكل مميز، جعل بعض الناس يلتفتون لهذا الدور، وقصة الحب التي تجمعها بالسلطان حامد، إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الملابس في هذه الحقبة، برغم افتقاد دقة عنصر الملابس المناسبة في شخصيات أخرى، في نفس العمل.
ومن المعروف أن الفنانة حنان مطاوع هي ابنة المخرج والممثل (كرم مطاوع)، والممثلة (سهير المرشدي)، لكننا نعرفها من خلال أدوارها المتميزة، وقدرتها على تأدية الشخصيات، التي تختارها بشكل لافت جعلها تثبت نفسها في هذا المجال، دون احتياجها إلى اسم والدها، أو والدتها، كونها تمتلك الموهبة، التي أكدتها بتخرجها في المعهد العالي للفنون المسرحية، وظهورها لأول مرة في مسلسل “حديث الصباح والمساء”.
وبالعودة مره أخرى لأحد الشباب، الذين ظهروا لأول مره في رمضان، نلمح (مريم أشرف زكي) في مسلسل (ستهم) من بطولة والدتها الفنانة روجينا، وبرغم أنها تنتمي لعائلة فنية كبيرة، فوالدها الفنان أشرف زكي، وعمتها الفنانة ماجدة زكي، إلا أنها لم تؤد الدور بشكل جيد، بحيث لم تستطع أن تتعايش مع الدور، أو أن المخرج لم يوفق في اختيارها لهذا الدور تحديداً، ولا نعلم إن كان للفنانة روجينا دور في ترشيحها للمسلسل كما قالت في برنامج أنا والقناع، أم أنه اختيار المخرج، ولا نعلم إن كانت مريم لديها موهبة بالفعل، كما قالت والدتها أم لا، لكنها لم تستطع إظهارها في هذا العمل، كل ذلك رهن بالعمل القادم لمريم، للحكم على موهبتها بشكل صحيح.
في الفترة الأخيرة تألقت وبشكل ملحوظ الفنانة (ريهام عبد الغفور) في أكثر من عمل، فبالرغم من أنها منذ ظهورها، تميزت في أداء أدوار مختلفة، إلا أن أعمالها الأخيرة، تركت بصمة كبيرة مع الجمهور، خاصة الأعمال التي تم عرضها على منصة شاهد، فلفتت أنظار الجمهور مرة أخرى بعد مسلسل (وش و ضهر)، وتوالت بعدها الأعمال مثل (منعطف خطر)، و(الغرفة 207) الذي قدمت فيه دوراً متميزاً، وجديداً أعجب الجمهور به كثيراً، ليلحق بهذا العمل أيضاً مسلسل (أزمة منتصف العمر)، الذي قامت فيه بدور مركب بين الأم، التي تحب ابنتها كثيراً، والسيدة التي تريد استرجاع شبابها، وانتهت هذه الأعمال بمسلسل (الأصلي)، الذي انتهى عرضه قبل رمضان مباشرة، لتعود في رمضان بمسلسل (رشيد) مع الفنان محمد ممدوح، حيث جسدت دور أسماء، تلك السيدة، التي تخون زوجها.
وبرغم أن والدها هو الفنان (أشرف عبد الغفور) إلا أنها لم تعتمد على اسمه إطلاقاً، بل أثبتت نفسها بأعمالها، واجتهادها في جميع الأدوار التي قدمها.
الفنان خالد النبوي الذي تميز بأنه شق طريقة للفن والنجاح بيده، بعد تعب كبير، لفت نظر الجمهور والمشاهدين اسمه على تتر مسلسل الاختيار الجزء الثاني، يسبقه اسم آخر (نور خالد النبوي)، الذي ظهر لأول مرة في هذا المسلسل بدور الشهيد البطل أحمد شوشة، وتوالت الأعمال بعدها، فقام في العام التالي في مسلسل (نقل عام) بدور سيد مع الفنان محمود حميدة، الذي تذكر الجمهور أن والده أيضاً، ظهر بدور ابن محمود حميدة في فيلم (المصير)، وفي نفس العام في رمضان السابق، شارك مع والده الفنان (خالد النبوي) في مسلسل “راجعين يا هوى” بدور (طارق أبو الهنا) الذي تعلق به الجمهور، خصوصاً أن أغلب المشاهد مع والده، كانت كوميدية، وأحب الجمهور دوره مع الفنانة (وفاء عامر)، التي قامت بدور والدته؛ وقدم في رمضان هذا العام، دور عماد في مسلسل “الأجهر” مع عمرو سعد؛ وهو يشبه والده إلى حد كبير في طريقة الكلام، ولغة الجسد، ولكنه لا يحاول أن يقلده، ورغم كل تلك الأعمال، لم يقدم (نور) عملاً، يمكن أن يشكل علامة فارقة معه، فالشخصيات التي قدمها بسيطة غير مركبة، تتشابه في امتلاكها خفة الدم، مما يجعله يكرر نفسه.
هذه أمثلة بسيطة عن أبناء الفنانين، الذين دخلوا عالم الفن، وظهروا على شاشات التلفزيون، ولكن يوجد الكثير منهم، بعضهم أثبت نفسه، بعد أعمال عديدة مثل (محمد عادل إمام)، (أحمد صلاح السعدني)، (كريم محمود عبد العزيز)، (أحمد فاروق الفيشاوي)، (أحمد عبد الله محمود)، (دنيا سمير غانم)، (ايمي سمير غانم)، (رانيا فريد شوقي)، (أحمد خالد صالح)، وغيرهم.
ومنهم من يعمل على إثبات نفسه إلى الآن، مثل (يوسف وائل نور)، (ليلى أحمد زاهر)، (ملك أحمد زاهر)، (ياسين أحمد السقا)، (أحمد كمال أبو رية)، (محمود عمرو محمود ياسين)، وغيرهم.
ورغم أننا لا نلوم الفنانين والمخرجين، على إعطاء أبنائهم فرصة في مجال الفن، ولكننا نأمل أن تكون هذه الفرصة مبنية على موهبة هؤلاء، فمن لم يوفق، لا يجب أن يتم فرضة على الساحة الفنية، كما أنه يجب على الجمهور، عدم الحكم عليهم من أول عمل، أو اعتماداً على السمع دون مشاهدة العمل والا كان ذلك هجوماً غير عادل ولا مبرر، فللجميع حق الحصول على فرصة ثانية، سواء أكانوا أبناء فنانين، أم غيرهم.
ـــــــــــــــــــــــ
★ ناقدة ــ مصــر