بدر الأستاد: في “قمر أحمر” تألقت (كاترين)..وتساءل(السعيدي)مَنِ المذنب فينا؟


بدر الأستاد★
مسرحية “قمر أحمر” هي مونودراما عراقية، مستوحاة من رواية (شموع على أرصفة الكرادة) للكاتب والمترجم العراقي المقيم في لندن “جمال حيدر”
تم عرض “قمر أحمر” للمخرج “علي السعيدي” ضمن مهرجان المونودراما في دورته الثامنة، وهو من تمثيل الفنانة ” كاترين هاشم “.
ويبدو أن القمر الأحمر، الذي حمله عنوان العرض ربما كان المقصود به دلالة على العنف أو الدم، الذي غطَّى المشاهد.
في البداية استخدم المخرج كسر الإيهام، فكانت السينوغرافيا عبارة عن شاشة بروجكتر لكوكب الأرض وفي أعلى الخشبة قماش أبيض يعبر عن الأرواح الهائمة ، وكانت الممثلة جالسة على قطعة خشبية، ثم أصبحت مرتفعة عن الأرض مما جعلها بمثابة الروح، التي تراقب الأرض.

ممثلة تخطف الأنظار
العرض يحمل مجموعة حكايات تُعَبِّرُ عن الوعي وصراعاته مع قسوة الحياة والسياسة.
وذلك كان واضحاً عبر تعبير حركي قامت به “كاترين” التي خطفت أنظار الجمهور من خلال مرونتها وخفتها في التعبير الحركي، ثم عرضت مجموعة الحكايات، التي شهدتها الأرصفة.
من ضمن تلك الحكايات ما بين الحب الذي يختاره القلب والحب المكره عليه الإنسان؛ حينما يكون صاحب سلطة حيث يُجْبِرها على حبه و الزواج منه، فمن مشهد التعذيب انتقلت بشكل سريع إلى مشهد أُم تُعَبِّرُ عن مدى حزنها على ابنها، مما سبَّبَ لبساً هنا هل قتلته السلطة ، أم هناك أمر آخر ؟ في هذا المشهد تحديداً، اِستطاعت “كاترين” أن تشرفنا كمتفرجين من الجمهور، فعشنا حالتها فالأداء كان واقعياً جداً بعيداً تماماً عن الميلودرامية ، مُقَدَّمٌ بلغة جيّاشة من المشاعر، تُعَبِّرُ عن حالة الأُم، التي تزف ابنها كجثة هامدة.

حال المثقف اليوم!
في مشهد آخر، اِنتقلت الممثلة إلى رجل يبيع الكتب بالمجان للناس المثقفة، حيث حوَّلته من مشهد مليء بلحظات من الشَّجَن إلى مشهد من الكوميديا السوداء؛ حيث عرضت كتباً عن الأبراج والتاروت والفلسفة والتاريخ ، وأما كتب الجغرافية، فنعتقد أنها كانت تشير إلى بيع الأرض، أو الوطن !؟
ومِنْ ثَمَّ توقفت عند الكتب السياسية المرسوم عليها قلب الحب، ومِنْ ثَمَّ سكتت، وهنا تبين مدى حب الإنسان، أو الشخصية للسياسة، ولكن صمتها أعطى دلالة رغم الحب لا يمكن لها أن تتكلم عنها بأكثرَ من ذلك !

سقوط بغداد
اِنتقلت الممثلة بعد ذلك الى عدة لوحات، ومن أهمها وهي تنادي وتطلب من الناس أن يدخلوا إلى منازلهم باللغة العربية أو الأجنبية، وكانت الإضاءة واللغة، قد أعطت بُعدين مختلفين، إلا أنها كانت مناسبة للعرض، البُعد الأول أعطى دلالة على الخطر والحيرة باللونين الأحمر والأزرق والثانية كالفلاش للشرطة، أما اللغة الأجنبية والمحلية، فكانت البُعد ما بين بعد سقوط بغداد، وأيام نظام حزب البعث.
في الآخر تبين أن الرصيف هو الشاهد على الانفجارات وغيرها.

ذكاء الممثلة
ما أبهرنا في العرض، هو إبداع الممثلة، فالعروض المونودرامية تُبين قدرات الممثل على أن يكون هو المسؤول الأول عن العمل، إمّا يرفعه، أو يُهبطه، فكان الإيقاع يهبط في بعض اللوحات، ولكن من ذكاء الممثلة سرعان ما يرتفع وتسرق عيون الجمهور في تنقل أدائها المتنوع الرائع.
كما أن ذكاء الممثلة أثناء فتح بقع الإضاءة تكون خارجها فتقوم بعمل بعض الحركات لتدخل دون أن تُشعِر الجمهوربحركاتها القصدية .

مَنِ المذنب؟
العرض في مجمله، يتحدث عن ألم الوعي – الذي يجعل الإنسان ثائراً – وصراع الآخر ما بين السلطة والإرهاب .!! فالسؤال الذي قدَّمه المخرج “علي السعيدي” ليجعلك تطرح على نفسك كمشاهد : مَنِ المذنب؟ المثقف الواعي الثوري أم السلطة؟ أم من يحارب باسم الدين ؟؟
★ناقد ـ الكويت.




