شيماء مصطفى: تلك هي مصر ..كما عرفتها في معرض الكتاب.
شيماء مصطفى★
في كل مرة أتصفح فيها الصفحات الرسمية لدور النشر على مواقع التواصل الاجتماعي ، أشعر بغصة في حلقي، وأتساءل كيف سنتعامل مع شراسة الأسعار التي لا تتسق مع دخل أغلبنا في ظل أزمة اقتصادية التهمت ما كنا ندخره للطوارىء ، وتستنزف ما كنا ننفقه على الرفاهيات؟ هل سيأتي اليوم الذي نكتفي فيه بالتطبيقات الرقمية التي توفر لنا الآف الكتب باشتراكات زهيدة بالمقارنة مع أسعار الكتب الورقية ؟
حين أعلنت الصحف الرسمية عن اليوم الأول من فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 ، والمقام بأرض المعارض في التجمع الخامس الذي شهد استقبال ما يقارب 400 ألف زائر ، دُهشت من الرقم رغم بهجة الصور، ذهبت في اليوم الرابع لأفك شفرة علامة استفهام كبيرة وضعتها حول العدد الذي قرأته وتصدر العناوين الرئيسة، صممت أن أتجول في أغلب القاعات وأتنقل بين دار وأخرى.
بعد جولة طويلة امتدت لساعات في سماوي وبيت الحكمة ودار الشروق ودون والمحروسة والمصرية اللبنانية والهيئة العامة للكتاب وبج باد وولف والعين، جلست لألتقط أنفاسي قبل استكمال المسيرة، لم تكن جلسة راحة قدر ما كانت جلسة اكتشاف، حقائب سفر تكتظ بعشرات الكتب، أمهات وآباء قطعوا مئات الكيلو مترات من أقاليم الوجهين: القبلي والبحري ومن محافظات الحدود مقيمين في أماكن استضافة ليوم واحد قبل العودة لمحافظاتهم ليتركوا أثرًا في نفوس صغارهم ، شبابٌ جاءوا عاملين بنصيحة أمير الشعراء “أحمد شوقي”:
تجد الكتب على النقد كما ..تجد الأخوان صدقًا وكذابًا.
فتخيرهاكما تختاره.. وادخر في الكتب والصحب اللبابا.
صالح الأخوان يبغيك التقى ..ورشيد الكتب يبغيك الصوابا.
علمت من أغلب الذين التقيت بهم وسألتهم أنهم يقتطعون جزءًا من دخلهم لشراء الكتب، حتى بعض الصغار ادخروا من مصروفهم الشهري، بعضهم تنازل عن لعبة ود لو يقتنيها، والبعض الآخر فضل امتلاك كتاب تحتضنه مكتبته الصغيرة عن ثوب جديد يضاف لخزانة ملابسه، منهم من دخل جمعيات مشاركًا بعدة أسهم ونسق مع من يديرها بأن يأخذ حصته بالتزامن مع فعاليات المعرض ،ومنهم من جعل الهيئة العامة للكتاب واجهته ليشتري له ولصغاره ما يريدون بميزانية بسيطة إذ أن أغلب الأعمال الموجهة للصغار لا تتجاوز عشر جنيهات، قصص للراحل القدير يعقوب الشاروني، وأعمالٌ للكاتب المخلص لقضايا الطفولة إيهاب القسطاوي، والكاتبة صفاء عبد المنعم التي ما زالت تكرس جهدها لصغارنا وغيرهم، وقراء اشتركوا في مسابقات تعدها دور النشر للفوز بقسائم شراء Purchase voucher.
اقتنيت منها أربعة أعمالًا نقدية لطه حسين ومصطفى ناصف برسوم لم تتجاوز المائة جنيه.
وختامًا كان ولا يزال معرض القاهرة الدولي للكتاب عيدًا ثقافيًّا يلتقي فيه القارىء والكاتب والكتاب دون قنوات اتصال، متكئًا على شباب واعٍ من فريق “أنا متطوع” يستقبل القراء والزائرين بابتسامة مشرقة وبصدر رحب، وبتفانٍ ملحوظ في تقديم العون والدعم، وببهجة لم يفسدها إلا الإقبال الضعيف والباهت لمعظم الندوات، فضلًا عن استغلال بعض سائقي السيارات والباصات المتوجهة للمعرض.
★سكرتيرة التحرير.