مرح غازي: الفنان “رائد القطناني”.. ريشة تحاكي النضال الفلسطيني وتراثه الثقافي.
مرح خالد غازي العودات★
لم تطأ قدماه يومًا أرض فلسطين، ولكنه تشرب واقعها من عائلته التي تنحدر من مدينة يافا، وعاشت حياة اللجوء والتشرد، فحملت لوحاته الهم الفلسطيني، وحركة النضال، ورموز المقاومة، والفدائيين الذين يوجهون فواهات بنادقهم نحو المحتل، نسوة ورجالًا، للدلالة على تكامل النضال بين أبناء وفئات الشعب، وربطها بالحس البصري في مجاز الوصف لتجليات التراث الشعبي، فتنحاز رغباته نحو انتمائه لفلسطين. (الدلو،2020)
رائد القطناني هو أحد الفنانين البارزين في المشهد الفني المعاصر، حيث يمتلك أسلوبًا فريدًا يعكس رؤيته الإبداعية والقيمة الجمالية. يعتبر القطناني من الأسماء التي تركت بصمة واضحة في مجال الفن الفلسطيني، تبدو أعمال رائد القطناني وكأنها تُخلص للمسيرة الفنية الفلسطينية ولمن سبقه من أعمال الروّاد موضوعًا ورمزًا وقضية. وعلى الرغم من قدرة أعمال القطناني على هذا الحشد، والتكثيف للذاكرة البصرية للفن الفلسطيني، إلا أنه استطاع أيضًا أن يصيغ هويته البصرية الخاصة والمتميزة أسلوبًا ومعاصَرة، إذ هي أعمال تتواصل مع الواقع اليومي في فلسطين منذ بداية النكبة وحتى الحرب الحالية على غزة.
الفن التشكيلي، رائد القطناني، الرمزية، الواقعية، النضال الفلسطيني، التراث الثقافي، النقد الفني.
نبذة عن الفنان
الفنان التشكيلي الفلسطيني رائد يوسف القطناني، المولود عام 1973، والمقيم حالياً في مدينة عمان، هو من عائلة فلسطينية مُهجرة ولاجئة، تعود في أصولها إلى قرية يازور قضاء مدينة يافا الفلسطينية. عاش جزءاً كبيراً من عمره في دمشق، متابعاً فيها جميع مراحل حياته الدراسية الأكاديمية والمهنية الوظيفية. (دماج،2021)
وُلِد رائد القطناني في بمدينة اللاذقية في سوريا كان يقيم في دمشق، ومع بداية الأحداث في سورية انتقل إلى الأردن. بدأ شغفه بالفن يظهر في سن مبكرة، وكان يقضي معظم وقته في الرسم واستكشاف الألوان وهذا من خلال قضاء وقته في المكتبة من خلال متابعة المجلات مثل: مجلة ماجد، سامر والعربي وهذا ما اعطى الفنان المخزون البصري منذ الصغر، بالاضافة الى تأثره بالفنان السوري ممتاز البحرة رحمه الله. (المصدر الفنان رائد القطناني)
وأضاف قائلًا لصحيفة “فلسطين”: “كنت أتردد على مكتبة فلسطين، وكان لها الأثر الكبير في التغذية البصرية، لكونها تحتوي على شتى أنواع الكتب والمجلات والقصص، والجرائد من كل أصقاع الوطن العربي، فقوتني بالقراءة بمرحلة طفولتي المبكرة”. ويضيف القطناني: “حبي للرسم بدأ مبكرًا، وظهرت جليًّا بالصف الثامن، فكنت متفردًا ومتميزًا بين أقراني في مادة الرسم”. (الدلو،2020)
عمل الفنان في مجال التصميم الفني والطباعي لسنوات طويلة في سورية وغيرها من الدول، وعمل مدرب فنون ومدرب تصميم جرافيك في العديد من الكليات والمعاهد. شارك القطناني برسوماته في العديد من المجلات والصحف في مجال رسوم الأطفال والكاريكاتير وأغلفة الكتب. وعمل في مجال التصميم الجرافيكي لدى العديد من المطابع والمؤسسات، وفي عدة دول عربية. (الرقاد، 2020)
إضافة إلى اللوحات المرسومة يدويًا، مستخدمًا مختلف الأساليب، ومن بينها: الواقعية، والرمزية، والمفاهيمية، إضافة إلى الجنوح نحو الخيال والفتنازيا في بعض الأعمال. تمتاز غالبية لوحاته بغناها الرمزيّ والبصريّ والدلاليّ، إذ يحشد في اللوحة الواحدة كثيرًا من العلامات والرموز الدالّة على الهوية والتراث الفلسطينييْن.
الشكل (1): الفنان رائد القطناني
التحديات التي واجهت الفنان
من أبرز التحديات التي تعرض لها الفنان رائد القطناني كانت بعد مغادرته لسوريا وذهابه إلى الأردن بسبب الأحداث السورية. خلال هذه الفترة، لم تكن ظروفه المادية والنفسية في وضع يسمح له بالاستمرار في الرسم بسهولة. واجه صعوبات كبيرة نظرًا لتكلفة أدوات الرسم العالية مقارنة بوضعه المادي وقتها، بالإضافة إلى صعوبة إيجاد فرصة عمل تناسب مؤهلاته الفنية العالية.
البداية من جديد: قرر الفنان في عام 2014 أن يبدأ من جديد بعد انقطاع دام 20 عامًا عن رسم اللوحات. استخدم أدوات بسيطة وغير مكلفة مثل ألوان الباستيل الزيتية لرسم 50 لوحة تشريحية تُظهر قدراته الفنية. هدفت هذه اللوحات إلى التعريف بفنه للمجتمع الجديد الذي انتقل إليه. لاحقًا، أقام معرضًا في عام 2015 عرض فيه هذه اللوحات الخمسين.
جائحة كورونا وسلسلة “كليلة ودمنة”: خلال فترة الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا، واجه القطناني تحديات نفسية جديدة، لكنّه قرر استغلال هذا الوقت لإنتاج سلسلة فنية مميزة بعنوان “كليلة ودمنة”. السلسلة تضمنت 20 لوحة رسمها بين عامي 2020 و2021 باستخدام أقلام جافة. السلسلة استلهمت من كتاب “كليلة ودمنة” الذي ترجمه ابن المقفع، حيث نقل الفنان الحكايات التي وردت على لسان الحيوانات إلى أعمال فنية. رغم أن الكتاب الأصلي ركز على الأفكار السياسية، إلا أن القطناني وسّع الأفق ليطرح قضايا متعددة عبر لوحاته.
النهج الفني في “كليلة ودمنة”: سعى الفنان من خلال هذه السلسلة إلى تغيير القاعدة التقليدية التي تتطلب من الرسام تجسيد نصوص الكاتب. عوضًا عن ذلك، كانت اللوحات هي الأصل، حيث يمكن للكتاب أن يبتكروا نصوصًا بناءً على الأعمال الفنية. تظهر السلسلة خيالًا واسعًا وقدرة على استخدام الرموز بطرق مبتكرة، ما يعكس عمق التفكير والرؤية الفنية للقطناني.
الشكل (2): رسومات الفنان رائد سلسلة كليلة ودمنة
السيرة الفنية
المدرسة أو الحركة الفنية
فنان تكاد تختزل أعماله الإرث البصريّ لروّاد الفن الفلسطيني، إذ هي تذكّر المتلقّي بأعمال عبد الرحمن المزيّن، وإسماعيل شموط، وسليمان منصور، وعبد عابدي، وكامل المغنّي، وغيرهم من الروّاد الذين برعوا في تصوير المأساة الفلسطينية، لتبدو أعمال رائد القطناني وكأنها تُخلص للمسيرة الفنية الفلسطينية ولمن سبقها من أعمال الروّاد موضوعًا ورمزًا وقضية. (مسلماني،2023)
ينتمي القطناني إلى المدرسة المعاصرة، مع توجه واضح نحو التعبيرية الرمزية. يتميز رائد القطناني بأسلوب فني يعكس عمق تجربته الإنسانية ورؤيته الفلسفية، حيث يمزج بين العناصر الرمزية والواقعية لخلق لوحات تحكي قصصًا بصرية تعبر عن النضال الفلسطيني. يمكن وصف أسلوبه الفني بأنه توثيقي شعوري؛ فهو يوظف الرموز التراثية، والألوان المعبرة، والتكوينات الديناميكية لنقل مشاعر وأفكار متعددة تتراوح بين الألم والأمل، وبين النضال والتمسك بالهوية أهم العناصر البارزة في أسلوبه. والجدير بالذكر أن أهم الفنانين الذي تأثر بهم هو الفنان الفلسطيني سليمان منصور صاحب لوحة “جمل المحامل”.
تأثير المدرسة التعبيرية: تأثر القطناني بفكر الحركات التعبيرية، لكنه استطاع دمج هذه التأثيرات مع التراث العربي وبالاخص الفلسطيني. يظهر ذلك في استخدامه للرموز الفلسطينية مثل قبة الصخرة والثوب الفلسطيني.
الرمزية في أعماله: يستخدم القطناني رموزًا فلسطينية تقليدية لتوثيق الهوية الثقافية والوطنية، مثل:
مفتاح العودة: الذي يرمز إلى حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم.
شجرة الزيتون: التي تمثل السلام والجذور العميقة في الأرض الفلسطينية.
الثوب الفلسطيني: الذي يعكس التقاليد والهوية الوطنية، حيث يظهر في لوحاته بتطريزاته وألوانه المختلفة.
تأثر بلوحة جمل المحامل: ينقل الفنان قطناني آلام الغربة والشتات بلوحاته ويقول، “تعرفت على فلسطين في طفولتي عبر لوحة (جمل المحامل) للفنان المبدع الكبير سليمان منصور، يجسد بها رجلا يحمل مدينة القدس في كيسٍ من الخيش على ظهره ويسير، وقد كانت موضوعةً في غرفة الجلوس في منزلنا”. يتابع القطناني الوصف، ومن خلال هذه اللوحة عرفت هويتي ووطني.. من خلال لوحة فقط، ومن هنا أدركنا أهمية أن تحملَ جدراننا لوحاتٍ توثقُّ مدننا الفلسطينية وعاداتنا وتقاليدنا، تخلد أفعال أجدادنا وأدواتهم وحتى ملابسهم، فكل شيءٍ في فلسطين مهما كان صغيرًا هو تراثٌ كبير ينبضُ بالحياة وجزء من تلك البيوت القديمة المليئة بتفاصيل توارثناها جيلًا بعد جيل كالحكايا. (الرقاد،2020)
الشكل (3): جمل المحامل
المرحلة الجامعية ومشروع التخرج (1994)
في عام 1994، أنهى الفنان رائد القطناني دراسته في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، متخصصًا في الاتصالات البصرية. كان مشروع تخرجه دراسة فنية تعكس الرموز الكنعانية في التراث الفلسطيني، حيث رسم 10 لوحات باستخدام تقنية أقلام الخشب على الورق. (المصدر الفنان رائد القطناني)
تميز هذا المشروع بالاعتماد على أدوات بسيطة غير مكلفة، لكنه استطاع من خلالها إنتاج أعمال فنية دقيقة وملهمة تحمل رمزية عميقة لكل لوحة. اللوحات كانت كالتالي:
-النجمة الثمانية
-الحية أو العربيد
-عناقيد العنب
-السبع المجنح
-السنبلة
كل لوحة جسدت موضوعًا أو رمزًا من التراث الفلسطيني، مما أظهر قدرة القطناني على المزج بين الإبداع الفني والهوية الثقافية.
الشكل(4): رسومات الفنان رائد القطناني للرموز الكنعانية في مرحلة مشروع التخرج.
الخبرات المهنية بعد التخرج(1994-2014)
نقل القطناني بلوحاته مفردات التراث الفلسطيني الممزوجة بعشق وحب الوطن، فخصص مشروع تخرجه من الجامعة في كلية الفنون الجميلة في مدينة دمشق، عن “الرموز الكنعانية في الثوب الفلسطيني”.
اتجه القطناني بعد ذلك لإنشاء مشروع “قصة وطن”، وذلك برسم لوحات تتضمن التراث الفلسطيني وتفاصيل يوميات الأجداد والحكايا المتوارثة؛ معللًا، حتى يتسنى لأبناء الشعب الفلسطيني رؤية هذا التراث طوال اليوم، وحتى يراها ويتعرف عليها أبناء هذا الجيل فتثُار في دواخلهم تساؤلات حول هذا الوطن العجيب الذي يحمل الكثير من الأشكال الموضوعة في لوحة واحدة، مثل: “قبة الصخرة والمفتاح والحصان”. (الرقاد،2020)
بعد التخرج، عمل الفنان رائد القطناني لسنوات طويلة في مجال التصميم الفني والطباعة في سوريا وعدة دول عربية. كان له بصمة واضحة في مجالات متعددة:
التدريب الفني والجرافيكي: عمل كمدرب لفنون التصميم الجرافيكي في عدة كليات ومعاهد، مما ساهم في تأهيل أجيال من الفنانين والمصممين.
رسوم الأطفال والكاريكاتير: ساهم برسوماته في العديد من المجلات والصحف، حيث قدم أعمالًا تركز على رسوم الأطفال والكاريكاتير.
تصميم أغلفة الكتب: تعاون مع دور نشر مختلفة لإنتاج أغلفة كتب تعكس جماليات التصميم والتعبير الفني.
مجال التصميم الجرافيكي: عمل مع مطابع ومؤسسات فنية متعددة في مختلف الدول العربية، مما أضاف إلى خبراته وتنوع إنتاجه الفني.
عودة الفنان رائد القطناني إلى الفن بعد انقطاع طويل.
بعد انقطاع دام 20 عامًا عن رسم اللوحات، شكّل معرض عمان الذي أقامه الفنان رائد القطناني عام 2015 نقطة انطلاق جديدة له في مسيرته الفنية. كان هذا المعرض بمثابة فرصة لإعادة تقديم نفسه إلى المجتمع الجديد الذي انتقل إليه، ولإحياء شغفه الفني بعد غياب طويل. (المصدر الفنان رائد القطناني)
أهداف المعرض
البداية من جديد
كان المعرض وسيلة للفنان للعودة إلى عالم الفن التشكيلي، حيث استعرض من خلاله أعماله التي تحمل هوية وطنية وتراثية، ليعيد صياغة مسيرته الفنية بأسلوب متجدد.
التعريف بالفنان
الهدف الآخر من المعرض كان تعريف الجمهور الجديد بفنه وقيمه الجمالية، خصوصًا أنه انتقل إلى مجتمع مختلف يحتاج إلى التعرف على رؤيته الفنية ورسائله.
خصائص أعمال القطناني بعد العودة
الهوية الفلسطينية
ركز القطناني في لوحاته على إبراز الهوية الفلسطينية باستخدام رموز تراثية مثل المرأة الفلسطينية بزيها التقليدي، قبة الصخرة، والبرتقال. كانت هذه العناصر حاضرة بقوة كرسائل تؤكد ارتباط الفلسطينيين بتراثهم وأرضهم.
التقنيات والألوان
اتسمت أعماله بعد عودته باستخدام ألوان مشرقة ودافئة تعبر عن الأمل والتفاؤل، مع التركيز على التفاصيل الدقيقة لإظهار عمق التراث والهوية.
التواصل مع الجمهور
من خلال هذا المعرض، استطاع القطناني أن يبني جسرًا للتواصل بين ماضيه الفني وحاضره، حيث تفاعل الجمهور مع أعماله التي حملت روح الأصالة والانتماء.
معرض جذور، عمان (2015)
في عام 2015، أقام الفنان رائد القطناني معرضًا فنيًا مميزًا في العاصمة الأردنية عمان، حيث استعرض مجموعة من اللوحات التي حملت بين تفاصيلها قصصًا متشابكة تجمع بين الرمزية والهوية الفلسطينية. تناول المعرض عبر لوحاته أفكارًا متنوعة تعكس تاريخ الشعب الفلسطيني وقضاياه الإنسانية والثقافية، وقدم كل مجموعة لوحات بأسلوب فني مختلف يحمل رسالة فريدة. مما جعل الجهور يتعرف على قدراته كفنان حيث إن أعماله تم رسمها بألوان الباستيل الزيتية وهذه تقنية ليس من السهل أن تُطوعها حتى تعطي نتائج مبهرة كما قدمها الفنان رائد القطناني في المعرض.
المجموعات الفنية في المعرض
مجموعة “المرأة الفلسطينية”
ركزت هذه المجموعة على إبراز دور المرأة الفلسطينية في النضال والحفاظ على الهوية. قدم القطناني صورًا رمزية تعبر عن صمود المرأة الفلسطينية ودورها في نقل التراث والحفاظ عليه. جاءت اللوحات مشبعة بالألوان الترابية التي ترمز إلى الأرض والتاريخ.
مجموعة “الأبواب القديمة”
استلهم الفنان في هذه المجموعة جماليات الأبواب الفلسطينية القديمة التي ترمز إلى التاريخ، الذاكرة، والتحديات التي مر بها الشعب الفلسطيني. كل باب مغلق أو مفتوح كان يحمل دلالة رمزية عن الفرص والتحديات.
مجموعة “الرموز الشعبية”
تضمنت هذه المجموعة لوحات استحضرت رموزًا شعبية فلسطينية مثل الشجرة، الحقل، والحمامة. كل رمز كان يحمل قصة عن التراث الثقافي أو الكفاح الوطني الفلسطيني، وجاءت اللوحات بتكوينات تمزج بين الواقعية والرمزية.
مجموعة “الهوية والانتماء”
ركزت هذه المجموعة على مفهوم الهوية الفلسطينية من خلال شخصيات ووجوه تمثل النسيج المجتمعي الفلسطيني. كانت اللوحات غنية بالتفاصيل والتعبيرات التي تحكي قصص الأمل والمقاومة.
تحليل المعرض
عبر معرض عمان، استطاع رائد القطناني أن ينقل رسالة عميقة عن الشعب الفلسطيني وقضاياه من خلال فن بصري يعكس مزيجًا من الحزن والأمل، الماضي والمستقبل، أظهرت أعماله قدرة فريدة على التفاعل مع الجمهور من خلال الرموز الفنية والدلالات الثقافية.
الشكل (5): من أعمال الفنان رائد القطناني في معرض جذور 2015
الشكل (6): من أعمال الفنان رائد القطناني في معرض جذور 2015
التقنيات الفنية
يعتمد القطناني على التلوين الطبقي، حيث يضيف الطبقات اللونية تدريجيًا لتكوين عمق بصري وإحساس بالملمس. يوظف تقنية الخطوط الديناميكية لتوجيه العين عبر اللوحة، مما يخلق شعورًا بالحركة والنشاط.
يمزج بين الأسلوب الواقعي والخيالي ليمنح أعماله لمسة تعبيرية تنقل المشاعر الإنسانية.
الألوان:
تتميز لوحاته باستخدام الألوان الدافئة كالبرتقالي والأحمر، لتعكس العاطفة والنضال. تتداخل مع هذه الألوان درجات البنفسجي، الأزرق والرمادي التي تعبر عن الحزن والمعاناة. يحرص على التوازن بين الألوان لإبراز تفاصيل اللوحة وجعلها أكثر تأثيرًا بصريًا.
التكوين السردي والرموز:
تحمل أعمال القطناني طابعًا سرديًا، حيث تُجسد اللوحات مشاهد من حياة اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك مشاهد التهجير، المخيمات، والأمل في العودة. يوظف التكوينات البصرية بحيث تأخذ شكل قصة متكاملة داخل إطار اللوحة، ما يجعل المشاهد يغوص في تفاصيلها ويفهم الرسالة دون كلمات.
ويوضف الرموز الفلسطينية بلوحاته منها الثوب الفلسطيني العريق، فذلك الجزء من تراثنا يكاد يمحى وينسى وسط عاصفة التطور والتقدم التي نعيشها وتجتاح عالمنا، وإن لم نستطع تخليده على أرض الواقع ورؤيته فمن واجبنا نقله للجيل الجديد، وإن كان على شكل لوحة تحمل تلك الأجواء الفلسطينية القديمة وتشعرهم بالحنين لذلك الوطن المليء بالأعاجيب الصغيرة والكبيرة، وإن كان بعيدًا ولم يستطيعوا العيش فيه فسحر اللوحة يبني بداخل كل منهم الانتماء العميق للوطن ويحفره في أذهانهم. (الرقاد،2020)
يستوحى الفنان عملًا آخر من الترويدة الفلسطينية، والترويدة أو الملولة هي نوع من الفولكلور الغنائي الفلسطيني انتشر فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، صيغت كلمات أغانيه لتبدو كشيفرة غير مفهومة، وأبرز ما في الترويدات وضع حرف اللام بكثرة بين الكلمات، وذلك حتى لا يستطيع المستعمر البريطاني، الذي يفهم بعضًا من اللغة العربية، إدراك معناها. واستخدمت الترويدة في نقل رسائل بين المعتقلين وأهلهم، كما استخدمتها النساء في نقل رسائل للمعتقلين تخبرهم بقدوم الفدائيين لتحريرهم. (مسلماني،2023)
البعد الإنساني:
يركز القطناني على الوجوه البشرية في لوحاته، حيث تظهر ملامح الحزن، القوة، والصمود بوضوح.
يعتمد على تعابير الوجه والحركات الجسدية للتعبير عن الحالة الشعورية لشخصياته، مما يضفي طابعًا إنسانيًا قويًا على أعماله.
الرسالة من أعماله:
يهدف القطناني من خلال أسلوبه إلى ترسيخ الذاكرة الفلسطينية وتعزيز الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية. أعماله ليست مجرد لوحات جمالية، بل هي بمثابة دعوة للتأمل والتفاعل مع تاريخ ومعاناة شعبه، مما يجعل من فنه وسيلة مقاومة ناعمة.
القصيدة والأغنية لوحة ناطقة:
لرائد القطناني تواصل خاص مع التراث الكلامي الفلسطيني والعربي، بما يحويه من أغانٍ وقصائد، فالأغاني بذاتها تمدّه بالشحنة والطاقة الوجدانية للرسم، وهي تتحول في دورها إلى أعمال فنية، كما الأغنية الشهيرة “أذكر يومًا كنت بيافا”، للأخوين رحباني، وغنّاها جوزيف عازار، التي تروي سيرة التهجير من يافا إبّان النكبة. تصور اللوحة رجلًا بصورة أقرب إلى المسيح يجّر قاربًا في بحرٍ من خلفه، ويحمل برتقالة كبيرة في يده، إشارة إلى يافا، بينما تلتفّ الكوفية الفلسطينية على صدره وخاصرته. يمثل الرجل معاني الحقّ والتمكّن من استرداده، والإصرار على استرداده، ويمثل كذلك البشارة في العودة إلى يافا. (مسلماني،2023)
الشكل (7): من لوحات الفنان رائد القطناني المستوحاه من قصيدة
نقد فني للوحة (1)
الوصف
عمل فني للفنان رائد القطناني بعنوان على هذه الارض ما يستحق الحياة “محمود درويش”
أبعاده: 70*100 سم
نوع المادة المستخدمة: باستيل زيتي على كرتون في النسخة الاصلية، أما الاخرى رسم رقمي
الشكل (8) الشكل(9)
تظهر في اللوحة امرأة فلسطينية مسنة ترتدي الزي التقليدي المطرز، وهي تحمل صينية عليها مجسم لمدينة القدس مع قبة الصخرة بوضوح. الخلفية تحمل عناصر رمزية مثل شجرة زيتون ومشهد للقمر، مع ألوان هادئة تتدرج بين الوردي والبنفسجي، مما يضفي جوًا هادئًا وحالمًا.
التحليل
استخدم الفنان عناصر رمزية تمثل الهوية الفلسطينية: المرأة تمثل الصمود والأرض، والزي التقليدي يعكس التراث. شجرة الزيتون ترمز للجذور والتمسك بالأرض، بينما قبة الصخرة توضح قدسية المكان. التباين بين التفاصيل الدقيقة والضوء المتوهج يبرز العمق البصري.
التفسير
اللوحة تجسد فكرة الحنين للوطن والتشبث بالهوية الفلسطينية. المرأة كرمز للأرض والقدس تعكس قوة الصمود في وجه التهجير. الألوان الهادئة تعبر عن الأمل والسلام، بينما المشهد الليلي يعكس لحظة من التأمل في الماضي والمستقبل.
الحكم
العمل فني متكامل يعكس بصدق الروح الفلسطينية وقضيتها. اختيارات الفنان الرمزية والتقنية نجحت في إيصال رسالة قوية ومؤثرة، مما يجعل اللوحة عملًا إبداعيًا ومهمًا في سياق الفن الفلسطيني المعاصر.
نقد فني للوحة (1)
الوصف
عمل فني للفنان رائد القطناني بعنوان إنا عائدون “محمود درويش”
أبعاده: 60*150 سم
نوع المادة المستخدمة: ألوان أكريليك على قماش
الشكل (10): لوحة الفنان رائد القطناني نحن عائدون مستوحاه من قصيدة محمود درويش
اللوحة تعرض امرأة فلسطينية من الخلف، تجلس على كرسي وترتدي الزي التقليدي المطرز مع غطاء رأس أبيض طويل يتدلى وينساب ليتصل بالأرض، مغطياً مجموعة من المنازل.
الخلفية تتضمن سماء ملبدة بالغيوم، وطيور بيضاء تطير في الأفق، مع وجود أشجار في الزاوية اليمنى تضيف بعدًا طبيعيًا.
الألوان الأساسية هي درجات الأزرق والبنفسجي، مع لمسات من الأبيض والأسود، مما يخلق تباينًا بين الهدوء والغموض.
تفاصيل المنازل المغطاة بالقماش الأبيض تشير إلى الحماية أو الغموض، وتترك انطباعًا غامضًا حول المشهد.
التحليل
التكوين البصري: وضع المرأة في الزاوية اليمنى من اللوحة يوجه الأنظار نحو الخلفية المفتوحة، مما يعطي إحساسًا بالاتساع والانفتاح.
الألوان: الاستخدام البارز لدرجات الأزرق والبنفسجي يخلق جوًا هادئًا ومليئًا بالعاطفة، مع إشارات إلى الغموض والتأمل.
التفاصيل الرمزية: القماش الأبيض الذي يغطي المنازل قد يشير إلى الحماية، السلام، أو التستر على شيء ما، بينما الطيور تعبر عن الأمل والحرية.
الحركة والإيقاع: انسياب القماش بشكل طبيعي يربط بين المرأة والمنازل، مما يعزز فكرة الاتصال بالأرض والتراث.
التفسير
اللوحة تعبر عن ارتباط المرأة الفلسطينية بأرضها وتراثها، حيث يمثل القماش الذي يغطي المنازل رمزًا للحماية والارتباط الوثيق بالمكان.
السماء الملبدة بالغيوم تشير إلى تحديات وصعوبات، بينما الطيور البيضاء تحمل رمز الأمل والخلاص.
موقع المرأة ونظرتها غير المرئية يدعوان المشاهد للتأمل في الماضي والحاضر والمستقبل.
الإيجابيات:
العمل يجمع بين البساطة والرمزية العميقة، مما يمنحه قوة تعبيرية عالية.
الألوان المتناغمة تضفي على اللوحة جوًا من الهدوء والغموض.
التفاصيل الدقيقة في القماش والمنازل تضيف إحساسًا بالتواصل بين الإنسان والمكان.
السلبيات:
قد يجد البعض أن التركيز على المرأة من الخلف يحرم المشاهد من التفاعل العاطفي المباشر مع تعابير الوجه.
الخلفية الغائمة قد تبدو مظلمة قليلًا لبعض الأذواق، مما قد يقلل من إحساس الأمل.
بشكل عام، يُعتبر العمل فنيًا قويًا يجسد العاطفة والهوية الفلسطينية بأسلوب بصري رمزي مؤثر.
المعارض التي شارك بها
تمثل معارض الفنان التشكيلي رائد القطناني محطات هامة في مسيرته الفنية، حيث تنقل من خلالها بين عدة دول، عارضًا أعماله التي تعكس هويته الثقافية وقضاياه الإنسانية. شكلت هذه المعارض فرصة للتفاعل مع جمهور متنوع، ونقل رسائل عميقة عن الهوية الفلسطينية والتراث العربي من خلال لغة الفن البصري. في كل معرض، استطاع القطناني أن يجمع بين الإبداع الفني والرمزية التاريخية، مما عزز مكانته كواحد من أبرز الفنانين التشكيليين في العالم العربي.
المعارض حسب الترتيب الزمني
معرض جذور – عمان، الأردن (2015)
ركز على استعراض التراث الفلسطيني عبر رموز مستوحاة من البيئة الثقافية الفلسطينية.
معرض حنين – الزرقاء، الأردن (2016)
تناول من خلاله مشاعر الحنين إلى الوطن، مستعرضًا لوحات تعكس الهوية والانتماء.
معرض يوم الأرض – الجامعة، عمان، الأردن (2016)
ارتكز على الاحتفاء بيوم الأرض الفلسطيني، موثقًا من خلال الفن قصص النضال والارتباط بالأرض.
معرض على طريق القدس – عمان، الأردن (2016)
خصصه لتسليط الضوء على القدس كرمز للصمود والهوية الفلسطينية.
معرض زهر اللوز – لندن، بريطانيا (2017)
تميز بعرض لوحات تتناول جماليات التراث الفلسطيني، مع التركيز على الطبيعة الرمزية لزهرة اللوز.
معرض القدس مدينة الأحزان – إسطنبول، تركيا (2018)
تناول القضية الفلسطينية من خلال تصوير القدس كمدينة للصراع والألم، مع رسائل تعبر عن الأمل والسلام.
معرض ميراث – إسطنبول، تركيا (2018)
ركز على الإرث الثقافي والتاريخي للشعب الفلسطيني، عبر لوحات تجمع بين الواقعية والرمزية.
معرض حكاية أحرار (2018)
استعرض قصصًا عن الحرية والنضال، مع التركيز على التضحية في سبيل الوطن.
معرض فلسطين حكاية ولون – الأردن، تركيا، البوسنة، كندا.
جال هذا المعرض بين عدة دول، مستعرضًا لوحات تحكي عن فلسطين بلغة اللون والفن.
بالإضافة إلى هذه المعارض، شارك القطناني في العديد من المعارض الدولية الأخرى، مما وسّع نطاق انتشار فنه وأثره في المشهد الفني العالمي.
الخاتمة
أخيرًا، تمثل أعمال رائد القطناني رواية بصرية ليوميّات الفلسطيني تحت الاحتلال، حيث يمكّن الاطلاع عليها من قراءة الأحداث التي تشهدها فلسطين من خلال اللوحة، وهي لا تكتفي بتصوير الحدث فحسب، وإنما تعزز حضوره بالإشارة إلى تاريخه الشمولي من الصراع، وإلى الهوية عبر حشد الرموز الدالّة عليها في اللوحة. ولعل الهوية المكانية والطبيعية الفلسطينية حاضرة بمجموعها في أعمال القطناني، بدايةً من قبّة الصخرة والقدس بقبابها وكنائسها وكُلّيتها، والقرية الفلسطينية، وشجرة الزيتون، والبرتقال، وعنب الخليل، وخارطة فلسطين الشاملة. (مسلماني،2023)
تمثل مسيرة الفنان رائد القطناني مثالًا ملهمًا على قدرة الإنسان على تجاوز التحديات وتحويلها إلى قوة دافعة للإبداع. من خلال أعماله، استطاع أن يدمج بين التراث والحداثة، مقدمًا رؤية فنية مميزة تجمع بين الجوانب الجمالية والرسائل الإنسانية. يعد القطناني فنانًا ترك بصمة لا تُمحى في المشهد الفني العربي، وما زالت أعماله تلهم الأجيال الجديدة من الفنانين والمبدعين.
الشكل(11): من أعمال الفنان رائد القطناني عن عمان
المصادر
مسلماني، 2023
الرقاد، 2020
دماج، 2021
الدلو، 2020
موقع سند للأنباء
موقع أخبار العالم
موقع صحيفة الرأي
موقع البيان
موقع لمه
موقع ويكبيديا
رابطة أدباء الشام
مقابلة تلفزيون رؤيا
مقابلة التلفزيون الأردني
مقابلة قناة الغد
فيديو ملخص قصة الفنان رائد
مصدر الصور صفحة الفنان رائد القطناني الرسمية
تسجيلات صوتية بمقابلات شخصية مع الفنان رائد القطناني
★باحثة في مجال التصميم والتواصل البصري.