د. جمال مليكة: تعجز الكاميرا.. ينجح الرسام
حكايات من بلدنا وعبقرية الرسام الإيطالي اليزياني بلدنا
د. جمال مليكة★
جيوزيبي اليزياني؛ فنان إيطالي ولد عام (1952)، ببلدية ماسينيانو في ضواحي منطقه ليماركى بوسط إيطاليا، وتلقى مرحلة التعليم الإجبارية واتجه إلى دراسة الفن في مراسم بعض الفنانين.
أقام معارض عديدة، واشترك في عديد من المهرجانات، وحصل على جوائز وأهمها ميداليتا رئيس جمهورية إيطاليا، وميدالية قداسة بابا الفاتيكان، كما شارك في بينالي شرم الشيخ الدولي للفنون، وحصل على جائزة البينالي في دورته الثانية.
يعيش جيوزيبي اليزياني في منطقه ليماركي وسط إيطاليا، وهي منطقة جبلية ريفية، تعتمد على الكثير من إنتاجاتها المحلية من الخضراوات والفواكه، وتتمتع بأجواء ساحرة، حيث إنها تقع على البحر الذي يساهم في اعتمادها في موسم الصيف على السياحة.
والفنان اليزياني مقيم بهذه المنطقة منذ ولادته، ويربطه بها ذكريات منذ طفولته وفى بالته الفنان نرى مجموعة ألوان، يتغلب عليها اللون الأخضر بجميع دراجته، حيث إنه بألوانه يصحبنا داخل أجواء لوحاته، ويعيشنا معه لحظة بلحظة متوغلاً في أعماق مساحاته اللونية، وضربات فرشاته التعبيرية، وكأننا نعيش معه اللحظة التي هو يعيشها من خلال ذكرياته، والتي حرص أن يقتني منها كل ما هو مؤثر ومعبر، من خلال أهميتها التي تكونت بكيانه أباً عن جد، عمدنا أن نكون بضيافته، ويتجول بنا داخل إبداعه من جبل لجبل، ومن بقعة لبقعة، حتى ننتهي داخل نافذة منزله، الذى تطل من لوحته على جبال المنطقة، ويشاور لنا اليزياني من خلال نافذته عن ما تفعله الطبيعة من وراء جبالها، ومن خلال فرشاته التي تقص لنا حكاية بعد الأخرى، وكأنها مجموعة تفصيلات تتغلب عليها الطبيعة الصامتة، وكأنها تعزف لحن السكون.
وتَعمَّدَ الفنان أن يحصر كل تكوين داخل مربع، وكأنه لوحة تحكي عما يستطيع اليزياني المضايف في تقديم ما تملكه المنطقة، مما تشتهيه النفس في حيز من الروعة، يربطه بالمربع المجاور، له سحر الطبيعة التي يندمج بعضها ببعضها الآخر، في مونتاج رائع من الكادرات، التي تكاد أن تكون فوتوغرافية، ولكن تعجز الكاميرا عنها.
وفى الحقيقة هي تكوينات من واقع خيال الفنان المعتمد على الروتينيات اليومية، التي يمارسها متجولاً بين زوارق الجبال وروعة أشجارها، وهو ثابت أمام لوحته، يتحرك من خلال فرشاته بداخلها، باحثاً عن كل لحظة وكل خطوة خلف كل بقعة لون، وكل تكوين في نشوة إبداعية سامقة.
يخترق اليزياني أغوار الطبيعة، وينفذ إلى أعماقها ليرتب مشاهدها، في ملمس لوحاته الناعم المنظم، الذي يؤثر في كيان المشاهد، وكأنه أحد ابطالها، حتى ولو لم يكن رآها أو عايشها من قبل.
حيت إنها تتحدث بلغة العين التي تصل لجميع الطبقات والثقافات، ليس لأنها تحمل الشكل الكلاسيكي، وإنما لأنها تتحدث وتنطق بلغه، تكويناتها تنغمر تحت درجات ألوان عديده، تنقلنا للتو إلى روح معالم وأجواء المكان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
★ فنان تشكيلي ــ ايطاليــا، مصــر