ڤيرونيا فارس: “برغم القانون”.. حين يخلق الماضي عدوانية الحاضر ؟!
ڤيرونيا فارس ★
يتأثر الإنسان منذ صغره بكل شيء حوله، سواء كان نفسياً أو جسدياً، وتبقي تفاصيل حياته موثرة فيه على المدى القريب (طفولته) وعلى المدى البعيد (بلوغه ونضجه)، ويعود جزء كبيرمن هذا التأثر إلى الآباء والأمهات؛ لأنهم هم المسئولَون عن تربية أبنائهم، وما يمرون به خلال مراحلهم العمرية من تصرفات، وأساليب، ومواقف يعيشونها معهم، ويبقى كل ذلك مترسخ في أذهان الأطفال من صغرهم حتى كبرهم، سواء كان سلبياً أو إيجابياً، وبذلك يعود الدور الأساسي إلى الوالدَيْن في تربية أبنائهما، وتكمل العوامل المحيطة بالطفل باقي تكوين شخصيته (البيئة والثقافة) ومع سلوكيات الإنسان تظهر تفاصيل شخصيته، سواء كان شخصية سوية، أم شخصية معقدة، ومتأزمة نفسياً بأفكار معينة، أثرت عليه، ويتسلط الضوء بشكل كبير على الشخصية غير السوية نفسياً، وهي شخصية “أكرم”.
حيث تروي قصة المسلسل، مجموعة من الجرائم التي ارتكبها البطل”أكرم” مثل، التزوير، وانتحال شخصية أخرى، والقتل، والنصب، وإنكار نسب أولاده، كما أنه تسبب في كثير من الكوارث لمن حوله ، بأذيتهم، وتدميرهم نفسياً، وجسدياً؛ بدايةً من تسببه في ضياع أخيه وهو صغير، ونتج عن ذلك وفاة أمه من الحزن عليه، وأيضاً حاول تدمير زوجته الأولى نفسياً، وعقلياً بعد أن صانته عشر سنوات أثناء هروبه، بعد أن قتل أباها، وتسبب في إحداث عاهة مستديمة لأخيها، وهو ابن عمه أيضاً، كما أنه هرب، وترك زوجته الثانية (ليلى) “إيمان العاصي” ، وأنكر نسب أولاده، كما أنه تسبب في حرق محل صديق عمره؛ الذي وقف بجانبه في كل خطواته.
هذه التصرفات الكارثية، نابع جزء كبير منها من الماضي، وظهر هذا من خلال الأحداث؛ التي كشفت عن ماضي “أكرم” ؛ الذي تاثر نفسياً من صغره بسبب حب واهتمام والديه بأخيه من ذوي الاحتياجات الخاصة، أكثر منه؛ فكل هذا العنف الذي ارتكبه”أكرم” ناتج عن مشاعر من الحب والاهتمام والحنان قدمها والداه لأخيه؛ فتسببت هذه المشاعرـ رغم إيجابيتها ـ في أن تخلق بداخله الكره، والضغينة لأخيه لأبعد الحدود، وجعلته يتسبب في ضياعه إلى الأبد، ويكون نتيجة هذا الإجرام، بسبب مجموعة من مشاعر صادقة، شعر “أكرم” أنها لأخيه، وليست من حقه.
أحياناً نستهين بمشاعرنا، وأنها قد تؤثر على من حولنا بالسلب، أو بالإيجاب؛ لكن يبقى ماضينا مؤثر على حاضرنا إلى الأبد، وهذا ما حدث لهذه الشخصية، فقد بدأ تأزمها النفسي من الصغر حتى تضخم هذا التأزم، وتحول هذا الإنسان مع الزمن، من إنسان يجب أن يكون سَوِيَّاً إلى مجرم، يفعل كل ما هو ضد الإنسانية، ومبادئها، لا يهتم بمصير من حوله، فهو لا يخشى الخوف، ولا الندم، وبرغم القانون وعقوبته إلا أنه لا يخاف من المحاسبة؛ حتى أصبحت نهايته الإعدام، وإعدام ماضيه، وحاضره.
من خلال هذا العمل الدرامي اِستطاع المخرج أن يخلق حبكة درامية مشوقة بالأحداث، لم يعطِي فرصة للملل أبداً، ومن أهم العناصر التي ساهمت في هذا التشويق، الأداء التمثيلي؛ الذي أبدع فيه الممثلون، وأيضاً عنصر الصورة؛ الذي اهتم به المخرج من خلال اختيار تصوير جزء كبير من الأحداث في محافظة من أجمل محافظات مصر، وهي بورسعيد؛ التي تتسم بالجمال والروعة.
مسلسل (برغم القانون)
قصة: ريمون مقار
تأليف: نجلاء الحديني
بطولة: إيمان العاصي (ليلى) ، وهاني عادل(وليد) ، ومحمد القس (أكرم) ورحاب الجمل(فاتن) ، ومحمد محمود عبد العزيز (محمود شرشر)
إخراج: شادي عبد السلام، المولود سنة (1989) الذي شارك كمساعد مخرج ثانٍ ، في مسلسل “لحظات حرجة3 “[2012]، ومسلسل “بدون ذكر أسماء” كمساعد مخرج (اسكريبت إكسسوار) (2013)، ومسلسل “أفراح القبة”[2016] (كاستينج دايركتور).
★ خريجة قسم الدراما والنقد المسرحي ـ جامعة عين شمس ـ مصر.