إذاعة وتليفزيون

نهى إبراهيم: دراما رمضان …لا يصح إلا الصحيح.

 

نهى إبراهيم

تراودني تلك الجملة كثيراً بأنه أبداً لا يصح إلا الشيءالمضبوط والمطهو جيداً، لكن كانت تقابلني عثرات كبرى بهذه الأيام، فكثيراً ما تختلط المفاهيم والمعايير؛ حتى بات الطالح فالح، والفالح لا محل له من الإعراب !
على مستوى الدراما المصرية، ظلت تلك النغمة تُتَنَاول بشكل كبير على مدار السنوات الفائتة، فور انقلاب الدراما من طول العام لموسم واحد فقط، وهو الرمضاني منه، اِختلفت الرؤى عندما توافد عدد من المخرجين الجدد، الذين كانت لهم نسخة متباينة من الفكر، لكنها توافقت مع عدد كبير من طوائف الشعب المنهك ، المرهق الذي يتمنى من يشاطره تلك الهموم، لكن بصورة دراما لا تؤرق عقله، لكنها تريحه بشكل كبير، فكانت دراما “محمد سامي”، التي بدأها بـ “الأسطورة”، ومن قبله “حكاية حياة”، ثم “البرنس” الغريب بالأمر،اِستكمال السلسلة، التي تقوم على صراع الإخوة بشكل وحشي؛ حتى “ولد الغلابة” ثم أخيراً “سيد الناس” الذي يعتبر نسخة مطابقة بشكل كبير، لجعفر العمدة سواء بمواقع التصوير، وأغلب نجوم العمل ، هل استنساخ نسخة من عمل قديم يُعَدُّ نجاحاً أم إفلاساً، كما حدث على الشاشة من كمية ألفاظ غير مبررة ، نظرات مخيفة لا تنم سوى عن حقد وكره بين الشخصيات ، بكل صراحة هذا العمل لم يَرُقْ لكثير منا على الإطلاق؛ ولذا كانت النهاية، اِعتزال فى صورة اعتذار من مخرج.


على الجانب الآخر، وعلى سبيل الراحة النفسية، كانت تجربة “تامر محسن” الجديدة (قلبي ومفتاحه) التي يقف بها “آسر ياسين” لأول مرة وجهاً لوجه مع “مي عزالدين” التي سجل المسلسل عودتها من جديد، كظهور راقٍ وجميل هذا العام، أعجبنا أداء “آسر” السهل الممتنع، وتجسيده لشحصية مدرس فيزياء، والخوض فى فكرة المعلمين على الإنترنت، وكيف يقومون بالتفاعل مع الطلاب، راقني هذا الأمر كثيراً، عندما التفت لشريحة من خريجى كلية العلوم المتواجدين بكثرة بيننا، لكن مهدور حقهم، لم يتوانَ “دياب” بإظهار ذكائه الفني من جديد، عندما قدَّم دور “طليق” مي عز الدين ، كانت قدرته الهائلة بإبراز الشر مختلطاً بخفة ظل وقبول من جانب المشاهدين، كما توج العمل بإضافة الفنان الراقي “أشرف عبد الباقي” فكان ظهوره اللطيف كشخصه باستمرار .


منذ بداية شهر رمضان كان رهاننا الأكبر على شباب الفنانين وتجاربهم، التي تجسدت فى مسلسل “ولاد الشمس” “80 باكو” ، و”نص الشعب اسمه محمد” وقد نجح الرهان بـ “ولاد الشمس” الذي غيَّر به “طه الدسوقي، جلده من الكوميدي لدور إنساني جديد فى حين أكمل “أحمد مالك” سلسلة أعماله، التي تقوده نحو المقدمة، ومصافِّ النجوم ، برع “محمود حميدة” كعادته بدور الشر؛ لتأتي النهاية المحزنة لأحد أبطال العمل “طه الدسوقي” لنرى كمية الصدق فى الأداء، ونشعر بالخير فى شباب الدراما ” 80باكو” وعالم جديد من البشر، يضم شريحة كبيرة من السيدات والفتيات، التى تسعى كل منهن لكسب قوت يومها بكل قوة ، مواقف ومشاهد تمثيلية أظهرت قوة الفنانة “إنتصار” التي لا تتوانى بإثبات موهبتها الكبيرة عملاً يليه آخر، ثم “هدى المفتي” التي أثبتت جدارة بهذا الدور، وكذا “رحمة أحمد” التي بدلت ذلك الوجه الدرامي عندها لغيره التراجيدي، ومن هنا نتأكد أن الممثل الكوميدي هو تراجيدي كبير لو توافرت له الفرصة .


من ضمن التجارب التمثيلية بموسم الدراما هذا العام ،
تجربة الثنائي “عمرو محمود ياسين” و”ياسمين عبد العزيز” لأكثر من عام ، فكان التقدم هذه المرة على حساب مشاعر الجمهور، وتقديم الناحية الرومانسية على الأكشن ، فكرة اختلاف الأسرة ما بين شخوصها، وتقديم الخير والشر، بطريقة مختلفة لا تخرج سوى من سيناريو جميل، اِستطاع أن يجتذب شريحة كبيرة من الجمهور، الذين أشادوا بثنائية “ياسمين” مع “كريم فهمي” الناجحة ، وعلى نفس السياق، كان التقدم الشعبي الكبير لمسلسل “فهد البطل” الذي نجح السيناريو ببراعة فى تقريب “العوضي” من جديد لشريحة كبيرة من المجتمع ، فلم نعجب بعمل له سوى ذلك، نظراً لاكتمال الصورة من فنانين قاموا بأفضل أدوارهم بهذا العمل، والعودة القوية للفنان “أحمد عبد العزيز”، والظهور القوي لـ “كارولين عزمي” ، “ميرنا نور الدين” ، “حمزة العيلي”، ” محمود البزاوي” ، “صفوة” ،”حجاج عبد العظيم” ، و”عصام السقا” ، وكذلك سيناريو جيد اتبع حبكة جيدة منذ بدايته ، أعجبنا خلو العمل الشعبي من ألفاظ غير مناسبة، أو عبارات غير صحية؛ لذا كان التفوق من قِبَلِ الجمهور لهذا العمل .
اِنتصف الشهر، وقد احتارت عقولنا بين خيبة مسلسلات “محمد سامي” ، ورِقَّةِ ” تامر محسن” ، وأزياء واستعراضات (جودر) و(حكايات المداح) المتشابهة وكوميديا (العتاولة) غير المنصفة هذه المرة؛ لتتحول الدفة لنصف آخر جديد .
“لام شمسية” اِستطاع أن يجتذب الآهات بكل قوة منذ بداية حلقاته، وعلى مدار الأسبوعين السابقين ، فكرة العمل، والتحرش بالأطفال، وكيف يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة من جانب الوالدين ، دور الوالدين فى التعامل مع هذه الكارثة، وكيفية نشر الوعي داخل المجتمع ،عمل أضاف للدراما المصرية، الكثير من خلال مشاهد عبقرية جمعت كل نجوم العمل… نلاحظ تفوق كبير لـ ” محمد شاهين” بدور المتحرش، وتحول هائل، وقفزة عالية بمشوار “السعدني” ، وكم من المشاهد، التي بروزت اسمه من جديد، فى حين استمرت “أمينة خليل” فى كسب القلوب من خلال طبيعتها الجميلة، وتمثيلها التلقائي، لو قدر لعمل أن ينال النجمة الذهبية لهذا العام لحاز “لام شمسية” على تلك الجائزة؛ لأهمية العمل، الذي حاول مخرجه “كريم الشناوي أن يظهرها بشكل كبير كعادته؛ لينال استحسان كل الجمهور، والنقاد .


وإن تحدثنا عن الطبيعية والتلقائية، لن أجد كلمات تفي حق الفنانة “ريهام عبد الغفور” بآدائها الممتع والقوي هذا العام من خلال مسلسل “ظلم المصطبة” من خلال ثنائيتها الجديدة مع تميمة حظها “إياد نصار” وعمل جميل جداً كانت به منافسة ثلاثية شرسة بين بطليه، و”فتحي عبد الوهاب” ليحوز على إعجاب الكثيرين، وسط هوجة من التصنع، والافتعال من الكثيرين.
بالنهاية الأعمال الدرامية لهذا العام، ضمت الكثير، والكثير منها الكوميدي ، التراجيدي ، الشعبي، وكذلك الرومانسي، لكن انطبقت بالنهاية بعد ليالي من العرض المتواصل مقولة” لا يصح إلا الصحيح” ولن يفوز بالنهاية، إلا ما كان مكتملاً بشكل كبير.


★كاتبة ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى