إذاعة وتليفزيون

منيرة العبد الجادر:”فعل ماضي”..يستوقفنا بعلامة استفهام!

منيرة العبد الجادر★

حين تكون حياتك مرهونة بمقطع فيديو؛ ماذا يمكن أن يحدث!؟

هذا ما يناقشه مسلسل “فعل ماضي”، تأليف علياء الكاظمي، وإخراج عبد الله بوشهري، بطولة شجون الهاجري، ومحمود بوشهري، وعلي كاكولي، والذي يعرض على منصة شاهد.

تتمحور ‏فكرة المسلسل حول شخصية براك، الذي يتغذى على ابتزاز الفتيات، حيث يتقمص دور العاشق إلى أن يصطاد فريسته، ويهددها بمقاطع يقوم هو بتصويرها لها، حتى يتمكن من طلب مبلغ 50 ألف مقابل شراء الفتاة لسمعتها.

وكما هو واضح، فإن العنوان يرمز لفعل حدث في السابق، إلا أن المتابع للمسلسل، يلاحظ حشوه بكم هائل من (الفلاش باك)، تأكيداً للعنوان “فعل ماضي”، حيث تتراكم مشاهد (الفلاش باك) في بداية كل حلقة، وخلالها أيضاً، علاوةً على ما سبق أغلب تلك المشاهد (الفلاش باك) مرتبطة بعلاقة هند وسعود، وذكرياتهم، وهذا يدل على رغبة صُنَّاع العمل بتعبئة الحلقات، على الرغم من أنها 8 حلقات فقط!

أيضاً من غير المقنع أن يبتز “براك” كل امرأة بعدة مقاطع، ويقوم بطلب 50 ألف من كل واحدة على كل مقطع فيديو!؟ خاصة وأن النساء لا يبدو عليهن الثراء، فكيف من الممكن أن يدفعن 50 ألف عن كل فيديو، ولعدة مرات!؟

رد فعل

حين ابتز “براك” شخصية “عنود”، تفاجأ بمواجهته بأسلوب مختلف، مما سبب له صدمة، حيث أبدت عدم اكتراثها لنشر مقاطع الفيديو؛ ليتزوجها بشكل أسرع عن طريق مركز الشرطة (المخفر)، بالإضافة إلى إفصاحها له، بأنه بذلك يحقق رغبتها بالزواج منه، ويبدو أن المسلسل يحاول تقديم “عنود” كقدوة للفتيات اللاتي يقعن في الموقف ذاته؛ بل قدمها المسلسل باعتبارها النموذج الذي أعجب “براك”، الذي لم يعد قادراً على النشر، وأبدى إعجابه بقوة شخصيتها.

قدم المسلسل أيضاً نموذجاً آخر، تَمَثَّلَ في شخصية “نورة”، التي تم ابتزازها كذلك، فبعد أن ارتدت ثوب الضحية، نجدها تعود لتنتقم من “براك” عن طريق أخته، حيث اتَّبَعَت نفس النهج الذي يسير عليه “براك” بالاتفاق مع “عيسى” الذي كان على علاقة بأخت براك، ليقوم بابتزازها بمقطع فيديو، إلى أن أدى ذلك لانتحار أخت براك!

‏غياب المنطق

يلاحظ المتلقي بسهولة أن دوافع الانتقام لدى شخصية “نورة” غير منطقية، والسبب يكمن في إعطائها المبلغ لبراك، دون مواقف تدلل على ابتزازها، فلا يوجد مبرر قوي وراء الانتقام، كما أنها لم تنل جزاءً لفعلتها، فلم يعرف أحد أنها قامت بالاتفاق مع “عيسى” الذي قتل على يد “براك”.

كما أن العلاقات بعضها ببعض غريبة، وغير منطقية، على سبيل المثال زوج هند، ‏أخذ يتقرب من زميلته بالعيادة، ‏ثم ذهب معها إلى شقة يجلس فيها صاحبه ‏والفتاة الأجنبية،‏ ‏حينما تصله ‏مقاطع هند، ‏يطلقها، ويتزوج من زميلته!!

صحوة دراماتيكية..

من خلال متابعتنا للمسلسل، لم نجد ذرة اهتمام من قبل “براك” بأخته، بدليل مشهد دخولها مركز الشرطة عندما تشاجرت مع “عيسى”، كما أن “براك” لم يهتم بحديث أخته عن (الكارما)، هذا بالإضافة لطبيعة شخصيته؛ التي استغلت ضعف الفتيات، وقامت بابتزازهن، فكيف نصدق أن هذا النوع من البشر قد يندم أو أن لديه ضميراً من الأساس؛ ليصحو فجأة!؟

مع الأسف، رغم أن قضية الابتزاز التي يطرحها مسلسل “فعل ماضي” مهمة في عصرنا هذا، إلا أن المسلسل‏ من وجهة نظري لم يعالجها بصورة جيدة، وكان بالإمكان أن تطرح بشكل أفضل، من واقع الحياة، وبصورة مقنعة أكثر.


★ خريجة قسم الأدب والنقد المسرحي ـ المعهد العالي للفنون المسرحية ـ الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى