رانا أشرف: ” عمر أفندي”.. إذا عدت للماضي، ماذا ستفعل؟
رانا أشرف★
تدور أحداث مسلسل (عمر أفندي) حول شخصية (علي) ؛ الذي اكتشف سرداباً يستطيع من خلاله الانتقال عبر الزمن من 2024 إلى 1943 ، في بداية الأمر كشف هذا السر لعائلته، وزوجته ووالدها؛ ليتهموه بالجنون، ويرسلوه إلى مصحة خاصة ، على الجانب الآخر يكتشف أن والده كان يذهب إلى هناك، وأن لديه زوجة تدعى دلال، وابنتة اسمها زينات .
صياغة العمل ما بين العالمين يوضح معاناة (علي)، في عالمه وذاته التي عثر عليها في العالم الآخر ، ومناقشة أفكار جادّة داخل قالب كوميدي لايت.
وهو عبارة عن حدوتة بسيطة؛ قدمت بشكل بسيط، وربما هذا هو سبب انجذاب المشاهد لها.
لماذا فضل الجمهور مشاهد الماضي ؟
غرابته واختلافه عن زمن المتلقي ، تورط المشاهد في الأحداث مع مشاعر البطل؛ الذي وجد ذاته هناك، فوجد الأمان والاستقرار، وأحب وجوده هناك، وكذلك المشاهد، وجماليات الماضي، وأسلوب الحوار ، والبراءة ، والبساطة ، واختلاف زمن الأحداث بين الماضي والحاضر ، واختلاف الطبقات في كل زمن بين الفقر والغنى، هذا التباين لعب دوراً مهماً في فهم شخصية (علي)، أكثر وأوضح تشتته.
(علي) لديه موهبه الرسم ، أحب فتاة من طبقة أعلى من طبقته؛ ينظروالدها له نظرة دونية ، ويريد أن ينهي علاقة ابنته به ، ولكن ينصاع إلى رغبة ابنته، ويأخذ (علي)، للعمل معه كي يرتقي بمستواه الاجتماعي ، فتنتقل نظرة الأب إلى ابنته (ميران عبد الوارث) فتاة مدلـلة، لا تستطيع أن تفعل شيئاً بمفردها ، دائماً ما تعود إلى والدها لحل مشكلاتها ، لديها أزمة مشاعر؛ لم تستطع فهم زوجها عندما حكى لها ما حدث له، واتهمته بالجنون دون النظر إليه، ولا محاولة فهم ما حدث له؛ علاقتها مع ابنتها علاقة غير واضحة؛ دائماً ما نراها في العمل ، لم نرها في مشهد إنساني مع ابنتها، أو نرى مشهد حب ودفء وأمان للعائلة؛ التي هي جزء منها على عكس (زينات) المفعمة بالحياة؛ التي تبحث عن الحب مثل والدتها (دلال) التي تنتظر (تهامي) رغم غيابه بكل الحب ، شخصية زينات؛ التي أجادت في تقديمها (آية سماحة) ، بكل براءة وصدق؛ جعل المشاهد ينتظر ظهورها ، مشاهد الرومانسية بينها وبين البطل رسم شخصيتها كفتاة تعمل كي تنقذ نفسها، ووالدتها من أن تصبحا بلا مأوى نتيجة لحجز (أباظة) على البنسيون.
تناقض مقصود بين البطلتين من عالم الماضي والحاضر؛ بين الجمود والحيوية؛ بين المادية والإنسانية؛ جعلنا نميل لكفة الماضي .
(دياسطي) الذي قام بدوره الفنان مصطفي أبو سريع، الشخصية التي أتصور أن مرجعها في الكتابة فيما يخص عمل ساعي البريد إلى شخصية (عباس) التي قدمها الفنان شكري سرحان، في فيلم (البوسطجي) تأليف يحيي حقي، وإخراج حسين كمال ، من ملابس وبعض الأفعال مثل كسر الوحدة، والفضول بالاطلاع على الرسائل، وقراءتها قبل تسليمها لأصحابها؛ كما أن المخرج لم ينكر ذلك على مستوى الصورة، فنجده يصور كادرات لدياسطي مثل كادرات (عباس ) اِقتباس من الماضي.
(دياسطي) يلعب دور صديق البطل والتابع؛ الذي يعزز وجود البطل في الماضي ، رغم رفضه لكونه تابعاً، ومحاولة البحث عن ذاته، ولعب دور البطولة في حياته؛ والتي ينجح فيها بالفعل حتى ولو بشكل مؤقت.
أما عن الشخصيات الشريرة: شلهوب (محمد رضوان) اليهودي صاحب محل الذهب؛ ذكرني بشخصية الفنان (شفيق نور الدين) في أفلام إسماعيل يس ، لكنه أضاف إليها الكثير .
أباظة (محمود حافظ) صاحب الكازينو؛ شخصية منحطة استغلالية؛ كان من الممكن تقديم الكثير من التفاصيل داخل هذه الشخصية؛ باعتبارها الشخصية الدافعة للأحداث، والتي يسعى (علي) لسداد دَين (دلال) لديه .
جميع شخصيات العمل؛ شخصيات ذات بُعد واحد؛ ما عدا (علي)، وزينات.
طرائف ما بين العالمين
عندما حاول (علي) سداد دَين (دلال) اِشتري ذهباً بمبلغ كبير؛ ليبيعه في الماضي بمائة وخمسين قرشاً؛ ليكتشف الطريق أن من الحاضر إلى الماضي لن تجد لشيء قيمة ، قيمته تكمن في تحوله من الماضي إلى الحاضر ، وبتلك الطريقة؛ اِستطاع (علي) أن يجني المال ببعض الرسومات؛ التي يقوم برسمها في الماضي، ثم يبيعها في الحاضر؛ لتجني الكثير في المزادات.
الديكور وملابس الماضي موفقة بشكل كبير
تقسيم بيت الاب الذي انتقل (علي) للعيش بداخله، ومشاهد توضح أن (علي) يسير على نهج والده ، تغيرت وجهة نظر (علي) بعد الانتقال إلى بيت والده، وكأنه لبس عباءته؛ رغم رفضه لتصرفات والده فيما سبق؛ إلا أنه أصبح مثله، ويفعل ما كان يفعله.
مسلسل (عمر أفندي) من تأليف مصطفي حمدي، الذي قدَّم أفلاماً مثل شلبي ، ومن أجل زيكو، وثانية واحدة، ومسلسلات، مثل على باب العمارة.
لا يوجد اختلاف في طريقة الكتابة؛ التي تعتمد على الموقف ؛ حدث بداخله الأبطال، أو هدف يحاولون الوصول إليه.
والمسلسل من إخراج عبد الرحمن أبو غزالة، ويعد هذا المسلسل أول عمل له ، فقد عمل من قبل مساعد مخرج أول في مسلسل الاختيار 2 ، وفيلم من أجل زيكو .
★ ناقدة ـ مصر.