سينما

شهد إبراهيم: في ” توم وجيري”.. لماذا نقف كلنا مع الظالم؟!

شهد إبراهيم ★

تعد سلسلة “توم وجيري” من أشهر الأعمال الكرتونية في تاريخ الرسوم المتحركة؛ حيث يعتمد العمل على فكرة الصراع الأبدي بين القط توم، والفأر جيري، الذي قد نشأ عليه العديد من الآباء والأمهات، من جميع الأعمار السنية، ومختلف الثقافات من الجنسين، رغم أنه من المعروف أن سلسلة “توم وجيري” لا تقدم جديداً؛ فما سبب النجاح الساحق الذي حققته تلك السلسلة؟

في البداية دعونا ننظر لماهية العلاقة بينهما، “جيري” الفأر اللص الانتهازي؛ الذي يقوم بِحِيَل طوال الوقت تجاه “توم” القط الغبي، وجميع تلك الحِيَل تنتهي بهزيمة القط، واستسلامه أمام الفأر، ذلك النمط من أشهر أنماط الكوميديا الناجحة؛ التي ذكرها (بو علي ياسين) في كتابه (بيان الحد بين الهزل والجد)، ويعرف هذا النمط بـ “تبادل الأدوار” ؛ حيث إن من المعروف أن القط يتغذى على الفأر في السلسلة الغذائية، وأنه أكثر منه قوة، ولكن؟!

نظرة الظالم

خلف تبادل الأدوار هذا إضفاء هالة من خفة الدم على الفأر “جيري” ، وتقديمه في صورة الضحية الجذابة؛ الذي يستحق التعاطف، وجعل القط ـ الذي يقوم بواجبه ـ في صورة الغبي والشرير، القط الذي من الأساس وضع على عاتقه مسؤولية حماية البيت من الفأر، فالأصح أن يكون هو المحمود؛ لأنه صاحب حق الدفاع، فنجده يلبي طلباته، ويساعده على السرقة؛ ليتخلص من ازعاجه له، يحاول مطاردته تارة، ويمل تارة أخرى من تلك اللعبة السخيفة؛ ولكن في حقيقة الأمر بعيداً عن “توم وجيري” كسلسلة أفلام ترفيهيه قصيرة، يضحكنا هذا؛ لأن لدى عقل الإنسان دائماً فكرة هدامة، وهي أن الأفضل في حالات الاستعمار هو التزام الصمت، وعدم السعي والبدء في الحروب؛ لعدم إلحاق ضرر لأي أحد، ليصيرالوضع بعد ذلك أن يصبح “البناء الأصلي” تابعاً لبناء خارجي ـ هش ـ خادماً له، بانياً لمصالحه!

وبالنظر لجميع حلقاته؛ سنجد أن العمل لا يخلو من العنف، معتمداً على الألم؛ حيث مشاهد الصواريخ، والحروق، والضرب، والألم، والصراخ، وعلى الرغم من قسوة تلك المشاهد خاصة، ولأنها تقدم لفئة الأطفال؛ إلا أنها تستدعي المُشاهد للضحك! على الرغم من أن صراخ “توم” كان عبارة عن صراخ بصوت رجل بشري، وليس تألماً بالصوت المعروف للقطط وهي تتألم، فهل العنف هذا؛ وخاصة لتألم بشر مثلنا شيء يستدعي الضحك؟!

“الضحك على ألم الآخرين، هو شماتة”

هذا ما عرَّفه أرسطو، وأفلاطون في نظرية “التفوق” فنجد الضحك النابع عن ألم “توم” ليس إلا شماتة؛ لأن معظمنا يتعرض لشخصية كـ توم في حياته؛ تُمثل له عائقاً في ما يريد الوصول له، فعندما يلحق بهذا العائق أذى من المتوقع الشعور بالضحك، بالإضافة إلى أن ربط الألم بالكوميديا؛ هذا شيء قديم سواء الضحك على الشخص المضروب، أو من يضرب، بمصطلح آخر في علم النفس “السادية” و “المازوخية” وهما مصطلحان متناقضان، فالشخصية السادية تتلذذ بمشاهد العنف والضرب تجاه الآخرين، وعلى النقيض المازوخي وهو من يتلذذ بالضرب والشعور بالألم، على الرغم من أن هذه المفاهيم قد تكون غير واضحة للمُشاهد، إلا أنها تجعل من العمل دراسة خفيفة لطبيعة النفس البشرية.


★ طالبة بقسم الدراما والنقد ـ جامعة عين شمس ـ مصر.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى