مسرح

محمد القلاف: «جزى البارحة» صراع النساء والشك والانتقام؟!

محمد القلاف★
جزى البارحة جفني من النوم .. جزى من غرابيل الزمان”
رددت بيت الشعر هذا، وأنا أشاهد مسرحية (جزى البارحة) ضمن العروض المشاركة في مهرجان الكويت المسرحي 23، وتذكرت شعر  الراحل «فهد بورسلي» شاعر الكويت الشعبي المتمرد.

هيا السعيد ومصعب السالم

صراع وجدال!

مسرحية (جزى البارحة) مسرحية  تراثية تتناول حقبة ما بين العشرينات إلى أوائل الخمسينيات، حيث  صراع الأسرة ما بين الأختين وبين الأم وابنها، كانت الأخت (هيا السعيد) تعشق (أبو سعود) الذي قام بدوره في الكبر وفترة الشباب وهم الأخوين (عبدالهادي وعبدالوهاب علي) قبل زواجه من أم سعود (حنان المهدي) وبعد غيابها وفقد أثرها التقت أم سعود بحبيب أختها ثم تزوجته وأنجبت منه سعود وعادوا للمنزل القديم ووجدوا أختها بالمنزل ثم دارت الأحداث وتصاعدت، هنا دب الشك في( أم سعود)  في جميع أفراد العائلة، مما أحدث صراعًا وجدالًا مع ابنها وأختها ثم مع زوجها، فشقيقتها أرادت الانتقام من أختها بالزواج من ابن أختها لتكيد أختها بالتغزل بحبيبها السابق( أبو سعود) ، هنا حدثت الويلات والمعاناة لجميع أفراد الأسرة، إلى أن فقدت الكل بسبب ذنبها السابق الذي اقترفته أي زواجها من حبيب أختها.

مشهد من العرض

لم يكن سهلًا!

المسرحية التراثية صعبة جدًا وخاصة في التعامل مع الأحداث آنذاك والمعلومات التي كانت في وقتها وزمنها، من هنا كانت هناك ملاحظة في مسألة قبول( أبو سعود) العمل عند والد زوجته (أم سعود) وقام بتزويج ابنته له، وأعطاه نصف المعرض( الحفيز)، والذي نعرفه أن هذه الأمور صعبة جدًا أن يقوم شخص بهذا الأمر، فالحالة المعيشية في تلك الفترة كانت صعبة ، والحصول على النقود( الروبيات) لم يكن سهلًا، وأغلبهم مديونين بمعنى أن الذي يملك المال كان صعبًا أن يفرط فيه خاصةً أصحاب المكاتب أو أصحاب التجارة.

حنان المهدي


كيف قُدمت الأدوار؟

دور الممثلين بشخصياتهم المناطة لهم، كانوا يقدمون عرضًا متميزًا ومتناغمًا ومتناسقًا سواءً بالدخول أو الخروج، دور الابن مصعب السالم  (سعود) جسد دور الابن وخاصة في الصراع مع والدته فلم يتمرد عليها على الرغم من تحديه لها، أما (هيا السعيد) فكانت كعادتها تملك القدرة على التعامل مع أي شخصية تطلب منها تقديمها وكانت الأخت المنتقمة، وأما الأخوين عبدالهادي وعبدالوهاب (أبوسعود) فقد اجادوا الدور الذي كانوا مكلفين فيه وأبهروا الحنهور في تجسيد دور الأب في مرحلتين له في شبابه وعندما أصبح والد في كبره، أما حنان المهدي التي قامت بدور  (أم سعود) فقد كانت بصمتها واضحة في دور المرأة في الماضي  وتحملها أعباء العائلة وصراعاتها معها.

فكرة البئر  كانت ملفتة،  فالبئر هو الذي يستخرج منه الماء، وفي المسرحية هو الذي يستخرج الأسرار بل هو نوافذ الاعتراف والبوح بما يجول في النفس، وكأنها اشبه بقاعة المحاكمة وهذا ما حدث  حين تمت محاكمة (أم سعود) في النهاية.

هيا السعيد

باختصار حين تشاهد المسرحية  تشعر وكأنك  نقرأ شعر الراحل «فهد بورسلي» في رائعته ( جزى البارحة) ، فمن يتأمل قصة المسرحية جيدًا، سيجد فيها الكثير من الألم الكبير الذي تركه بورسلي في قصيدته الشهيرة .

فريق العمل
مسرحية جزى البارحة
تأليف: فلول الفيلكاوي
إخراج :د. عبد الله العابر
تمثيل : حنان المهدي، هيا السعيد، مصعب السالم، عبد الهادي علي، عبد الوهاب علي
فرقة المعهد العالي للفنون المسرحية.


★ناقد-الكويت.

مقالات متعلقة

زر الذهاب إلى الأعلى